الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مداخلة: هو مريض الشيخ.
الشيخ: حَسِّن ظنك بشيخك، تظنه لا يزال شاباً! !
عندي وجع في الركب شديد وأتعالج منذ سنة، وبهذا الإمساك الذي صار معي اشتد الوجع في جميع البدن، ازداد الوجع.
الوجع أصاب بدني كله، وازداد الوجع في الرُّكَب، أحياناً أضطر أني أتورك، خاصة إذا صليت خلف إمام أعرف منه بأنه يطيل التشهد، أحيانًا أجاهد نفسي وأجلس غير هذه القعدة، المقصود أن لي عذراً، كالذي يُصَلِّي متربعاً كما تعلم.
(الهدى والنور / 179/ 39: 10: 01)
حكم التورك في الصلاة الثنائية
مداخلة: سؤالي يا شيخنا، لو تُفَصِّل لنا القول في التورك في الركعة الثنائية أو في الصلاة الثنائية؟
الشيخ: في هذه المسألة ينبغي استحضار حديثين، وقد يُلْحَق بهما ثالث.
الحديث الأول: قول عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: «إنما سنة الصلاة نصب الرِّجل اليُمْنَى وافتراش الرِّجل اليسرى» .
هذا الحديث يُعْطينا قاعدة، أن كل جلوس في الصلاة ينبغي على المصلي فيه، أن يَفْتَرِش اليُسْرَى ويقعد عليها وينصب اليمنى.
وهذه القاعدة ككل القواعد الشرعية والعمومات اللفظية النبوية، يجب طَرْدُها واستعمالها، إلا في حالة مجيء نص يُخَصِّص هذا النص العام أو يُقَيّده بصفات أخرى.
وقبل أن أُفِيض في الشرح والبيان، أُريد أن أُلفت النظر إلى ناحية حديثية؛ لنبني عليها الناحية الفقهية.
الناحية الحديثية هي: أن قول الصحابي في أيّ عبادة من العبادات الشرعية، السنة كذا، يكون هذا التعبير في حكم الحديث المرفوع، هكذا ذَكَرُوا في علم مصطلح الحديث.
إذا قال الصحابي: السنة كذا، فهو في حكم المرفوع.
أما إذا قال ذلك التابعيُّ فَمَن دونه، فليس له حكم المرفوع.
والقائل هنا: «إنما سنة الصلاة .. » إلى آخره، هو كما سمعتم عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
فإذاً: هذا النص يُفِيد أن القاعدة في المصلي إذا جلس، يشمل هذا الجلوس في التشهد الأول، يشمل الجلوس في التشهد الثاني، سواء في سلام أو ما في سلام، ويشمل التشهد الأخير الذي فيه سلام، يشمل الجلوس بين السجدتين، إلا إذا جاء هناك نص آخر يُبَيِّن في هذا النص أنه مسألة أخرى لا تدخل في هذا النص العام.
وهنا يأتي دور الحديث الثاني، وهو: حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه حيث كان جالساً في زمرة من أصحاب النَّبي، في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم:«ألا أُصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، قالوا: لست بأعلم منا بصلاته، قال: بلى، فقالوا: فاعرض.
فبدأ يصلي الصلاة التي رآها من النبي صلى الله عليه وسلم.
فلما كان في التشهد الأول افترش كما هو في حديث ابن عمر، ولما كان في التشهد الأخير الذي قبل السلام تَوَرَّك، نصب اليُمنى وأدخل رجله اليسرى تحت ساقه اليمنى، وجلس على فخذه.
وقال في آخر حديثه: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي. فقالوا له: صدقت. هكذا كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
إذاً: هذا الحديث حديث أبي حميد، فيه موافقة لعموم حديث ابن عمر من جهة، وذلك ما يتعلق بالتَشَهُّد الوسط، وفيه ما أقول مخالفة، فيه تقييد أو تخصيص لعموم
حديث ابن عمر؛ لأنه التشهد الأخير الذي فيه السلام، ليست السنة فيه افتراش اليسرى وإنما التورك بها.
قلت آنفاً: إنه ينبغي استحضار حديثين وقد يتلوهما حديث ثالث، الحديثان الآن وضحا، أحدهما قاعدة معتبرة في كل جلسة، هو الافتراش، الحديث الثاني، حديث أبي حميد فيه تفريق بين التشهد الأول الوسط، وبين التشهد الأخير الذي فيه السلام، فالتشهد الوسط يوافق حديث ابن عمر، التشهد الأخير فيه تورك.
بهذا نُعمل الحديثين ولا نَضْرِب أحدهما بالآخر كما فعلت بعض المذاهب، فالمالكي -مثلاً- لا يعرف للافتراش أثراً، كل الجلسات إنما هي التورك، وهذا ما لم نجد له دليلاً في السنة.
على العكس من ذلك المذهب الحنفي، لا يعرف في الصلاة إلا الافتراش، فهذا في طرف وذاك في طرف.
والجمع بين الأحاديث هو الذي يراه كل العلماء على ما بينهم من اختلاف في الفروع.
أما كقاعدة، فينبغي ضم الأحاديث بعضها إلى بعض، ولا نضرب أحاديث الرسول عليه السلام بعضها ببعض.
الحديث الثالث: حديث وائل في «سنن النسائي» أنه وصف أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين وافترش فيهما.
فهذا يوافق عموم حديث ابن عمر في خصوص الصلاة الثنائية.
هكذا ينبغي أن نُعْمِل الأحاديث كُلَّها ولا نُعَطِّل شيئاً منها على حساب الحديث الآخر.
هذا جواب السؤال السابق.
(الهدى والنور/247/ 37: 15: 00)