الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغيرهما في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفهم الافتراش على قدمه اليسرى؛ فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له في الصلاة أحوال؛ حال يفعل فيها هذا، وحال يفعل فيها ذاك، كما كانت له أحوال في تطويل القراءة، وتخفيفها، وغير ذلك من أنواعها، وكما توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، وكما طاف راكباً، وطاف ماشياً، وكما أوتر أول الليل وآخره وأوسطه وانتهى وتره إلى السَّحَر، وغير ذلك - كما هو معلوم من أحواله صلى الله عليه وسلم وكان يفعل العبادة على نوعين - أو أنواع -؛ ليبين الرخصة والجواز بمرة أو مرات قليلة، ويواظب على الأفضل منها على أنه المختار والأولى.
فالحاصل: الإقعاء الذي رواه ابن عباس وابن عمر فعله النبي صلى الله عليه وسلم على التفسير المختار، وفعل صلى الله عليه وسلم ما رواه أبو حميد وموافقوه من الافتراش، وكلاهما سنة؛ لكن إحدى السُّنّتين أكثر وأشهر. وهي رواية أبي حميد؛ لأنه رواها وصدقه عشرة من الصحابة - كما سبق- ورواها وائل بن حُجر وغيره؛ وهذا يدل على مواظبته صلى الله عليه وسلم عليها، وشهرتها عندهم، فهي أفضل وأرجح؛ مع أن الإقعاء سنة أيضاً.
فهذا ما يسر الله الكريم من تحقيق أمر الإقعاء، وهو من المهمات؛ لتكرار الحاجة إليه في كل يوم، مع تكرره في كتب الحديث، والفقه، واستشكال أكثر الناس له من كل الطوائف، وقد منَّ الله الكريم بإتقانه، ولله الحمد على جميع نعمه». انتهى كلامه رحمه الله.
[أصل صفة الصلاة (2/ 801)]
سنية الافتراش أو الإقعاء بين السجدتين
قول عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى وينهى عن عقبة الشيطان) رواه مسلم. صحيح.
تنبيه: استدل المؤلف رحمه الله تعالى بالحديث على أن السنة في الجلوس بين السجدتين الافتراش، وحديث أبى حميد أصرح في الدلالة على ذلك ولفظه بعد أن ذكر السجدة الأولى:
«ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها، ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا» . الحديث وقد تقدم تخريجه ولفظه برقم «305» . ومما ينبغي أن يعلم أن هناك سنة أخرى في هذا الموطن وهى سنة الإقعاء، وهو أن ينتصب على عقبيه وصدور قدميه فقد صح عن طاوس أنه قال:«قلنا لابن عباس في الإِقعاء على القدمين في السجود، فقال: هي السنة، فقلنا له: إنا لنراه جفاء بالرجل، فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم» . أخرجه مسلم «2/ 70» وأبو داود «845» والترمذى «2/ 73» والحاكم «1/ 272» والبيهقى «2/ 119» وأحمد «1/ 313» وقال الترمذى: «حديث حسن صحيح» ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: رواه ابن أبى شيبة «1/ 112/1» عن جماعة من الصحابة وغيرهم، ورواه أبو إسحاق الحربى في «غريب الحديث» «5/ 12/1» والبيهقى عن العبادلة الثلاثة عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير. وإسناده صحيح.
وبالجملة فالإقعاء بين السجدتين سنة كالافتراش، فينبغي الإتيان بهما، تارة بهذه، وتارة بهذه، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل. وأما أحاديث النهى عن الإقعاء فلا يجوز التمسك بها لمعارضة هذه السنة لأمور:
الأول: أنها كلها ضعيفة معلولة.
الثانى: أنها إن صحت أو صح ما اجتمعت عليه فإنها تنص على النهى عن إقعاء كإقعاء الكلب، وهو شيء آخر غير الإقعاء المسنون. كما بيناه في «تخريج صفة الصلاة» .
الثالث: أنها تحمل على الإقعاء في المكان الذى لم يشرع فيه هذا الإقعاء المسنون، كالتشهد الأول والثاني، وهذا مما يفعله بعض الجهال فهذا منهى عنه قطعا