الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما يقال اليوم أتوماتيكياً دون أن يتوجه إليه عليه السلام سؤال. «وليضع يديه قبل ركبتيه» وكفى الله المؤمنين القتال.
فإذاً عندنا باختصار حديثين في النهي عن بروك الجمل، أحدهما يبين بصراحة فيقول:«وليضع يديه قبل ركبتيه» والثاني: حديث من فعله عليه السلام أنه كان إذا سجد وضع يديه قبل ركبتيه.
حديث وائل بن حُجْر صريح بأنه كان يضع ركبتيه قبل يديه لو كان صحيحاً، لكنه ضعيف لما ذكرت لكم أن فيه رجل اسمه شريك بن عبد الله القاضي، وله علة أخرى كنت ذكرتها في صفة الصلاة، فلا داعي الآن لذكرها.
(الهدى والنور/711/ 02: 28: 00)
النزول للسجود
مداخلة: هنا سؤال بالنسبة للسجود .. بعضهم يريد يعرف، أكثر الأدلة التي [تدل على] النزول على اليدين لو تفصل في المسألة.
الشيخ: نحن نعتقد أن الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يسجد، إنما كان يسجد على كفيه.
وهنا حديثان: أحدهما: من قوله عليه الصلاة والسلام، والآخر من فعله.
أما الحديث القولي: فهو قوله عليه السلام: «إذا سجد أَحَدُكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل كفيه» .
أما الحديث الفعلي: فهو ما رواه نافع عن مولاه ابن عمر، أنه كان إذا سجد وضع يديه قبل ركبتيه، وقال ابن عمر:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك» .
يقابل هذا حديث عاصم بن كُلَيب عن أبيه عن جده وائل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وكذلك كان إذا قام من السجود قام معتمداً على
ركبتيه وأصابع رجليه، هذا الحديث في إسناده رجل معروف بالعلم والفضل والحكم في قضائه بالشرع، واسمه شريك بن عبد الله القاضي، ولكنه كان ضعيفاً في الرواية .. كان سيء الحفظ.
مداخلة: بعد القضاء أم قبل القضاء.
الشيخ: لا يوجد هذا التفصيل؛ ولذلك يقول فيه «الحافظ ابن حجر العسقلاني» تبعاً «للإمام الدارقطني» بأنه ليس بالقوي.
هذا الحديث لو لم يُعَارَض بالحديثين الأّوَّلين السابقين لم تثبت به سنة، لضعف إسناده من قِبَل شريك بن عبد الله القاضي، فكيف وقد عارضه حديثان ثابتان كما قلت آنفاً، أحدهما من قوله عليه السلام والآخر من فعله، وهذا يُبَيِّن ويُوَضِّح أن لا قيمة للوجهة الفقهية لحديث وائل بن حجر، لسببين اثنين:
أولاً: أنه ضعيف السند، وثانياً: أنه مخالف للصحيح من قوله عليه السلام وفعله، وبعد هذا البيان يُمْكِنُنا أن نقول من حيث الاصطلاح الحديثي: بأنه حديث منكر؛ لأن الضعيف خالف الصحيح فصار منكراً.
الذين يدفعون العمل بالحديث القولي، هم في الواقع لا ينصفون البحث؛ لأنهم حينما لا يستطيعون أن يفهموا الحديث كما جاء؛ ولذلك ينصرفون إلى التشبث ببعض الروايات الضعيفة؛ لأنهم يقولون: البعير يبرك على يديه، والحقيقة أنه يبرك على ركبتيه.
هم بناءً على فهمهم الخطأ، أي: حينما يقولون: البعير يبرك على يديه، فإذا سجد المصلي على يديه تَشَبَّه بالبعير.
إذا قيل لهم: إن الحديث صريح جداً، حينما قال:«إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير» رأساً أجاب: فكيف ينبغي أن يسجد المصلي حتى لا يتشبه بالبعير قال: «وليضع يديه قبل ركبتيه» .
يقول هؤلاء: بأن هذا الحديث من قسم المقلوب، أراد الراوي أن يقول:
وليضع ركبتيه قبل يديه، فأخطأ وقال: وليضع يديه قبل ركبتيه.
مداخلة: أراد أن يقول: ولا يضع.
الشيخ: لا، هم يقولون هكذا، الحديث جعلوه من قسم المقلوب، نعم، «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه» هكذا الحديث الصحيح.
جاء الحديث بالراوية التي هم يستأنسون بها: «وليضع ركبتيه قبل يديه» جاء الحديث هكذا في «مصنف ابن أبي شيبة» والإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله ذكر هذا الحديث واعتمد عليه في ادعاء الانقلاب في الحديث الأول، لكن سبحان الله! حديث ابن أبي شيبة هو الذي ينبغي أن يقال إنه مقلوب لو كان إسناده صحيحاً، لكن في إسناده رجل اسمه عبد الله بن أبي سعيد المَقْبُري وقد كَذَّبوه، فهذا إذا روى حديثاً يخالف فيه الثقة لا يُقَام له وزن، ولا يقال في حديثه إنه مقلوب؛ لأنه الذي ينقلب على الثقة، نعم، لكن هذا حديث موضوع مكذوب؛ لأن الراوي مُتَّهم.
ثم من الغريب وهذه مسألة تثار في مناسبات كثيرة وكثيرة جداً: من الغريب أن العرب أنفسهم، الكثير منهم يتوهم فعلاً أن الحديث مقلوب، هو يقول: ليضع يديه قبل ركبتيه قال: هكذا يفعل البعير، سبحان الله!
البعير لا يفعل هكذا؛ لأننا نعلم أن البعير حينما يسقط من بطن أمه يسقط على أربع، فهو يمشي على أربع، فإذا برك لا يصح أن نقول: يضع يديه قبل ركبتيه، هذا ممكن بالنسبة للإنسان الذي يمشي على رجلين، أما بالنسبة للبعير الذي يمشي على أربع لا يمكن أن يقال في حقه: يضع يديه قبل ركبتيه؛ وذلك لسببين اثنين:
السبب الأول: أن يديه موضوعتان منذ سقط من بطن أمه، فهو يمشي على أربع.
والسبب الثاني: أن ركبتيه في يديه، فهو لا يستطيع أن يُخَالِف بين يديه وبين ركبتيه كما يستطيع الإنسان.
فالغفلة عن حقيقة بروك البعير، تجعل بعض الناس يتوهمون هذا الوهم العجيب، أن البعير يضع يديه قبل ركبتيه، فأنتم تشابهون بالبعير.
نحن ندفع هذا بالواقع، إذا تصورنا جملاً يبرك أمامنا الآن فنتساءل: ما الذي يمس البعير من بدنه الأرض .. ما هو؟
يأتي الجواب: يداه، يا أخي! يداه موضوعتان، فهو حين يبرك ما الذي يضع من بدنه على الأرض قبل كل شيء؟ لا يُحسن الجواب على هذا إلا القليل، يقول إن كان يعرف اللغة العربية سيقول: يضع ركبتيه وهنا الإشكال؛ لأن البعير أول ما يضع من بدنه على الأرض ركبتاه، لذلك قال عليه السلام:«لا تفعل كما يفعل البعير» لأن البعير يضع ركبتيه قبل كل شيء فأنت ضع يديك .. كفيك قبل ركبتيك، فإن عكست فقد تَشَبَّهت بالبعير.
ثم من حيث تَصَوُّرنا، ما الذي ينتج من بروك الجمل أو بروك الإنسان كبروك الجمل .. ما الذي ينتج؟ ينتج ما لا يتناسب مع هيئة الصلاة.
البعير حينما يبرك لا سيما إذا كان مثقلاً بالأثقال، يشعر الإنسان الذي هو قريب من الأرض التي عليها البعير حينما يبرك برجَّة تحت قدميه؛ لأنه برك على ركبتيه.
كذلك نُلاحظ تماماً بالنسبة للمصلين الذين يبركون بروك الجمل، تسمع لسجودهم رجة، خاصة في بعض المساجد في البلاد الباردة كسوريا، مثلاً يكون أرض المسجد مفروشاً بالخشب لدفع البرودة، فتسمع صوتاً عجيباً جداً حينما يبركون على رُكَبِهم.
بينما حينما يسجد العارفون بهذه السنة على أيديهم، لا تحس بأن هناك مُصَلٍّ يصلي، وهذا هو اللائق بالصلاة والخشوع والهدوء فيها.
(الهدى والنور / 79/ 8.: 18: . .)