الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضل الإكثار من السجود
[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]: يا أبا فاطمة أكثر من السجود، فإنه ليس من مسلم يسجد لله تبارك وتعالى سجدة إلا رفعه الله تبارك وتعالى بها درجة في الجنة وحط عنه بها خطيئة».
[ترجم له الإمام بقوله]: فضل الإكثار من السجود.
السلسلة الصحيحة (4/ 23).
ركنية السجود
قال الإمام:
فإذا سجد وهو ركن
…
[تلخيص الصفة فقرة 89]
التكبير ورفع اليدين عند الهوي إلى السجود أحيانًا
قال الإمام في تلخيص الصفة فقرة 86، 87:
ثم يقول: «الله أكبر» وجوبا.
ويرفع يديه، أحيانا.
وقال في أصل الصفة:
ثم كان صلى الله عليه وسلم يكبر، ويهوي ساجداً. وأمر بذلك «المسيء صلاته»؛ فقال له: «لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى
…
يقول: سمع الله لمن حمده. حتى يستوي قائماً، ثم يقول: الله أكبر. ثم يسجد حتى تطمئن مفاصله». وكان إذا أراد أن يسجد؛ كبَّر، [ويجافي يديه عن جنبيه]، ثم يسجد». وكان أحياناً يرفع يديه إذا سجد. [ذكر الإمام
الأدلة الصحيحة على ذلك في أصل الصفة ثم قال]:
هذا، وقد عمل بهذه الأحاديث السلف الصالح رضي الله عنهم؛ خلافاً لما يظنه كثير من الناس، بل جزم بنفي ذلك بعض المتأخرين؛ وهو: الشيخ أنور الكشميري في كتابه «فيض الباري» «2/ 254» ، وسبقه إلى شيء من ذلك أبو جعفر الطحاوي؛ حيث ادعى الإجماع على أن لا يرفع بين السجدتين، ورد عليه الحافظ - كما رد ذلك غيرُه أيضاً؛ على ما سيأتي هناك -. وإليك النصوصَ الواردة عن السلف في ذلك:
1 -
قال أبو سلمة الأعرج: أدركت الناس كلهم يرفع يديه عند كل خفض ورفع.
رواه ابن عساكر كما في «التلخيص» «3/ 272» ، وسكت عليه.
2 -
قال البخاري في «رفع اليدين» «24» : ثنا الهُذيل بن سليمان أبو عيسى قال: سألت الأوزاعي قلت: أبا عمرو، ما تقول في رفع الأيدي مع كل تكبيرة وهو قائم في الصلاة؟ قال: ذلك الأمر الأول. ثم ذكر «ص 18» عن عكرمة بن عمار قال: رأيت القاسم، وطاوساً، ومكحولاً، وعبد الله بن دينار، وسالماً يرفعون أيديهم إذا استقبل أحدهم الصلاة، وعند الركوع، وعند السجود.
قال: وقال وكيع عن الربيع: قال: رأيت الحسن، ومُجاهداً، وعطاء، وطاوساً، وقيس بن سعد، والحسن بن مُسلِم يرفعون أيديهم إذا ركعوا، وإذا سجدوا.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: هذا من السنة.
وقد صرح الحافظ في «الفتح» «2/ 177» بصحة ذلك - يعني: الرفع في غير المواطن الثلاثة؛ الافتتاح، والركوع، والرفع منه - عن ابن عمر، وابن عباس، وطاوس، ونافع، وعطاء - كما أخرجه عبد الرزاق وغيره عنهم بأسانيدَ قوية -. اهـ.
وقد ذهب إلى ذلك غير واحد من أئمة الفقه والحديث؛ ومنهم: إمام السنة أحمد بن حنبل رضي الله عنه في رواية عنه؛ ففي «بدائع الفوائد» لابن القيم «3/ 89» :
«ونقل عنه الأثرم «الأصل: ابن الأثرم» ، وقد سئل عن رفع اليدين؟ فقال: في كل خفض ورفع.
قال الأثرم: رأيت أبا عبد الله يرفع يديه في الصلاة في كل خفض ورفع».
وقال الحافظ أبو زُرعة [ابن العِراقيّ] في «طرح التثريب في شرح التقريب» «2/ 262» - بعد أن ذكر الأحاديث المتقدمة وغيرها -: وصحح ابن حزم وابن القطان حديث الرفع في كل خفض ورفع، وأعله الجمهور. .. فتمسك الأئمة الأربعة بالروايات التي فيها نفي الرفع في السجود؛ لكونها أصح، وضعفوا ما عارضها - كما تقدم - وهو قول جمهور العلماء من السلف والخلف.
وأخذ آخرون بالأحاديث التي فيها الرفع في كل خفض ورفع، وصححوها، وقالوا: هي مثبِتة؛ فهي مقدمة على النفي. وبه قال ابن حزم الظاهري، وقال: إن أحاديث رفع اليدين في كل خفض ورفع متواترة؛ توجب يقين العلم.
ونقل هذا المذهب عن ابن عمر، وابن عباس، والحسن البصري، وطاوس، وابنه عبد الله، ونافع مولى ابن عباس - كذا، والصواب: نافع مولى ابن عمر؛ كما في «المحلى» -، وأيوب السَّخْتِياني، وعطاء بن أبي رباح.
وقال به ابن المنذر، وأبو علي الطبري من أصحابنا، وهو قول عن مالك، والشافعي.
فحكى ابن خُوَيْز مَنْدَاد عن مالك رواية؛ أنه يرفع في كل خفض ورفع. وفي أواخر «البُوَيطي» : يرفع يديه في كل خفض ورفع. وروى ابن أبي شيبة الرفع بين السجدتين عن أنس، والحسن، وابن سيرين.
واعلم أن قوله عن الجمهور: «وضعفوا ما عارضها كما تقدم» : إنما يريد به غير الأحاديث التي سردناها سابقاً؛ لأنه لم يتكلم عليها بشيء في المكان الذي أشار إليه، اللهم إلا رواية من حديث ابن عمر رواها الطحاوي، وقال:«إنها شاذة. وصححها ابن القطان» .
وأما رواية الطبراني التي اعتمدنا عليها؛ فلم يضعفها، بل صححها تلميذ أبيه الحافظ الهيثمي - كما سبق -.
وإذ قد صحت الأحاديث بالرفع في كل خفض ورفع؛ فوجب الأخذ بها، ولا يجوز ردها ومعارضتها بالروايات التي فيها نفي الرفع؛ هذا لما تقرر في الأصول: أن المثبت مقدم على النافي.
وعلى هذا الأصل أخذ جماهير العلماء بالأحاديث المثبتة للرفع عند الركوع، والرفع منه - كما سبق بيانه هناك -، فمن قدم منهم النفي ههنا؛ فهو واقع فيما أنكره على غيره من الحنفية الذين نفوا الرفع هناك -، وقد قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} .
وما أحسن كلام ابن حزم رحمه الله في الجمع بين الأحاديث المختلفة الواردة في هذا الباب قال رحمه الله «4/ 93» : «فكان ما رواه الزهري عن سالم عن ابن عمر زائداً على ما رواه علقمة عن ابن مسعود» . يعني: نفيه للرفع إلا في الإحرام.
قال: «ووجب أخذ الزيادة؛ لأن ابن عمر حكى أنه رأى ما لم يره ابن مسعود من رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه عند الركوع والرفع منه. وكلاهما ثقة، وكلاهما حكى ما شاهد.
وكان ما رواه نافع ومُحارِب بن دِثَارٍ؛ كلاهما عن ابن عمر.
وما رواه أبو حُميد وأبو قتادة وثمانية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من رفع اليدين عند القيام إلى الركعتين زيادة على ما رواه الزُّهْري عن سالم عن ابن عمر، وكلٌّ ثقة، وكل مصدَّق فيما ذكر أنه سمعه ورآه، وأخذُ الزيادةِ واجبٌ.
وكان ما رواه أنس من رفع اليدين عند السجود زيادة على ما رواه ابن عمر، والكل ثقة فيما روى وما شاهد. وكان ما رواه مالك بن الحُويرث من رفع اليدين في كل ركوع، ورفع من ركوع، وكل سجود، ورفع من سجود؛ زائداً على كل ذلك،
والكل ثقات فيما رَوَوْهُ وما سمعوه، وأخذ الزيادات فرض لا يجوز تركه؛ لأن
الزيادة حكم قائم بنفسه، رواه من علمه، ولا يضره سكوت من لم يروه عن روايته؛ كسائر الأحكام كلها، ولا فرق».
وقد ذكرنا فيما سبق [ص 604] كلام البخاري في نحو ما قاله ابن حزم، وسيأتي له كلام أوسع من ذلك في «الرفع إذا قام من الركعتين» إن شاء الله تعالى.
وإنما قلت: أحياناً؛ لأنه - والله أعلم - لو كان يرفع دائماً؛ لرواه الذين رووا الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه. وقد ذكرنا أسماءهم هناك ..
[أصل صفة الصلاة (2/ 706)]