الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأمين المأموم يكون بُعيد تأمين الإمام
وكان يأمر المقتدين بالتأمين بُعَيْدَ تأمين الإمام؛ فيقول: إذا قال الإمام: {غَيْرِ المُغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ؛ فقولوا: آمين؛ [فإن الملائكة تقول: آمين. وإن الإمام يقول: آمين].
«وفي لفظ: إذا أمَّن الإمام؛ فأمِّنوا» ؛ فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة، «وفي لفظ آخر: إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين. والملائكةُ في السماء: آمين. فوافق أحدهما الآخر»؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه.
قوله: «فقولوا» : حمل الجمهور هذا الأمر على الندب، ومنهم ابن حزم في «المحلى» «3/ 262» .
قال الحافظ «2/ 210» : «وحكى ابنُ بَزِيزة عن بعض أهل العلم وجوبه على المأموم؛ عملاً بظاهر الأمر.
قال: وأوجبه الظاهرية على كل مصل».
قال الشوكاني «2/ 187» : «والظاهر من الحديث الوجوب على المأموم فقط، لكن لا مطلقاً؛ بل مقيداً بأن يُؤَمِّن الإمام. وأما الإمام والمنفرد؛ فمندوب فقط» . اهـ.
قال الحافظ أبو زرعة [العراقي]«2/ 266» : «في الحديث رد على الإمامية؛ في دعواهم أن التأمين في الصلاة مبطل لها، وهم في ذلك خارقون لإجماع السلف والخلف، ولا حجة لهم في ذلك؛ لا صحيحة ولا سقيمة» . اهـ.
وقال الخطابي «1/ 224» : «معنى الحديث: قولوا مع الإمام؛ حتى يقع تأمينكم وتأمينه معاً. فأما قوله: «إذا أمن الإمام؛ فأمنوا» ؛ فإنه لا يخالفه، ولا يدل على أنهم يؤخرونه عن وقت تأمينه، وإنما هو كقول القائل: إذا رحل الأمير؛ فارحلوا. يريد: إذا أخذ الأمير في الرحيل، فتهيأوا للارتحال؛ ليكون رحيلكم مع رحيله، وبيان هذا في الحديث الآخر: «إن الإمام يقول: آمين؛ والملائكة تقول: آمين. فمن وافق تأمينه
تأمين الملائكة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه». فأحب أن يجتمع التأمينان في وقت واحد؛ رجاءَ المغفرة». اهـ.
قوله: «أحدكم» : فيه استحباب التأمين للمنفرد والمأموم أيضاً؛ لعموم قوله: «أحدكم» .
قال صاحب «المفهم» : «وقد اتفقوا على أن الفذَّ يُؤَمِّن مطلقاً، والإمام والمأموم فيما يُسِرّان فيه يُؤَمِّنان» .
كذا في «طرح التثريب» «2/ 267» .
قوله: «ما تقدم من ذنبه» : وأما زيادة: «وما تأخر» . فشاذة ضعيفة في هذا الحديث - كما بينه الحافظ في «الفتح» «2/ 211» -، ومثلها:«غفر لمن في المسجد» .
واعلم أن البخاري ترجم لهذا الحديث بـ: «باب جهر الإمام بالتأمين» .
وكذلك ترجم له ابن ماجه، والنسائي.
قال السندي: «أخذ منه المصنف الجهر بآمين، إذ لو أسر الإمام بآمين؛ لَمَا عَلِمَ القومُ بتأمين الإمام، فلا يحسن الأمر إياهم بالتأمين عند تأمينه.
وهذا استنباط دقيق يرجحه ما سبق من التصريح بالجهر، وهذا هو الظاهر المتبادر (1).
نعم؛ قد يقال: يكفي في الأمر معرفتهم لتأمين الإمام بالسكوت عن القراءة. لكن تلك معرفة ضعيفة؛ بل كثيراً ما يسكت الإمام عن القراءة، ثم يقول: آمين؛ بل الفصل بين القراءة والتأمين هو اللائق؛ فيتقدم تأمين المقتدي على تأمين الإمام إذا
(1) والزيادة تبطل الاحتجاج بالحديث على أن الإمام لا يؤمن، كما يروى عن مالك، ولذلك قال الحافظ:«وهو صريح في كون الإمام يؤمن» .
قلت: ويشهد له اللفظ الثاني. قال ابن عبد البر في "التمهيد"(7/ 13): "وهو قول جمهور المسلمين، ومنهم مالك في رواية المدنيين عنه؛ لصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة (يعني: هذا) ووائل بن حُجْر". يعني الذي قبله}. [منه]