المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌تاريخ ولادته: لم أهتد إلى السنة التي ولد فيها بالضبط، رغم - إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك - ت بو طاهر - جـ ١

[الونشريسي]

فهرس الكتاب

- ‌تحقيق "إيضاح المسالك

- ‌خطة البحث:

- ‌1 - الحياة السياسية في كلا البلدين:

- ‌أ- الحالة السياسية بالجزائر:

- ‌ب- الحالة السياسية بالمغرب:

- ‌2 - الحياة الاجتماعية:

- ‌أهل المغرب:

- ‌في المعاش والعمران:

- ‌ الروح الدينية:

- ‌ الدعوة إلى الإصلاح:

- ‌ حركة الجهاد:

- ‌ دور العلماء في هذه الانتفاضة:

- ‌3 - الحياة الفكرية:

- ‌مميزات العصر الوطاسي:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌بلده ومولده:

- ‌تاريخ ولادته:

- ‌أسرته:

- ‌تلاميذه:

- ‌شخصيته وثقافته

- ‌أ- صفاته الجسمية والخلقية:

- ‌ب- ثقافته ومكانته العلمية:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌أبواب الكتاب:

- ‌منهاجه:

- ‌مصادره:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌تاريخ تأليفه:

- ‌الكتاب الثاني:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌أبوابه:

- ‌مصادره:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌تاريخ تأليفه:

- ‌الكتاب الثالث:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌أبوابه:

- ‌مصادره:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌الكتاب الرابع:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌الكتاب الخامس:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌تاريخ جمعه:

- ‌الكتاب السادس: "الولايات

- ‌غرض الكتاب:

- ‌مضمنه:

- ‌مصادره:

- ‌الكتاب السابع: "الوفيات

- ‌الكتاب الثامن:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌توثيق عنوان الكتاب:

- ‌غرض الكتاب وسبب تأليفه:

- ‌مأخذنا على الإِيضاح:

- ‌تعريف القاعدة لغة واصطلاحا:

- ‌أنواع القواعد:

- ‌الفرق بين أصول الفقه وقواعد الفقه:

- ‌تعريف أصول الفقه:

- ‌أصول مذهب مالك:

- ‌تدوين القواعد الفقهية

- ‌أثر هذه القواعد في الدراسات الفقهية

- ‌التشريع الحديث، وأثر القواعد الفقهية فيه:

- ‌أ- تعريف التشريع وخصائصه:

- ‌ب - أثر القواعد الفقهية في التشريعات الحديثة:

- ‌تحقيق الكتاب

- ‌نسخ الكتاب واختلافها:

- ‌منهج التحقيق والمصطلحات:

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌(القاعدة الأُولى) الغالب هل هو كالمحقق أم لا

- ‌(القاعدة الثانية) المعدوم شرعا هل هو كالمعدوم حسا أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة) وعكس هذه القاعدة قاعدة: الموجود شرعا هل هو كالموجود حقيقة أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة) المخالط المغلوب هل تنقلب عينه إلى عين الذي خالطه، أو لا تنقلب، وإنما خفى عن الحس فقط

- ‌(القاعدة السادسة) العلة إذا زالت هل يزول الحكم بزوالها أم لا

- ‌(القاعدة السابعة) الظن هل يُنقض بالظن أم لا

- ‌(تنبيهان):

- ‌(القاعدة الثامنة) الواجب الاجتهادُ أو الإصابة

- ‌(القاعدة التاسعة) النسيان الطارئ هل هو كالأصلي أم لا

- ‌(القاعدة العاشرة): كل مجتهد في الفروع الظنية مصيب، أو المصيب واحد لا بعينه

- ‌(القاعدة الحادية عشرة) العصيان هل ينافي الترخص أم لا؟ (أ)

- ‌(القاعدة الثانية عشرة) الدوام على الشيء هل هو كابتدائه أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة عشرة) الأصغر هل يندرج في الأكبر أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة عشرة) ما قرب من الشيء هل (أ) له حكمه أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة عشرة) الأمر هل يقتضي التكرار أم لا

- ‌(القاعدة السادسة عشرة) إذا تعارض الأصل والغالب، هل يؤخذ بالأصل أو الغالب

- ‌(القاعدة السابعة عشرة) كل عضو غسل يرتفع حدثه أولًا إلا بالكمال (أ) والفراغ

- ‌(القاعدة الثامنة عشرة) الشيء إذا اتصل بغيره هل يعطى له حكم مباديه أو حكم محاذيه

- ‌(القاعدة العشرون) الشك في الشرط مانع من ترتب المشروط

- ‌(القاعدة الواحدة والعشرون) الشك في المانع لا أثر له

- ‌(القاعدة الثانية والعشرون) التقدير بأولى المشتركتين أم (أ) بالأخَيرة

- ‌(القاعدة الثالثة والعشرون) نية عدد الركعات هل تعتبر أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة والعشرون) نية الأداء هل تنوب عن نية القضاء وعكسه أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة والعشرون) الشك في النقصان كتحققه

- ‌(القاعدة السابعة والعشرون) وعكس هذه القاعدة قاعدة: الشك في الزيادة كتحققها (أ)

- ‌(القاعدة التاسعة والعشرون) كل جزء من الصلاة قائم بنفسه أو صحة أولها متوقفة على صحة آخرها

- ‌(القاعدة الواحدة والثلاثون) النظر إلى المقصود، أو إلى الموجود

- ‌(القاعدة الثانية والثلاثون) المترقبات إذا وقعت، هل يقدر حصولها يوم وجودها وكأنها فيما قبل كالعدم، أو يقدر أنها لم تزل حاصلة من حين حصلت أسبابها التي أثمرت أحكامها، واستند الحكم إليها

- ‌(القاعد الثالثة والثلاثون) وعكس هذه القاعدة: قاعدة الظهور والانكشاف

- ‌(القاعدة الخامسة والثلاثون) الجهل هل ينتهض عذرا أم لا

- ‌(القاعدة السادسة والثلاثون) تقديم الحكم على شرطه هل يجزئ ويلزم أم لا

- ‌(القاعدة السابعة والثلاثون): الكفارة هل تتعلق باليمين أو بالحنث

- ‌(القاعدة الثامنة والثلاثون) الاستثناء هل هو رفع للكفارة أو حل لليمين من أصله

- ‌(القاعدة التاسعة والثلاثون) الملك إذا دار بين أن يبطل بالجملة أو من وجه، هل الثاني أولى، أو لا

- ‌(القاعدة الواحدة والأربعون) الفقراء هل هم كالشركاء أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة والأربعون) الحياة المستعارة هل هي كالعدم أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة والأربعون) رمضان هل هو عبادة واحدة أو عبادات

- ‌(القاعدة الخامسة والأربعون) النزع هل هو وطء أم لا

- ‌(القاعدة السادسة والأربعون) المشبه لا يقوى قوة المشبه به

- ‌(القاعدة السابعة والأربعون) إذا تعارض القصد واللفظ أيهما يقدم؟ - اختلفوا فيه

- ‌(القاعدة التاسعة والأربعون) الحكم بالإسهام هل علق على القتال، أو على كون المحكوم له معدا لذلك

- ‌(القاعدة الخمسون) الغنيمة هل تملك بالفتح أو بالقسمة على الغانمين

- ‌(القاعدة الواحدة والخمسون) إعطاء الموجود حكم المعدوم، والمعدوم حكم الموجود

- ‌(القاعدة الثانية والخمسون) الاتباع هل يُعطى لها حكم متبوعاتها أو حكم أنفسها

- ‌(القاعدة الثالثة والخمسون) الأتباع هل لها قسط من الأثمان (أ) أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة والخمسون) نوادر الصور هل يُعطى لها حكم نفسها أو حكم غالبها

- ‌(القاعدة السادسة والخمسون) العقد هل يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا

- ‌(القاعدة التاسعة والخمسون) بيت المال هل هو وارث أو مرد (أ) للأموال الضائعة

- ‌(القاعدة الستون) النسخ هل يثبت حكمه بالنزول أو بالوصول

- ‌(القاعدة الواحدة والستون) المخاطب هل يدخل تحت عموم الخطاب أم لا

- ‌(القاعدة الثانية والستون) تبدل النية مع بقاء اليد على حالها هل يتبدل الحكم بتبدلها أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة والستون) يد الوكيل هل هي كيد الموكل أم لا؟ (1)

- ‌(القاعدة الرابعة والستون) الأمر هل يخرج ما في الذمة إلى الأمانة فيرتفع الضمان أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة والستون) الأصل منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية

- ‌(القاعدة السادسة والستون) الصور الخيالية من المعنى هل تعتبر أم لا

- ‌(القاعدة السابعة والستون) المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حقيقة أم لا

- ‌(القاعدة الثامنة والستون) الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أم لا

- ‌(القاعدة التاسعة والستون) النكاح من باب الأقوات، أو من باب التفكهات

- ‌(القاعدة السبعون): من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم (أ) لم يفعل سواه، هل يكون فعله بمنزلة الحكم أم لا

- ‌(القاعدة الواحدة والسبعون): العوض الواحد إذا قابل محصور المقدار وغير محصوره هل يفض عليهما أو يكون للمعلوم، وما فضل للمجهول، وإلا، وقع مجانا

- ‌(القاعدة الثانية والسبعون) الطول هل (أ) هو المال، أو وجود الحرة في العصمة

- ‌(القاعدة الثالثة والسبعون) المهر هل يتقرر جميعه بالعقد أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة والسبعون) الطوارئ هل تراعى أم لا؟ ثالثها تراعى القريبة فقط

- ‌(القاعدة الخامسة والسبعون) اشتراط ما يوجب الحكم خلافه مما لا يقتضي فسادا هل يعتبر أم لا

- ‌(القاعدة السادسة والسبعون) اشتراط ما يفيد هل يجب الوفاء به أم لا

- ‌(القاعدة السابعة والسبعون) البتة هل تتبغض أم لا

- ‌(القاعدة التاسعة والسبعون) بيع الخيار هل هو منحل أو منبرم

- ‌(القاعدة الثمانون) الخيار الحكمي هل هو كالشرطي أم لا؟ (1)

- ‌(القاعدة الثانية والثمانون) من الأصول: المعاملة بنقيض المقصود الفاسد

- ‌(القاعدة الثالثة والثمانون) الموزون إذا دخلته صنعة هل يقضى فيه بالمثل أو بالقيمة

- ‌(القاعدة الرابعة والثمانون) ما في الذمة هل هو كالحال أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة والثمانون) ما في الذمة هل يتعين أم لا

- ‌(القاعدة السادسة والثمانون) الموجود حكما هل هو كالموجود حقيقة أو لا

- ‌(القاعدة الثامنة والثمانون) من أخر ما وجب له عد مسلفا

- ‌(القاعدة التاسعة والثمانون) من جعل ما لم يجب عليه هل يعد مسلفا ليقتضي من ذمته إذا حل الأجل إلا في المقاصة - وهو المشهور، أو مؤديا - ولا سلف ولا اقتضاء وهو المنصور لأنه إنما قصد إلى البراءة والقضاء

- ‌(القاعدة التسعون) المستثنى هل هو مبيع أو مبقى

- ‌(القاعدة الواحدة والتسعون) الإِقالة هل هي حل للبيع الأول أو ابتداء بيع ثان

- ‌(القاعدة الثانية والتسعون) الرد بالعيب هل هو نقض للبيع من أصله أو كابتداء بيع

- ‌(القاعدة الثالثة والتسعون) رد البيع الفاسد هل هو نقض له من أصله أو من حين رده

- ‌(القاعدة الخامسة والتسعون) من خير بين شيئين فاختار أحدهما هل يعد كالمتنقل أو لا؟ (أ) وكأنه ما اختار قط غير ذلك الشيء

- ‌(القاعدة السابعة والتسعون) الضرورات تبيح المحظورات (6)

- ‌(القاعدة التاسعة والتسعون) الدعوى هل تتبعض أم لا

- ‌(القاعدة المائة) النهي هل يصير المنهى عنه كالعدم أم لا

- ‌(القاعدة الواحدة والمائة) إذا اجتمع ضراران أسقط الأصغر للأكبر

- ‌(القاعدة الثانية والمائة) السكوت على الشيء هل هو إقرار به أم لا؟ وهل هو إذن فيه أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة والمائة) الكتابة هل هي شراء رقبة أَو شراء خدمة؟ (1)

- ‌(القاعدة الرابعة والمائة) الكتابة هل هي من ناحية العتق، أو من ناحية البيع

- ‌(القاعدة الخامسة والمائة) القسمة هل هي تمييز حق أو بيع

- ‌(القاعدة السادسة والمائة) الشفعة هل هي بيع أو استحقاق

- ‌(القاعدة السابعة والمائة) المصنوع هل يكون قابضا للصنعة، وإن لم يقبضه وبه أو لا يستقل بقبض الصنعة إلا بقبض ربه

- ‌(القاعدة الثامنة والمائة) الأصل بقاء ما كان على ما كان

- ‌(القاعدة التاسعة والمائة) المعرى هل يملك العرية بنفس العطية أو عند كمالها

- ‌(القاعدة العاشرة والمائة) من ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا

- ‌(القاعدة الحادية عشرة والمائة) العادة هل هي كالشاهد، أو كالشاهدين

- ‌(القاعدة الثانية عشرة والمائة) زيادة العدالة هل هي كالشاهد أو كالشاهدين

- ‌(القاعدة الثالثة عشرة والمائة) الجزء المشاع هل يتعين أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة عشرة والمائة) مضمن الإقرار هل هو كصريحه أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة عشرة والمائة) الأرض هل هي مستهلكة (أ) أو مربية

- ‌(القاعدة السادسة عشرة والمائة) الحكم هل يتناول الظاهر والباطن، أم لا (ب) يتناول إلا الظاهر فقط؟ - وهو الصحيح

- ‌(القاعدة السابعة عشرة والمائة) الانتشار هل هو دليل للاختيار أم لا

- ‌(القاعدة الثامنة عشرة والمائة) كل ما أدي إثباته إلي نفيه فنفيه أولي

- ‌تعريف وبيان:

- ‌شكر وتقدير

الفصل: ‌ ‌تاريخ ولادته: لم أهتد إلى السنة التي ولد فيها بالضبط، رغم

‌تاريخ ولادته:

لم أهتد إلى السنة التي ولد فيها بالضبط، رغم جهد مضن لكن بدون جدوى، لأن كتب التراجم ضربت عن تاريخ ولادته صفحا، وصمتت عليه صمتا مطبقا، عدا أحمد بابا، فإنه احتفظ لنا بنص عن الشيخ القصار يذكر فيه، أن أبا العباس الونشريسي توفي سنة 914 هـ وعمره نحو الثمانين (7) سنة، وذلك يدلنا على أنه ولد في حدود سنة (834 هـ- 1430 م (8)).

‌أسرته:

نكاد نجهل كل شيء عن حياة أبي العباس في أسرته، فلا نعرف عن والده، أو والدته، أو أي عنصر يتصل بأهله وعشيرته -أي شيء؛ ويبدو أنها لم تكن ذات صلة بجاه، أو علم أو نباهة، فكتب التراجم لا تصف والده، أو أحد أجداده أو أقاربه بعلم ولا رئاسة؛ عدا ما حلى به بعضهم والده -بعد انتقاله إلى جوار ربه- إذ يقول فيه:"إنه الشيخ الفقيه المنعم المبرور المقدس المرحوم أبو زكرياء (9) ".

وهي أوصاف تجعله من متوسطي الناس، ولا ترقى به إلى مستوى أهل العلم والشهرة، وربما كان في هذه التحلية كثير من المجاملة. أما والدته فلسنا نعرف عن اسمها أو نسبها شيئًا،

(7) انظر نيل الابتهاج ص: 88.

(8)

وهو الذي ذكره صاحب معجم المطبوعات ص: 1923 ومعجم المؤلفين ومعجم أعلام الجزائر ص: 49، وحجي في مقدمة كتابه (ألف سنة من الوفيات) ص:4.

(9)

انظر المعيار ج- 4 - ص: 263.

ص: 44

وكل ما هناك أن أبا العباس -صاحبنا- يشير في كتابه (الوفيات (10)) -إلى أن واضع بن فركون- القاضب العدل -من أقاربه- ولعله يعني أنه من أسرة والدته (أخواله)، فتكون والدته من العائلة الفركونية المغراوية الشهيرة بالعلم والفضل.

هذا بالنسبة لأسرته الكبيرة، أما عن أسرته الصغيرة، فيبدو أن انكبابه على تحصيل العلم بشغف كبير، وانغماسه في لذاته، أنسته ملذات الحياة، بحيث لم يحاول إنشاء أسرته إلا بعد أن مضى نحو نصف عمره، إذ لم يتزوج إلا قبل رحلته إلى المغرب ببضع سنوات، ولكن من هاته التي تزوجها؟ ما إسمها؟ وما نسبها؟ وما عدد الأولاد الذين أنجبتهم له؟ تلك أسئلة لا نستطيع الجواب عنها، وكل ما نعرف أن أبا العباس أنجب ولده أبا محمد أو أبا مالك: عبد الواحد -بعد انتقاله إلى فاس- في حدود سنة (880 هـ (11))، ولا نعرف له ولدا آخر سواه، ولعله الولد الوحيد للمترجم، وربما سماه عن جده عبد الواحد الونشريسي- على عادة الناس في الحفاظ على أسماء آبائم وأجدادهم.

ولم يكن أبو محمد -في حياة أبيه- ذا جد في الطلب، بل كان يؤثر الراحة، فزوجه والده سنة (عشر أو إحدى عشرة

(10) انظر "ألف سنة من الوفيات ص: 145.

(11)

كذا في نيل الابتهاج- ص: 188، واضطرب قول المنجور في فهرسته، فذكر أولًا في ص: 50 أنه ولد بفاس- بعد انتقال والده إليها سنة (874 هـ) وعاد مرة أخرى فقال في ص: 54 - : "ولا أعلم عام ولادته، غير أن الغالب على ظني أنه في سن (70) أو ما يقرب منها" -أي سنة (870 هـ).

ولعل ما في نيل الابتهاج أدق، لقد ذكر أنه توفي سنة (955 هـ) عن سبعين سنة.

ص: 45

وتسعمائة هجرية) أي قبل وفاته بأربع سنوات، ولما زفت إليه عروسه، أطلق القاضي (آنئذ) - أبو عبد الله المكناسي يده على الشهادة، وقال لأبيه: إنها هدية مني لهذا العروس، وكانت الشهادة -عنده- بالمكان الرفيع، لا يوليها إلا من ومن. . وكان يقول:"من طلبها لي، فكأنما خطب منى إبنتي"! ! . (12).

وكان أبو محمد هذا عالما أديبا، وفقيها متضلعا، وخطيبا مصقعا، ومنشئا بارعا، فاق أهل زمانه في عقد الشروط والوثائق، وفي المكاتبات السلطانية، لا يكاد يجاريه فيها أحد؛ وخلف والده على كرسي المدونة بالمصباحية، وتولى لضاء فاس ثمان عشرة سنة، وكان من خاصة المقربين للسلطان أبي العباس الوطاسي، لا يبرم أمرا إلا برأيه ومشورته (13).

وعندما حاصر محمد الشيخ السعدي مدينة فاس، وبذل كل ما في وسعه لدخولها دون جدوى، قيل له: لا سبيل لك إليها، إلا إذا بايعك ابن الونشريسي- يعنون أبا محمد، فبعث إليه سرا ووعده ومناه، إلا أن أبا محمد الذي تأثر بمواقف أبيه الصلبة "ومن يشابه أباه فما ظلم" أجابه بان بيعة هذا السلطان -يعني أبا العباس الوطاسي- في رقبتي، ولا يحل لي خلعها إلا بموجب شرعي- وهو غير موجود

ولما بلغ محمد الشيخ ذلك، أبى إلا أن يستعمل الدسائس والقوة في تلبية رعبته، فأوعز إلى جماعة من المتلصصين بأن يأتوا به إليه مكبلا،

(12) انظر فهرس المنجور ص: 52 - 53.

(13)

الاستقصا: ج- 4 - ص: 158 - 159.

ص: 46

ومن الصدف أن وجدوا الشيخ عبد الواحد يقرئ صحيح البخاري بجامع القرويين فلم يهب، القاسية قلوبهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تأثروا بها، ولو لم يخشوا على أنفسهم لاقتحموا عليه مجلسه لا محالة، فاضطروا إلى انتظار فراغه منه بفارغ الصبر وعندما خرج باغتوه عند باب المسجد، فاعتصم بإحدى عاضدتيه، فقطعوا يده، وأجهزوا عليه، فتوفي -شهيدا- سنة (14)(955 هـ) - رحمة الله عليه.

وسنذكره في جملة تلاميذ أبيه.

أوليته ودراسته:

لقد بذلت جهدا جهيدا علني أعثر على وثيقة واحدة، أو مصدر واحد، يصرح أو يلمح -على الأقل- إلى نشأة أبي العباس وتربيته بين أحضان والديه، أو يعطينا صورة- ولو مقتضبة عن مراحل طفولته، وشبابه، أو صلاته بإخوته، أو اتصالاته بإخوانه وذويه عموما

لكن لم أهتد إلى ذلك، وحتى المصادر التي حاولت أن تترجم له؛ لم تأت بما يشفي الغليل، ويبعث على الارتياح والاطمئنان، ولا أشارت إلى شيء مفيد في هذا الشأن، وكم كنا نود- لو أنه قدم لنا-بنفسه- ترجمة ذاتية على غرار ما يفعله المحدثون، لكنه فضل الإمساك عن الإشارة إلى نشأته، وأين؟ وكيف، والتزم الصمت عن كل ذكر لماضيه وأهله! ! مما يدفعنى إلى الظن بأنه- ربما- فقد كل شيء في عهد مبكر، فاجتنب ذكر ذلك، كي لا يزداد بذكره

(14) الاستقصا 4 ج- 5 - ص: 22 - 23.

ص: 47

وتذكره ألما، أو أنه لم يجد في مراحل طفولته، أو شبابه، ما يحبب لنفسه الخوض فيه، أو الإشارة إليه.

رغم أن العادة تقضي -غالبا- أن الإنسان يشتاق دائما إلى ما مضى من عمره، ويحن بلهفة إلى ذكريات طفولته وشبابه مع أهله وأخلائه، ويتمنى أن لو يعود ذلك الماضي، حتى ولو قضاه في ضيق وحاجة، وكرب وشدة.

ألا ليت الشباب يعود يوما

فأخبره بما فعل المشيب

كما يحتمل أنه لم يتعرض -لماضيه- لا لهذا السبب، ولا لذاك، وإنما لعادة متبعة مألوفة عند المؤلفين القدماء، من تحاشيهم ذكر الأجداد والآباء، ولسان حالهم يردد قول الشاعر:

ليس الفتى من يقول كان أبي

وإنما الفتى من يقول ها أنذا

وعلى أي فقد عاش أبو العباس طفولة غامضة، يحتمل أن تكون معذبة، ويحتمل أن تكون سارة منعه الحياء من الخوض فيها- استنكافا أو تواضعا، فاكتفى بالصمت الذي هو أبلغ من كل كلام في بعض الأحيان، وربما كان ذلك سببا في التجائه إلى الدرس والتحصيل، كي يجد فيه تعويضا عن بعض ما فاته من نعم الحياة، فكان له ما أراد.

إلا أنه ترك كل من حاول استقصاء حياته -الأولى- حائرا وتائها في متاهات الاحتمالات، معتمدا على الفرضيات والتخمينات، عله يصل إلى الحقيقة أو بعضها، لكن بغير طائل.

ص: 48

وكل ما عرف عنه أنه ولد بونشريس، وغادرها صغيرًا إلى تلمسان وبها نشأ وتعلم، وتردد على الكتاب، فحفظ القرآن وجوده، وأتقن رسمه وضبطه، وربما ألم بشيء من القراءات التي اشتهرت في هذا العهد، إلى جانب قراءة ورش- التي من الشأن أن يبتدئ المتعلم بها في بلاد المغرب.

ثم انكب على تحصيل التصانيف وحفظها انكباب الظمآن، حتى حاز قصب السبق بين الأقران.

شيوخه:

أخذ أبو العباس عن جل شيوخ تلمسان، ذكر بعضهم في فهرسته (15) التي أجاز بها تلميذه أبا عبد الله محمد بن عبد الجبار الورتدغيري، (16) وأثبت طائفة منهم في كتابه (الوفيات).

وأرى من الأنسب والمفيد أن أورد بعضهم -هنا- وأذكرهم حسب ترتيب وفياتهم، مع بطاقة تعريف بهم.

1 -

أبو الفضل قاسم بن سعيد العقباني، الحافظ الحجة، بلغ درجة الاجتهاد، وله اختيارات خالف فيها المذهب، ونازعه في كثير منها ابن مرزوق (الحفيد) رحل إلى المشرق سنة (830 هـ) وحضر إملاء ابن حجر، ثم استجازه فأجازه.

(15) انظر فهرس المنجور ص: 12.

(16)

وذكر صاحب فهرس الفهارس ج- 2 ص: 438 - أنه ألفها باسمه.

ص: 49

ولي قضاء تلمسان مدة، ثم تفرغ للتدريس والإفتاء إلى أن توفي عن سن عالية، سنة (854 هـ-1450 م)(17) -وربما كان أول شيخ جلس إليه أبو العباس- وهو بعد في طور الحداثة، وقد تأثر به، ونقل في كتابه (المعيار) كثيرا من أرائه، وفتاواه؛ قال فيه أبو العباس: (شيخنا وشيخ شيوخنا، الإمام المفتي

) (18).

2 -

أبو عبد الله محمد بن علي بن قاسم الأنصاري، شهر بالمري، قال فيه أبو العباس: شيخنا ومفيدنا المقدم (ت 864 - 1459)(19).

3 -

أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن عيسى العبادي، شهر بـ (ابن العباس)، من أكابر علماء تلمسان، وأحد أئمتها الأعلام؛ قال فيه أبو العباس:"شيخ المفسرين والنحاة، العالم على الإطلاق، شيخ شيوخنا"(20)(ت 871 - 1466). (21).

(17) انظر ترجمته في: (الوفيات للونشريسي) ص: 144، والضوء اللامع ج- 6 ص: 223، والبستان ص:147.

(18)

انظر الوفيات (ألف سنة من الوفيات) ص: 144.

(19)

انظر وفيات الونشريسي ص: 145. وأورد له ترجمة مختصرة صاحب لقط الفرائد ص: 258"ألف سنة من الوفيات" وفد أغفله ابن مريم في البستان، وصاحب معجم أعلام الجزائر.

(20)

كذا أوردت هذه العبارة في وفيات الونشريسي ص: 145، ونقلها كذلك بالحرف في نيل الابتهاج ص: 118 ولم يذكر مشيخته له، وصرح بذلك في المعيار ج 2 ص: 3 وص: 301، وهو الذي ذكره غير واحد ممن ترجموا له.

(21)

انظر ترجمته في: الوفيات للونشريسي ص: 145، ولقط الفرائد ص: 262 والضوء اللامع ج 7 ص: 278، والبستان ص: 223، وكشف الظنون ص: 1536، وهدية العارفين ج 2 ص: 205 وشجرة النور ص: 264.

ص: 50

4 -

أبو عبد الله محمد بن أحمد بن قاسم بن سعيد العقباني (حفيد أبي الفضل) الفقيه العالم الرحالة، قاضي الجماعة بتلمسان، قال فيه أبو العباس:"شيخنا الحاج الإمام القاضي العلامة (22) "(ت 871 - 1466). (23)

5 -

أبو عبد الله محمد بن قاسم القوري شيخ الإسلام بفاس، وقاضي الجماعة بها، كان أبو العباس شديد الاتصال به كتابة، يستشيره في القضايا التي تعرض له، وقد أفاد منه كثيرا؛ قال في حقه:"الشيخ الحافظ شيخنا- مكاتبة"(24)(ت 872 - 1467)(25).

6 -

أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى العقيلي شهر بالجلاب، (26) قال فيه أبو العباس:"شيخنا المحصل الحافظ (27) "(ت 875 - 1470)(28).

7 -

أبو سالم إبراهيم بن الشيخ الإمام قاسم بن سعيد العقباني، قال فيه أبو العباس: "شيخنا الإمام، القاضي

(22) انظر وفيات الونشريسي ص: 148.

(23)

وانظر في ترجمته: نيل الابتهاج ص، 318، والبستان ص: 224، ولقط الفرائد ص:262.

(24)

انظر كتابه (الوفيات) ص: 149.

(25)

انظر ترجمته في نيل الابتهاج ص، 318 - 319، وجذوة الاقتباس ج 2 ص 202، ولقط الفرائد ص، 263، وشجرة النور ص: 261، والفكر السامي ج 4 ص:94.

(26)

كذا ذكرته كتب التراجم، وفي وفيات الونشريسي، نشر حجي ص: 179 (أبي الجلاب) ولعله تحريف.

(27)

انظر الوفيات ص: 149.

(28)

انظر نيل الابتهاج ص: 321، والبستان ص، 236، وشجرة النور ص، 264.

ص: 51

الفاضل" (29) وقد نقل كثيرا من فتاويه في كتابه (المعيار).

(ت 880 - 1475)(30).

8 -

أبو عبد الله محمد بن محمد بن حرزوزة من آل عبد القيس، قال فيه أبو العباس:"شيخنا (31) الفقيه الأصولي، الصالح الخطيب الأكمل"(ت 883 - 1478)(32).

9 -

أبو العباس أحمد بن زكري المانوي، علامة تلمسان ومفتيها، قال فيه أبو العباس:"الفقيه المحصل، العالم المشارك، المؤلف النظام"(33)(ت 899 - 1493)(34).

10 -

أبو عبد الله محمد بن محمد بن مرزوق الكفيف، العالم المسند الرواية، أخذ عنه أبو العباس الونشريسي مرويات سلفه: الجد، والوالد، والحفيد، وقال في حقه:"شيخنا الفقيه الحافظ الخطيب المصقع (35) "(ت 901 - 1496)(36).

(29) انظر (الوفيات) ص: 150.

(30)

انظر في ترجمته: نيل الابتهاج ص: 57، البستان ص: 57، تعريف الخلف ج. 2 ص: ولقط الفرائد ص: 150، وشجرة النور ص:265.

(31)

كذا عند الونشريسي في وفياته، ولم تذكره كتب التراجم في جملة شيوخه.

(32)

انظر الوفيات ص: 151، ولقط الفرائد ص:267.

(33)

انظر الوفيات ص: 153.

(34)

انظر في ترجمته: نيل الابتهاج ص: 34، ولقط الفرائد ص: 274، والبستان ص: 38 وكشف الظنون 1157، وتعريف الخلف ج 1 ص: 38، وشجرة النور ص: 267، والفكر السامي ج 4 ص: 98، والاعلام للزركلي ج 1 ص: 220، ومعجم المؤلفين 2/ 103، ومعجم أعلام الجزائر ص:40.

(35)

انظر الوفيات ص: 154.

(36)

انظر في ترجمته: نيل الابتهاج ص: 330، ولقط الفرائد ص: 275، والبستان ص: 250، والضوء اللامع ج 9 ص: 46، النفع ج 5 ص: 419، وشجرة النور ص:268.

ص: 52

11 -

أبو عبد الله محمد بن عبد الله اليفرني المكناسيي، قاضي الجماعة بفاس مكث قاضيا بها أزيد من ثلاثين سنة - لعدله وسياسته وكفاءته، وقد أعجب به أبو العباس الونشريسي أيما إعجاب، لذا -نراه بعد قدومه على فاس- يحضر مجالسه، وقد نقل في كتابه (المعيار) بعض فتاويه وأحكامه، (ت 917 - 1511)(37).

12 -

الغرابلي- ذكرته كتب التراجم في جملة شيوخه، (38) ولم أقف على ترجمته.

13 -

وذكر ابن القاضي في جذوة الاقتباس (39) من بين شيوخ أبي العباس -أبا موسى عيسى بن محمد بن محمد بن الإمام- ولعله وهم، فأبو موسى ابن الإمام المشهور توفي قبل مولد أبي العباس بنحو (58) سنة، (40) ويحتمل أن يكون أحد حفدته.

وهناك جملة من شيوخ أبي العباس أخذ عنهم بالإجازة (41).

(37) انظر في ترجمته: درة الحجال ج 2 ص: 146، ولقط الفرائد ص: 282، وشجرة النور ص 275، والفكر السامي 4/ 99، ونيل الابتهاج ص: 333 وسماه (محمد بن أحمد بن عبد الله) وقال إن وفاته سنة (918 هـ).

(38)

انظر نيل الابتهاج ص: 88، والبستان ص: 53، وجذوة الاقتباس 2 ج 1 ص: 79، والسلوة جـ 2 ص: 154، وشجرة النور ص:275.

(39)

ج 1 ص: 79.

(40)

انظر ترجمة ابن الإمام في تعريف الخلف ج 1 ص: 201 - 213، وشجرة النور ص:220.

(41)

وهو ممن استجاز لهم الشيخ زروق من بلاد المشرق- انظر كنون ذكريات مشاهير رجال المغرب - الحلقة 23 ص: 9.

ص: 53