الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنواع القواعد:
وعلى ضوء التعاريف السالفة، وبتتبع صيغ القواعد المختلفة، وما تضمنتها من أحكام شرعية لفروع كثيرة، بعضها من باب واحد، وبعضها الآخر من أبواب شتى - يمكن أن نستنتج أن القواعد الفقهية نوعان: نوع عام، ونوع خاص.
أ - النوع العام هي تلك القواعد الجامعة لأحكام عدة - من أبواب مختلفة - غالبًا - يصح في مضمونها أن يطلق عليها - بلغة العصر - النظريات العامة للفقه الإسلامي لاستيعابها أحكاما لا تحصى - في أقصر عبارة، وأوسع دلالة.
وهذا النوع يتفرع إلى فرعين: فرع متفق عليه، وفرع مختلف فيه.
فالفرع الأول يراد به تلك القواعد العامة التي اتفق الفقهاء عليها - كقاعدة، وعلى أغلبية أحكام المسائل المدرجة تحتها، لذا كانت صيغها خبرية، مثل، قاعدة "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح (6) "، و"الأصل منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية (7) "و"الضرورات تبيح المحظورات (8) ".
ولم يذكر الونشريسي في كتابه "إيضاح المسالك
…
" من قواعد هذا الفرع إلا نحو سبع عشرة قاعدة.
(6) القاعدة (34) من إيضاح المسالك ص: 226.
(7)
القاعدة (65) من إيضاح المسالك ص: 285.
(8)
القاعدة (97) من إيضاح المسالك ص: 372.
أما الفرع الثاني، فأعني به تلك القواعد العامة التي اختلف الفقهاء في شأنها، وفي أحكام القضايا المدرجة أو القابلة للاندراج تحتها، لذا ترد صيغها مقرونة بالاستفهام، كقولهم:"الظن هل ينقض بالظن أم لا (9)؟ و "العقد هل يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا (10)؟ ، و"مضمن الإقرار هل هو كصريحة أم لا؟ (11) ".
وجل قواعد إيضاح المسالك من هذا القبيل.
ب - النوع الخاص - من القواعد -:
أعني به تلك القواعد التي تندرج تحتها أحكام متشابهة لنوازل كثيرة من باب واحد - غالبًا.
وقواعد هذا النوع -أيضًا- منها ما اتفق عليه، كقولهم؛ "كل كفارة سببها معصية فهي على الفور (12) "، و"كل ماء لم يتغير أحد أوصافه طهور (13) ". و"كل طير مباح الأكل (14) ".
ومنها ما اختلف فيه، كقولهم:"كل عضو غسل يرتفع حدثه أولًا، إلا بالكمال والفراغ (15) " و"كل جزء في الصلاة قائم بنفسه، أو صحة أولها متوقف على صحة آخرها (16) ".
(9) القاعدة (7) من إيضاح المسالك ص: 155.
(10)
القاعدة (56) من إيضاح المسالك ص: 269.
(11)
القاعدة (114) من إيضاح المسالك ص: 405.
(12)
انظر المنجور ص: 2 م - 2.
(13)
انظر شرح المنجور على المنهج المنتخب م - 2 ص: 2.
(14)
نفس المصدر
(15)
انظر القاعدة (17) ص: 187.
(16)
انظر القاعدة (29) ص: 210.
ومما تقدم يمكن تقسيم القواعد الفقهية إلى أربعة أقسام:
أ - قواعد فقهية عامة مسلمة لا خلاف فيها، يندرج تحتها أحكام لمسائل من أبواب شتى - غالبا.
ب - قواعد فقهية عامة، كسابقتها، بيد أنَّه اختلف فيها، وفي أحكام القضايا التي تندرج تحتها، وهي أصول الخلاف في المذهب.
ج - قواعد خاصة مسلمة، لا اختلاف فيها، ولا في فروعها - غالبا - وتندرج تحتها أحكام متشابهة من باب واحد غالبا. وهذه القواعد الخاصة يسميها البعض ضوابط، وعرفت عند المتأخرين بالكليات، وألفوا فيها (17).
د - قواعد خاصة كسابقتها، لكنها اختلف فيها، وفي فروعها، وتجمع أحكاما متشابهة من باب واحد غالبا.
ولا يفهم من هذا كلّه أن أحكام القواعد الفقهية أمر مطرد، بل إنها أغلبية، شأنها في ذلك شأن قواعد علوم أخرى، إذ لكل قاعدة شواذها، وربما القواعد الفقهية أكثر من غيرها في هذا الشأن، بحيث قلما تجد قاعدة ليس لها استثناءات في فروع الأحكام التطبيقية، لكون الفقهاء يرون أن تلك المسائل، أو الصور المستثناة من قاعدة ما، هي أليق بالتخريج على قاعدة أخرى، أو أنها تستدي أحكامًا استحسانية خاصة، مثلًا قاعدة "لا ينسب إلى ساكت قول"، استثنى الفقهاء منها عدة مسائل، يكون السكوت فيها كالنطق، كسكوت البكر عند استئمارها،
(17) وممن ألف فيها المقري، وابن غازي.