الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تشهده: وأشهد أني رسول الله. فمردود؛ بأنه لا أصل له».
[أصل صفة الصلاة (3/ 883)]
السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد بعد موته
وهو بين ظهرانَيْنَا (1) فلما قُبِضَ؛ قلنا: السلام على النبي.
«ظهرانينا» بفتح النون، وسكون التحتانية، ثم نون. أصله:«ظهرنا» . والتثنية باعتبار المتقدم عنه والمتأخر؛ أي: كائن بيننا. والألف والنون زيادة للتأكيد، ولا يجوز كسر النون الأولى.
قاله الجوهري وغيره. كذا في «الفتح» .
«السلام على النبي» قال الحافظ رحمه الله تعالى «11/ 47» : «هذه الزيادة، ظاهرها أنهم كانوا يقولون: السلام عليك أيها النبي! - بكاف الخطاب - في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم؛ تركوا الخطاب، وذكروه بلفظ الغَيْبة؛ فصاروا يقولون: السلام على النبي» .
وقال في موضع آخر «2/ 250» : «قال السبكي في «شرح المنهاج» - بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده -: «إن صح هذا عن الصحابة؛ دلَّ على أن
الخطاب في السلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم غير واجب، فيقال: السلام على النبي».
قلت: قد صح بلا ريب، وقد وجدت له متابعاً قوياً؛ قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج: أخبرني عطاء:
أن الصحابة كانوا يقولون والنبي صلى الله عليه وسلم حي: «السلام عليك أيها النبي» ، فلما مات؛ قالوا:«السلام على النبي» .
وهذا إسناد صحيح.
(1) أي كانوا يقولون: السلام عليك أيها النبي، وهو صلى الله عليه وسلم بينهم.
وأما ما روى سعيد بن منصور من طريق أبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم علّمهم التشهد
…
فذكره.
قال: فقال ابن عباس: إنما كنا نقول: السلام عليك أيها النبي! إذ كان حياً. فقال ابن مسعود: هكذا عُلِّمْنا، وهكذا نُعَلِّم.
فظاهرٌ أن ابن عباس قاله بحثاً، وأن ابن مسعود لم يرجع إليه، لكن رواية أبي معمر أصح «يعني: رواية البخاري» لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، والأسناد إليه - مع ذلك - ضعيف».
وقد نقل كلامَ الحافظ هذا جماعةٌ من العلماء المحققين؛ أمثال: القسطلاني في شرحه على البخاري، والزرقاني في «المواهب اللَّدُنِّية» وفي شرحه على «الموطأ» ، وعبد الحي اللكنوي في «التعليق الممجد» ، وارتضوه؛ حيث إنهم أقروه «ولم يتعقّبوه بشيء» .
هذا؛ والظاهر أن الصحابة رضي الله عنهم لم يصيروا إلى القول: «السلام على النبي» - بلفظ الغَيْبَةِ - إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا مجال للاجتهاد أو القياس في مثل هذا المقام؛ بل هو عين الابتداع في الدين، وحاشا الصحابة من ذلك، لا سيما ابن مسعود رضي الله عنه، الذي اشتهر من بينهم بشدة محاربته للبدع - مهما كان نوعها -، وقصته في إنكاره على الذين كانوا يذكرون الله مجتمعين، ويعدون التسبيح والتحميد بالحصى أشهر من أن تذكر، وهو القائل رضي الله عنه: اتبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفِيْتُم، عليكم بالأمر العتيق.
ولذا كان يأخذ على أصحابه الواو في التشهد. كما رواه الطحاوي «1/ 157» ، والبزار في «مسنده» بإسناد صحيح.
فمن كان هذا شأنه من التحري في الاتباع؛ كيف يعقل أن يتصرف فيما عَلَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه من التشهد بدون إذن منه؟ ! هذا غير معقول.
أضف إلى ذلك أنه ليس منفرداً بذلك عن الصحابة؛ بل قد نقل هو نفسه -