المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ب- الحالة السياسية بالمغرب: - إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك - ت بو طاهر - جـ ١

[الونشريسي]

فهرس الكتاب

- ‌تحقيق "إيضاح المسالك

- ‌خطة البحث:

- ‌1 - الحياة السياسية في كلا البلدين:

- ‌أ- الحالة السياسية بالجزائر:

- ‌ب- الحالة السياسية بالمغرب:

- ‌2 - الحياة الاجتماعية:

- ‌أهل المغرب:

- ‌في المعاش والعمران:

- ‌ الروح الدينية:

- ‌ الدعوة إلى الإصلاح:

- ‌ حركة الجهاد:

- ‌ دور العلماء في هذه الانتفاضة:

- ‌3 - الحياة الفكرية:

- ‌مميزات العصر الوطاسي:

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌بلده ومولده:

- ‌تاريخ ولادته:

- ‌أسرته:

- ‌تلاميذه:

- ‌شخصيته وثقافته

- ‌أ- صفاته الجسمية والخلقية:

- ‌ب- ثقافته ومكانته العلمية:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌أبواب الكتاب:

- ‌منهاجه:

- ‌مصادره:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌تاريخ تأليفه:

- ‌الكتاب الثاني:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌أبوابه:

- ‌مصادره:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌تاريخ تأليفه:

- ‌الكتاب الثالث:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌أبوابه:

- ‌مصادره:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌الكتاب الرابع:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌مصادر الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌الكتاب الخامس:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب:

- ‌تاريخ جمعه:

- ‌الكتاب السادس: "الولايات

- ‌غرض الكتاب:

- ‌مضمنه:

- ‌مصادره:

- ‌الكتاب السابع: "الوفيات

- ‌الكتاب الثامن:

- ‌غرض الكتاب:

- ‌توثيق عنوان الكتاب:

- ‌غرض الكتاب وسبب تأليفه:

- ‌مأخذنا على الإِيضاح:

- ‌تعريف القاعدة لغة واصطلاحا:

- ‌أنواع القواعد:

- ‌الفرق بين أصول الفقه وقواعد الفقه:

- ‌تعريف أصول الفقه:

- ‌أصول مذهب مالك:

- ‌تدوين القواعد الفقهية

- ‌أثر هذه القواعد في الدراسات الفقهية

- ‌التشريع الحديث، وأثر القواعد الفقهية فيه:

- ‌أ- تعريف التشريع وخصائصه:

- ‌ب - أثر القواعد الفقهية في التشريعات الحديثة:

- ‌تحقيق الكتاب

- ‌نسخ الكتاب واختلافها:

- ‌منهج التحقيق والمصطلحات:

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌(القاعدة الأُولى) الغالب هل هو كالمحقق أم لا

- ‌(القاعدة الثانية) المعدوم شرعا هل هو كالمعدوم حسا أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة) وعكس هذه القاعدة قاعدة: الموجود شرعا هل هو كالموجود حقيقة أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة) المخالط المغلوب هل تنقلب عينه إلى عين الذي خالطه، أو لا تنقلب، وإنما خفى عن الحس فقط

- ‌(القاعدة السادسة) العلة إذا زالت هل يزول الحكم بزوالها أم لا

- ‌(القاعدة السابعة) الظن هل يُنقض بالظن أم لا

- ‌(تنبيهان):

- ‌(القاعدة الثامنة) الواجب الاجتهادُ أو الإصابة

- ‌(القاعدة التاسعة) النسيان الطارئ هل هو كالأصلي أم لا

- ‌(القاعدة العاشرة): كل مجتهد في الفروع الظنية مصيب، أو المصيب واحد لا بعينه

- ‌(القاعدة الحادية عشرة) العصيان هل ينافي الترخص أم لا؟ (أ)

- ‌(القاعدة الثانية عشرة) الدوام على الشيء هل هو كابتدائه أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة عشرة) الأصغر هل يندرج في الأكبر أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة عشرة) ما قرب من الشيء هل (أ) له حكمه أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة عشرة) الأمر هل يقتضي التكرار أم لا

- ‌(القاعدة السادسة عشرة) إذا تعارض الأصل والغالب، هل يؤخذ بالأصل أو الغالب

- ‌(القاعدة السابعة عشرة) كل عضو غسل يرتفع حدثه أولًا إلا بالكمال (أ) والفراغ

- ‌(القاعدة الثامنة عشرة) الشيء إذا اتصل بغيره هل يعطى له حكم مباديه أو حكم محاذيه

- ‌(القاعدة العشرون) الشك في الشرط مانع من ترتب المشروط

- ‌(القاعدة الواحدة والعشرون) الشك في المانع لا أثر له

- ‌(القاعدة الثانية والعشرون) التقدير بأولى المشتركتين أم (أ) بالأخَيرة

- ‌(القاعدة الثالثة والعشرون) نية عدد الركعات هل تعتبر أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة والعشرون) نية الأداء هل تنوب عن نية القضاء وعكسه أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة والعشرون) الشك في النقصان كتحققه

- ‌(القاعدة السابعة والعشرون) وعكس هذه القاعدة قاعدة: الشك في الزيادة كتحققها (أ)

- ‌(القاعدة التاسعة والعشرون) كل جزء من الصلاة قائم بنفسه أو صحة أولها متوقفة على صحة آخرها

- ‌(القاعدة الواحدة والثلاثون) النظر إلى المقصود، أو إلى الموجود

- ‌(القاعدة الثانية والثلاثون) المترقبات إذا وقعت، هل يقدر حصولها يوم وجودها وكأنها فيما قبل كالعدم، أو يقدر أنها لم تزل حاصلة من حين حصلت أسبابها التي أثمرت أحكامها، واستند الحكم إليها

- ‌(القاعد الثالثة والثلاثون) وعكس هذه القاعدة: قاعدة الظهور والانكشاف

- ‌(القاعدة الخامسة والثلاثون) الجهل هل ينتهض عذرا أم لا

- ‌(القاعدة السادسة والثلاثون) تقديم الحكم على شرطه هل يجزئ ويلزم أم لا

- ‌(القاعدة السابعة والثلاثون): الكفارة هل تتعلق باليمين أو بالحنث

- ‌(القاعدة الثامنة والثلاثون) الاستثناء هل هو رفع للكفارة أو حل لليمين من أصله

- ‌(القاعدة التاسعة والثلاثون) الملك إذا دار بين أن يبطل بالجملة أو من وجه، هل الثاني أولى، أو لا

- ‌(القاعدة الواحدة والأربعون) الفقراء هل هم كالشركاء أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة والأربعون) الحياة المستعارة هل هي كالعدم أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة والأربعون) رمضان هل هو عبادة واحدة أو عبادات

- ‌(القاعدة الخامسة والأربعون) النزع هل هو وطء أم لا

- ‌(القاعدة السادسة والأربعون) المشبه لا يقوى قوة المشبه به

- ‌(القاعدة السابعة والأربعون) إذا تعارض القصد واللفظ أيهما يقدم؟ - اختلفوا فيه

- ‌(القاعدة التاسعة والأربعون) الحكم بالإسهام هل علق على القتال، أو على كون المحكوم له معدا لذلك

- ‌(القاعدة الخمسون) الغنيمة هل تملك بالفتح أو بالقسمة على الغانمين

- ‌(القاعدة الواحدة والخمسون) إعطاء الموجود حكم المعدوم، والمعدوم حكم الموجود

- ‌(القاعدة الثانية والخمسون) الاتباع هل يُعطى لها حكم متبوعاتها أو حكم أنفسها

- ‌(القاعدة الثالثة والخمسون) الأتباع هل لها قسط من الأثمان (أ) أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة والخمسون) نوادر الصور هل يُعطى لها حكم نفسها أو حكم غالبها

- ‌(القاعدة السادسة والخمسون) العقد هل يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا

- ‌(القاعدة التاسعة والخمسون) بيت المال هل هو وارث أو مرد (أ) للأموال الضائعة

- ‌(القاعدة الستون) النسخ هل يثبت حكمه بالنزول أو بالوصول

- ‌(القاعدة الواحدة والستون) المخاطب هل يدخل تحت عموم الخطاب أم لا

- ‌(القاعدة الثانية والستون) تبدل النية مع بقاء اليد على حالها هل يتبدل الحكم بتبدلها أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة والستون) يد الوكيل هل هي كيد الموكل أم لا؟ (1)

- ‌(القاعدة الرابعة والستون) الأمر هل يخرج ما في الذمة إلى الأمانة فيرتفع الضمان أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة والستون) الأصل منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية

- ‌(القاعدة السادسة والستون) الصور الخيالية من المعنى هل تعتبر أم لا

- ‌(القاعدة السابعة والستون) المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حقيقة أم لا

- ‌(القاعدة الثامنة والستون) الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أم لا

- ‌(القاعدة التاسعة والستون) النكاح من باب الأقوات، أو من باب التفكهات

- ‌(القاعدة السبعون): من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم (أ) لم يفعل سواه، هل يكون فعله بمنزلة الحكم أم لا

- ‌(القاعدة الواحدة والسبعون): العوض الواحد إذا قابل محصور المقدار وغير محصوره هل يفض عليهما أو يكون للمعلوم، وما فضل للمجهول، وإلا، وقع مجانا

- ‌(القاعدة الثانية والسبعون) الطول هل (أ) هو المال، أو وجود الحرة في العصمة

- ‌(القاعدة الثالثة والسبعون) المهر هل يتقرر جميعه بالعقد أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة والسبعون) الطوارئ هل تراعى أم لا؟ ثالثها تراعى القريبة فقط

- ‌(القاعدة الخامسة والسبعون) اشتراط ما يوجب الحكم خلافه مما لا يقتضي فسادا هل يعتبر أم لا

- ‌(القاعدة السادسة والسبعون) اشتراط ما يفيد هل يجب الوفاء به أم لا

- ‌(القاعدة السابعة والسبعون) البتة هل تتبغض أم لا

- ‌(القاعدة التاسعة والسبعون) بيع الخيار هل هو منحل أو منبرم

- ‌(القاعدة الثمانون) الخيار الحكمي هل هو كالشرطي أم لا؟ (1)

- ‌(القاعدة الثانية والثمانون) من الأصول: المعاملة بنقيض المقصود الفاسد

- ‌(القاعدة الثالثة والثمانون) الموزون إذا دخلته صنعة هل يقضى فيه بالمثل أو بالقيمة

- ‌(القاعدة الرابعة والثمانون) ما في الذمة هل هو كالحال أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة والثمانون) ما في الذمة هل يتعين أم لا

- ‌(القاعدة السادسة والثمانون) الموجود حكما هل هو كالموجود حقيقة أو لا

- ‌(القاعدة الثامنة والثمانون) من أخر ما وجب له عد مسلفا

- ‌(القاعدة التاسعة والثمانون) من جعل ما لم يجب عليه هل يعد مسلفا ليقتضي من ذمته إذا حل الأجل إلا في المقاصة - وهو المشهور، أو مؤديا - ولا سلف ولا اقتضاء وهو المنصور لأنه إنما قصد إلى البراءة والقضاء

- ‌(القاعدة التسعون) المستثنى هل هو مبيع أو مبقى

- ‌(القاعدة الواحدة والتسعون) الإِقالة هل هي حل للبيع الأول أو ابتداء بيع ثان

- ‌(القاعدة الثانية والتسعون) الرد بالعيب هل هو نقض للبيع من أصله أو كابتداء بيع

- ‌(القاعدة الثالثة والتسعون) رد البيع الفاسد هل هو نقض له من أصله أو من حين رده

- ‌(القاعدة الخامسة والتسعون) من خير بين شيئين فاختار أحدهما هل يعد كالمتنقل أو لا؟ (أ) وكأنه ما اختار قط غير ذلك الشيء

- ‌(القاعدة السابعة والتسعون) الضرورات تبيح المحظورات (6)

- ‌(القاعدة التاسعة والتسعون) الدعوى هل تتبعض أم لا

- ‌(القاعدة المائة) النهي هل يصير المنهى عنه كالعدم أم لا

- ‌(القاعدة الواحدة والمائة) إذا اجتمع ضراران أسقط الأصغر للأكبر

- ‌(القاعدة الثانية والمائة) السكوت على الشيء هل هو إقرار به أم لا؟ وهل هو إذن فيه أم لا

- ‌(القاعدة الثالثة والمائة) الكتابة هل هي شراء رقبة أَو شراء خدمة؟ (1)

- ‌(القاعدة الرابعة والمائة) الكتابة هل هي من ناحية العتق، أو من ناحية البيع

- ‌(القاعدة الخامسة والمائة) القسمة هل هي تمييز حق أو بيع

- ‌(القاعدة السادسة والمائة) الشفعة هل هي بيع أو استحقاق

- ‌(القاعدة السابعة والمائة) المصنوع هل يكون قابضا للصنعة، وإن لم يقبضه وبه أو لا يستقل بقبض الصنعة إلا بقبض ربه

- ‌(القاعدة الثامنة والمائة) الأصل بقاء ما كان على ما كان

- ‌(القاعدة التاسعة والمائة) المعرى هل يملك العرية بنفس العطية أو عند كمالها

- ‌(القاعدة العاشرة والمائة) من ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا

- ‌(القاعدة الحادية عشرة والمائة) العادة هل هي كالشاهد، أو كالشاهدين

- ‌(القاعدة الثانية عشرة والمائة) زيادة العدالة هل هي كالشاهد أو كالشاهدين

- ‌(القاعدة الثالثة عشرة والمائة) الجزء المشاع هل يتعين أم لا

- ‌(القاعدة الرابعة عشرة والمائة) مضمن الإقرار هل هو كصريحه أم لا

- ‌(القاعدة الخامسة عشرة والمائة) الأرض هل هي مستهلكة (أ) أو مربية

- ‌(القاعدة السادسة عشرة والمائة) الحكم هل يتناول الظاهر والباطن، أم لا (ب) يتناول إلا الظاهر فقط؟ - وهو الصحيح

- ‌(القاعدة السابعة عشرة والمائة) الانتشار هل هو دليل للاختيار أم لا

- ‌(القاعدة الثامنة عشرة والمائة) كل ما أدي إثباته إلي نفيه فنفيه أولي

- ‌تعريف وبيان:

- ‌شكر وتقدير

الفصل: ‌ب- الحالة السياسية بالمغرب:

صدر عنه ذلك لم تشر إليه، وإنما اكتفت بالقول:"إنه حصلت له كائنة مع السلطان، وتعرضت داره للنهب (18) ".

وكيفما كان السبب، فقد أصدر الأمر بنفي صاحبنا من تلمسان، ومصادرة أملاكه، فغادرها في غرة محرم سنة (876 هـ- 1469 م (19)) قاصدا فاس، فوجد بها أصدقاءه من علمائها الذين رحبوا به أيما ترحاب، وأضفوا عليه من التقدير والتكريم ما أنساه المصاب، وكيف لا؟ وقد عرفوه من خلال كتاباته وفتاواه الكثيرة، إذ كانت تجري بين علماء فاس وتلمسان -من حين لآخر- محاورات علمية، وتساؤلات وإيجابات متبادلة؛ في أعوص المسائل الفقهية وأدقها، وتبادلوا الإجازات بالمراسلة، والونشريسي نفسه يذكر أنه أخذ عن بعض شيوخ فاس بالمكاتبة (20).

‌ب- الحالة السياسية بالمغرب:

لم يكن الوضع السياسيى بالمغرب-آنذاك- أحسن مما كان عليه بالجزائز بل كان على أسوا حال، فالدولة المرينية القوية التي كانت بالأمس القريب، تصول وتجول، قد أصابها داء الشيخوخة والهرم، الذي يصيب أكثر الأمم -كما يقول ابن خلدون (21) - وكان آخر ملوكهم الضعفاء السلطان عبد الحق

(18) انظر (فهرسة) المنجور ص: 50، ونيل الابتهاج ص: 87، والبستان ص: 53 ولقط الفرائد ص: 254.

(19)

نفس المصدر.

(20)

انظر وفيات الونشريسي (ألف سنة من الوفيات في ثلاثة كتب) لحجى ص: 149.

(21)

المقدمة ص: 304 - 307. نشر دار الكتاب اللبناني.

ص: 14

الذي سود صحيفة بني مرين بتسليمه دواليب الحكم لليهوديين (هرون، وشاويل) اللذين تعسفا في حكمهما وصبا مختلف ألوان العذاب على الأبرياء بدون شفقة ولا رحمة، فهاج الشعب واستشاط غضبا، ولم يهدأ له بال حتى قتل عبد الحق وبيادقه سنة (869 هـ- 1464 م (22)) وبمصرعه انتهى حكم بني مرين نهائيا، بعد أن استمر زهاء مائتي عام.

فبويع أبو عبد الله الحفيد محمد بن علي الإدريسي الجوطي، إلا أن تصرفاته أثبتت عدم صلاحيته لهذا الأمر الجسيم، لكون البلاد لم تزد في عهده إلا تدهورا وانحطاطا، فعزل سنة (875 هـ- 1470 م (23)) وفي عهده حط الرحيل صاحبنا بفاس، فما كان عليه إلا أن يشارك أهل الحل والعقد حماسهم في تنحية الحفيد.

والواقع أن المغرب أصبح -منذ انفلات الزمام من يد قادته المتبصرين- عرضة لنهب الناهبين، وطعمة سائغة للطامعين، فابن الأحمر استولى على ثغور بني مرين بالأندلس، واحتضنها لتسلم إلى الإسبان -بعد حين- والبرتغال دفعتهم مطامعهم التوسعية إلى احتلال أهم شواطيء المغرب على المحيط الأطلسي، بعد أن استولوا على المراكز الاستراتيجية في البحر الأبيض المتوسط، فاحتلوا سبتة سنة

(22) الاستقصا ج 4 ص: 99 - 100، طبع دار الكتاب، الدار البيضاء سنة 1955.

(23)

نفس المرجع ج 4 ص: 114 - 115.

ص: 15

(818 هـ-1415 م (24)) وقصر المجاز (862 هـ-1457 م)، ثم طنجة (869 هـ-1464 م (25)) وأنفا (الدار البيضاء)(872 هـ- 1467 م (26)) وأصيلة (876 هـ-1471 م).

وحاول مؤسس الدولة الوطاسية محمد الشيخ الوطاسي أن يتدارك الموقف باستلائه على فاس سنة (876 هـ- 1471 م (27)) وطرد الحفيد منها، والقضاء على الفتن الداخلية وتصديه للجهاد، وكان شجاعا مقداما، وسياسيا ماهرا، غير أن ما وجده من المشاكل المتراكمة المترسبة، وما فاجأه من أحداث جديدة ومتنوعة، كان فوق طاقته، لم تنفع فيه شجاعته، ولا مهارته السياسية .. ، فمن تلك الاحداث:

(24) كذا عند غير واحد من المؤرخين، أمثال ابن القاضي في (لقط الفرائد) ص 240 طبع دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر سنة 1396 هـ.

والناصري في (الاستقصا) ج 4 ص: 110، والذي عند ابن حجر في (أنباء الغمر) ج 3 ص:41. طبع مصر، وابن العماد في (الشذرات) ج 7 ص: 124 أن احتلال سبتة كان سنة 817، وفي أزهار الرياض ج 1 ص: 46 أنه كان سنة 819 هـ.

(25)

الاستقصا ج 4 ص 110. طبع دار الكتاب. الدار البيضاء سنة 1955.

(26)

انظر "عروسة المسائل" ص: 13 تعليق (5) وبحث الأستاذ المنوني المنشور في "مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق" ج 4 م 51 ص: 832. وتردد صاحب الاستقصا في تاريخ احتلال آنفا، فذكر في ج 4 ص: 110 أنه كان في نفس التاريخ يعني (876 هـ) أو قبله بيسير، ثم عاد في صفحة 116 من نفس الجزء فقال إنه وقف في تواريخ الأفرنج على أن احتلالها كان في حدود (874 هـ). وقارن كل هذا مع ما في دائرة المعارف الإسلامية ج 9 ص: 77 من أن احتلالها كان في حدود (1458 م).

(27)

كذا في (المرآة) ص: 211. وتابعه على ذلك صاحب الاستقصا ج 4 ص: 120 وهو الذي في (الجذوة) ج 1 ص: 131. لابن القاضي، وفي (لقط الفرائد) ص: 204 - أن بيعة محمد الشيخ الوطاسي بفاس، وخلع أبي عبد الله الحفيد كان سنة (875 هـ).

ص: 16

- فتن داخلية متأججة كثورة عمرو السياف بالجنوب، التي دامت نحو عشرين عاما (28).

- سطو البرتغال على أهم شواطئ المغرب- كما أسلفت.

- سقوط غرناطة آخر معقل من معاقل الإسلام بالأندلس- في أيدي الأسبان سنة (897 هـ-1491 م (29)) وتوارد مسلمي الأندلس على المغرب، بعد طردهم بقسوة من ديارهم وأراضيهم (30) أفواجا أفواجا.

- استيلاء الأسبان على مليلية (902 هـ- 1496 م (31)) وحجر بادس (914 هـ- 1508 م (32)) - بعد أن خربوا تطوان القديمة (33)، وتيجيساس (34) وسواهما من المدن الواقعة على البحر الأبيض المتوسط (مقابل عدوة الأندلس) على يد الطاغية الريكي الثالث (35).

- احتلال البرتغال لمدينة الجديدة: وتخريبهم أسوارها سنة (907 هـ-1502 م (36)) كانت هذه الوقائع -وحدها- كافية في تثبيط عزيمة محمد الشيخ وقطع الآمال في طرد

(28) انظر تفصيل هذه الثورة في الاستقصا ج 4 ص: 122 - 123.

(29)

انظر (نبذة العصر) ص: 42 - 44. ولقط الفرائد ص: 272 والنفح 4/ 525.

وأزهار الرياض ج 1 ص: 66. والاستقصا ج 4/ 104.

(30)

انظر (نبذة العصر) ص: 46 - 48، والنفح، ج 4 ص:528.

(31)

لقط الفرائد ص: 276.

(32)

نفس المرجع.

(33)

الاستقصا 4/ 89. وتاريخ تطوان 1/ 82.

(34)

انظر الوزاني تاريخ المغرب 1/ 177.

(35)

كان ذلك عام 803 هـ- 1400 م- انظر تاريخ تطوان 1/ 82، والوزاني تاريخ المغرب 1/ 177.

(36)

الاستقصا ج 4، ص:110.

ص: 17

الغزاة الذين أحاطوا به من كل جانب، فضلا عما تحدثه في الأمة من بلبلة الأفكار وإثارة الاضطرابات، وضعف الهمة، وتلاشي العزيمة.

ومع ذلك، فقد قاد معركة الجهاد، وأبلى البلاء الحسن في مقارعة العدو (37) إلى آخر نفس من حياته (38)(910 هـ- 1504 م)، فخلفه ولده محمد الملقب بـ (البرتغالى (39))، وكان يتحلى بكثير من سمات أبيه، إلا أنه ابتلي منذ اعتلائه العرش بثورة ابن عمه مسعود بن الناصر- حاكم مكناس- عليه، وظهور مؤسس الدولة السعدية محمد القائم بأمر الله، وزادت البلاد تضعضعا واضطرابا، مما شجع البرتغال على تنفيذ مخططهم الخاص باحتلال المراسي المغربية الباقية، تمهيدا لاحتلال المغرب كله، فاستولوا على العرائش (40)، وأكادير (41) سنة (910 هـ- 1504 م) بدون مقاومة تذكر. ثم احتلوا آسفي سنة (912 هـ-1506 م (42))، وأزمور (914 هـ-1509 م (43)) والمعمورة (920 هـ-1515 م (44)).

وبذل أبو عبد الله محمد البرتغالي، أقصى المستطاع في استرداد الشواطي المغربية، واستخلاصها من مخالب

(37) انظر عروسة المسائل ص: 15 - 17.

(38)

جذوة الاقتباس 1/ 131، ولقط الفرائد ص: 278، وعروسة المسائل ص 20 والاستقصا 4/ 140.

(39)

لقب بذلك لأنه وقع في أسر البرتغال لما أخذوا ثغر أصيلا وبقي عندهم نحو 7 سنين إلى أن افتكه والده.

(40)

عروسة المسائل ص: 22 - 24.

(41)

و (42) و (43) و (44) انظر الاستقصا ج 4 ص: 110.

ص: 18