الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"البويطى"، وبِاللهِ التَّوفيقُ.
بابُ الحَجرِ على البالِغيَن بالسَّفَهِ
قال الله تَعالَى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282].
قال الشافِعِيُّ: فأثبَتَ الوِلايَةَ على السَّفيهِ والضَّعيفِ والَّذِى لا يَستَطيعُ أنْ يُمِلَّ وأمَرَ وليَّه بالإملاءِ عَلَيهِ
(1)
.
11447 -
أخبرَنا أبو عبدِ الله الحافظُ، أخبرَنا أبو الفَضلِ الحَسَنُ بنُ يَعقوبَ العَدلُ، حدثنا محمدُ بنُ عبدِ الوَهّابِ الفَرَّاءُ قال: سَمِعتُ عليَّ بنَ عَثّامٍ
(2)
يقولُ: حَدَّثَنِي محمدُ بنُ القاسِمِ الطَّلْحِيُّ، عن الزُّبَيرِ بنِ المَدينِيِّ قاضيهِم، عن هِشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه، أنَّ عبدَ الله بنَ جَعفَرٍ اشتَرَى أرضًا بسِتِّمائَةِ ألفِ دِرهَمٍ، قال: فهَمَّ عليٌ وعُثمانُ أنْ يَحجُرا عَلَيه. قال: فلَقيتُ
(3)
الزُّبَيرَ فقالَ: ما اشتَرَى أحَدٌ بَيعًا أرخَصَ مِمَّا اشتَرَيتَ. قال: فذَكَرَ له عبدُ اللهِ الحَجرَ، قال: لَو أنَّ عِندِى مالًا لَشارَكتُكَ. قال: فإِنِّى أُقرِضُكَ نِصفَ المالِ. قال: فإِنّى شَريكُكَ. قال: فأتاهُما عليٌّ وعُثمانُ وهُما يَتَراوَضانِ، قال: ما تَراوَضانِ؟ فذَكَرا له الحَجْرَ على عبدِ الله بنِ جَعفَرٍ، فقالَ: أتَحجُرانِ
(4)
على
(1)
الأم 3/ 218.
(2)
في ص 5: "تمتام". وينظر تهذيب الكمال 21/ 57.
(3)
في حاشية الأصل: "فلقيه".
(4)
في س: "الحجر"، وفي ص 5:"الحجران".
رَجُلٍ أنا شَريكُه؟ قالا: لا لَعَمرِى. قال: فإِنِّى شَريكُه. فتَرَكَه
(1)
.
11448 -
أخبرَنا أبو عبدِ الله الحافظُ وأبو سعيدِ ابنُ أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباسِ محمدُ بنُ يَعقوبَ قال: سَمِعتُ عبدَ اللهِ بنَ أحمدَ بنِ حَنبَلٍ يقولُ: حَدَّثَنِي عمرٌو الناقِدُ، حدثنا أبو يوسُفَ القاضِى يَعقوبُ بنُ إبراهيمَ، حدثنا هِشامُ بنُ عُروةَ عن أبيه، أنَّ عبدَ اللهِ بنَ جَعفَرٍ أتَى الزُّبَيرَ بنَ العَوّامِ فقالَ: إنِّى اشتَرَيتُ كَذا وكَذا، وإِنَّ عَليًّا يُريدُ أنْ يأتِيَ أميرَ المُؤمِنينِ عثمانَ، يَعنِي فيَسألَه أنْ يَحجُرَ عليَّ فيه. فقالَ الزُّبَيرُ: أنا شَريكُكَ في البَيعِ. وأتَى علىٌّ عثمانَ، فذَكَرَ ذَلِكَ له، فقالَ عثمانُ: كَيفَ أحجُرُ على رَجُلٍ في بَيعٍ شَريكُه فيه الزُّبَيرُ
(2)
؟
قال الشافِعِيُّ رحمه الله: فعَلِيٌّ لا يَطلُبُ الحَجرَ إلَّا وهو يَراه، والزُّبَيرُ لَو كان الحَجرُ باطِلًا قال: لا يُحجَرُ على بالِغٍ حُرٍّ. وكَذَلِكَ عثمانُ، بَل كُلُّهُم يَعرِفُ الحَجرَ في حَديثِ صاحِبِكَ
(3)
.
11449 -
أخبرَنا أبو الحُسَينِ ابنُ الفَضلِ القَطانُ ببَغدادَ، أخبرَنا عبدُ الله بنُ جَعفَرِ بنِ دُرُستُويَه، حدثنا يَعقوبُ بنُ سُفيانَ، حدثنا أبو اليَمانِ، أخبرَنا شُعَيبٌ (ح) قال: وحَدَّثَنا حَجّاجُ بنُ أبي مَنيع، عن جَدَّه، عن الزُّهرِىِّ
(1)
المصنف في الصغرى (2056). وأخرجه عبد الرزاق (15176) من طريق هشام به.
(2)
أخرجه الشافعي 3/ 220، والطحاوي في شرح المشكل عقب (4859)، والدارقطني 4/ 231 هن طريق أبي يوسف به.
(3)
الأم 3/ 220، وقوله:"حديث صاحبك" الكاف عائدة على المخاطب الذي كان يناظره في عدم جواز الحجر على الحر البالغ. ينظر الأم 3/ 219، 220.
قال: حَدَّثَنِي عَوفُ بنُ الحارِثِ بنِ الطُّفَيلِ -وهو ابنُ أخِى عائشةَ زَوجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم لأُمِّها- أنَّ عائشةَ، حُدِّثَت أنَّ عبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيرِ قال في بَيعٍ أو عَطاءٍ أعطَته عائشَةُ: واللهِ لَتَنتَهيَنَّ عائشَةُ أو لَنَحجُرَنَّ عَلَيها. فقالَت: أهو قال هَذا؟ فقالوا: نَعَم. فقالَت عائشَةُ: هو للهِ عليَّ نَذرٌ ألَّا أُكَلِّمَ ابنَ الزُّبَيرِ أبَدًا. فاستَشفَعَ ابنُ الزُّبيرِ إلَيها حينَ طالَت هِجرَتُها إيّاه، فقالَت: واللهِ لا أُشَفِّعُ فيه أحَدًا أبَدًا، ولا [أتَحَنَّثُ في نَذرِى]
(1)
الَّذِي نَذَرتُه، فلَمّا طالَ ذَلِكَ على ابنِ الزُّبَيرِ كَلَّمَ المِسوَرَ بنَ مَخرَمَةَ وعَبدَ الرَّحمَنِ بنَ الأسوَدِ بنِ عبدِ يَغوثَ -وهُما مِن بَنِي زُهرَةَ- فقالَ لَهُما: أنشُدُكُما اللهَ، لَما أدخَلتُمانِي على عائشةَ؛ فإِنَّها لا يَحِل لَها أنْ تَنذُرَ قَطيعَتِى. فأقبَلَ به المِسوَرُ وعَبدُ الرَّحمَنِ مُشتَمِلَينِ بأرديَتِهِما حَتَّى استأذَنا على عائشةَ فقالا: السَّلامُ عَلَيكِ ورَحمَةُ اللهِ وبَرَكاتُه، أنَدخُلُ؟ فقالَت عائشَةُ: ادخُلوا. فقالوا: كُلُّنا؟ قالَت: نَعَم، ادخُلوا كُلُّكُم. ولا تَعلَمُ أنَّ مَعَهُما ابنَ الزُّبَيرِ، فلَمّا دَخَلوا دَخَلَ ابنُ الزُّبَيرِ الحِجابَ، فاعتَنَقَ عائشةَ وطَفِقَ يُناشِدُها ويَبكِى، وطَفِقَ المِسوَرُ وعَبدُ الرَّحمَنِ يُناشِدانِها إلَّا ما كَلَّمَته وقَبِلَت مِنه، ويَقولانِ: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَد نَهَى عَمّا قَد عَلِمتِ مِنَ الهِجرَةِ، وإِنَّه لا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أن يَهجُرَ أخاه فوقَ ثَلاثِ لَيالٍ، فلَمّا أكثَرا
(2)
على عائشةَ مِن التَّذكِرَةِ والتَّحريجِ طَفِقَت تُذَكِّرُهُما وتَبكِى وتَقولُ: إنِّي قَد نَذَرتُ والنَّذرُ شَديدٌ. فلَم يَزالا بها حَتَّى كَلَّمَتِ ابنَ الزُّبَيرِ، ثُمّ أعتَقَت في
(1)
في م: "أحنث في النذر".
(2)
في م: "أكثروا".
نَذرِها ذَلِكَ أربَعينَ رَقَبَةً، ثُمَّ كانَت تَذكُرُ نَذرَها ذَلِكَ بعدَ ما أعتَقَت أربَعينَ رَقَبَةً، ثُمّ تَبكِى حَتَّى تَبُلَّ دُموعُها خِمارَها
(1)
. رَواه البخارىُّ في "الصحيح" عن أبي اليَمانِ
(2)
.
قال الشَّيخُ: فهَذِه عائشَةُ لا تُنكِرُ الحَجرَ، وابنُ الزبيرِ يَراه، وقَد كان الحَجرُ مَعروفًا على عَهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَيرِ أنْ يُروَى عنه إنكارُه، ودَلَّ على ذلِكَ ما:
11450 -
أخبرَنا أبو علىٍّ الرُّوذْبارِيُّ، أخبرَنا إسماعيلُ بنُ محمدٍ الصَّفّارُ، حدثنا أحمدُ بنُ الوَليدِ الفَحّامُ، حدثنا عبدُ الوَهّابِ (ح) وأخبرَنا أبو الحُسَينِ ابنُ بِشْرانَ، أخبرَنا إسماعيلُ الصَّفارُ، حدثنا يَحيَى بنُ جَعفَرٍ، أخبرَنا عبدُ الوَهَّابِ ابنُ عَطاءٍ، أخبرَنا سعيدٌ، عن قَتادَةَ، عن أنَسِ بنِ مالكٍ، أنَّ رَجُلًا كان على عَهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَبتاعُ، وكانَ في عُقدَتِه
(3)
ضَعفٌ، فأتَى أهلُه نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نَبِيَّ اللهِ احجُرْ على فُلانٍ؛ فإِنَّه يَبتاعُ وفي عُقدَتِه ضَعفٌ. فدَعاه نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم فنَهاه عن البَيعِ، فقالَ: يا نَبِىَّ الله، إنِّي لا أصبِرُ عن البَيعِ. فقالَ صلى الله عليه وسلم: "إنْ كُنتَ غَيرَ تارِكٍ البَيعَ فقُل: ها وها
(4)
، ولا خِلابَةَ
(5)
".
(1)
يعقوب بن سفيان 1/ 402. وأخرجه أحمد (18923) عن أبي اليمان به. والطبراني 20/ 23 (27) من طريق حجاج بن أبي منع به. والبخاري في الأدب المفرد (397) من طريق الزهري به.
(2)
البخاري (6073 - 6075).
(3)
قال في عون المعبود 3/ 301: في عقدته ضعف: وقع تفسيره في بعض الروايات بلفظ: يعني في عقله ضعف.
(4)
ها وها: أي خذ وأعط. النهاية 5/ 237.
(5)
لا خلابة: أي لا خداع. النهاية 2/ 58.