الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النهي عن افتراش الذراعين في السجود
قال الإمام في تلخيص الصفة فقرة 94:
ويرفع ذراعيه عن الأرض، وجوبا، ولا. يبسطهما بسط الكلب.
وقال في أصل الصفة:
وكان لا يفترش ذراعيه؛ بل كان ينهى عنه.
[أصل صفة الصلاة (2/ 746)]
رفع اليدين ومباعدتهما عن الجنبين في السجود
وكان يرفعهما ويباعدهما عن جنبيه حتى يبدو بياض إبطيه من ورائه. وحتى لو أن بَهمة أرادت أن تمر تحت يديه؛ مرَّت.
وكان يبالغ في ذلك حتى قال بعض أصحابه: «إن كنا لنأوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مما يجافي بيديه عن جنبيه إذا سجد» . وكان يأمر بذلك؛ فيقول: «إذا سجدت؛ فضع كفيك، وارفع مرفقيك» . ويقول: «اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط «وفي لفظ: كما يبسط» الكلب». وفي لفظ آخر وحديث آخر: «ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب» . وكان يقول: «لا تبسط ذراعيك [بسط السبع]، وادّعم على راحتيك، وتجاف عن ضبعيك؛ فإنك إذا فعلت ذلك؛ سجد كل عضو منك معك» .
قوله: «حتى يبدو بياض إبطيه» : ليس فيه - كما قيل - دلالة على أنه لم يكن صلى الله عليه وسلم لابساً قميصاً؛ لأنه وإن كان لابساً له؛ فإنه قد يبدو منه أطراف إبطيه، لأنها كانت أكمام قمصان ذلك العصر غير طويلة، فيمكن أن يُرى الإبط من كمها، ولا دلالة فيه على أنه لم يكن على إبطيه شعر - كما قيل -؛ لأنه يمكن أن المراد: يرى أطراف إبطيه لا باطنهما حيث الشعر؛ فإنه لا يُرى إلا بتكلف. وإن صح ما قيل أن
من خواصه صلى الله عليه وسلم: إنه ليس على إبطه شعر؛ فلا إشكال. كذا في «سبل السلام» «1/ 257» .
قوله: «بهمة» كذا هو عند الجميع بفتح الباء؛ قال أهل اللغة: «البَهْمة» : واحدة البهم، وهي أولاد الغنم من الذكور والإناث، وجمع البهم: بهام -بكسر الباء-.
قوله: «اعتدلوا في السجود» قال القاضي أبو بكر بن العربي في «عارضة الأحوذي» «2/ 75 - 76» : «أراد به كون السجود عدلاً باستواء الاعتماد على الرجلين، والركبتين، واليدين، والوجه، ولا يأخذ عضو من الاعتدال أكثر من الآخر. وبهذا يكون ممتثلاً لقوله: «أمرت بالسجود على سبعة أعظم» . وإذا فرش ذراعيه فَرْشَ الكلب؛ كان الاعتماد عليهما دون الوجه؛ فيسقط فرض الوجه». انتهى.
قلت: وهذا المعنى قد جاء منصوصاً عليه في حديث ابن عمر الآتي في الأصل: «فإنك إذا فعلت ذلك؛ سجد كل عضو منك معك» .
وقد ذكر نحوه ابن دقيق العيد فقال: «لعل المراد بالاعتدال هنا: وضع هيئة السجود على وفق الأمر؛ لأن الاعتدال الحسي المطلوب في الركوع لا يتأتى هنا؛ فإنه هناك استواء الظهر، والعنق، والمطلوب هنا ارتفاع الأسافل على الأعالي.
قال: وقد ذكر الحكم هنا مقروناً بعلته؛ فإن التشبه بالأشياء الخسيسة يناسب تركه في الصلاة». انتهى.
والهيئة المنهي عنها أيضاً مشعرة بالتهاون وقلة الاعتناء بالصلاة. اهـ. من «فتح الباري» «2/ 240» . وقد قال الترمذي - بعد أن ساق الحديث -: «والعمل عليه عند أهل العلم؛ يختارون الاعتدال في السجود، ويكرهون الافتراش كافتراش السبُع» .
وقوله: «وادعم راحتيك» : أي: استند عليهما.
وقوله: «وتجاف» : هو من «الجفاء» : البعد عن الشيء. يقال: جفاه؛ إذا بعد عنه،