الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أثر هذه القواعد في الدراسات الفقهية
لقد لعبت القواعد الفقهية دورا هاما في تنظيم فروع الفقه الإسلامي بصفة عامة، وفي التفقه والتفقيه، واكتساب الملكة العلمية بصفة خاصة: بما تقوم به من تصوير بارع للمبادئ الفقهية، وكشف آفاقها الواسعة، وحصر مسالكها المتشعبة، وضبطها لفروع الأحكام العملية بضوابط وقوانين في شكل مجموعات، على أساس اشتراك كل مجموعة في العلل، أو تجمعها وحدة المناط، سواء اختلفت موضوعاتها وأبوابها أو اتحدت.
وما أشبه عمل الأصولي بعمل الفقيه في هذا الشأن، إذ الأصولي يعتبر القواعد الأصولية هي المعايير الصحيحة لاستنباط الأحكام الشرعية من منابعها الأساسية، فكذلك الفقيه يعتبر القواعد الفقهية معيارا لتنظيم فروع الفقه، وجمع أحكامها المتنوعة والمتشعبة في زمر متعددة، بمراعاته وحدة المناط؛ وبذا ضبطت مسائل الفقه ضبطا محكما، بحيث لو لم توجد هذه القواعد لبقيت الأحكام الفقهية فروعًا مشتة، تتعارض ظواهرها دون أصول تمسك بها في الأفكار وتبرز فيها العلل الجامعة، وتعين اتجاهاتها التشريعية، وتمهد بينها طريق المقايسة والمجانسة (37).
(37) انظر المدخل الفقهي لمصطفى الزرقاء ج - 2 - ص: 29.
ويكفي في أهمية هذه القواعد ما يذكره القرافي في فروقه إذ يقول: "
…
وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع؛ وبقدر الإحاطة بها، يعظم قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرق، وتتضح مناهج الفتوى وتكشف، فيها تنافس العلماء، وتفاضل الفضلاء، وبرز القارح على الجذع، وحاز قصب السبق من فيها برع، ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية، تناقضت عليه الفروع واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طلب مناها: ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات، لاندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض عند غيره وتناسب (38)
…
".
وعلى وجه الإجمال فإن القواعد الفقهية لها أثر بالغ في الدراسات الفقهية ويتجلى ذلك فيما يلي:
1 -
أنها تساعد على التفقه، وفهم أسرار التشريع، واكتساب الملكة العلمية؛ باستقصاء كل صور الفقه التي تستلزم إدراجها تحت قاعدة ما.
2 -
أنها تسهل على كل باحث، والمفتي - بصفة أخص - تتبع جزئيات الأحكام واستخراجها من موضوعاتها المختلفة، وحصرها في موضوع واحد، وبذلك يتفادى التناقض في الأحكام المتشابهة.
(38) انظر المجلد الأول ص: 3.