الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحقيق الكتاب
حينما اخترت كتاب "إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك" -لأبي العباس الونشريسي- موضوعًا جامعي، وجب علي أن أقرأ الكتاب قراءة مقارنة، وكان البحث عن أصول الكتاب المخطوطة وصلتها بالمؤلف، من أولى الخطوات في هذا السبيل، وأعني بالصلة أن تكون النسخة مخطوطة المؤلف، أو مقروءة عليه - تحمل دليلا على هذه القراءة، أو مكتوبة على نسخة مباشرة، أو بواسطة معارضتها عليها - على الأقل.
ولكن تحقيق هذه الصلة ليس بالأمر الهين، فالزمان بحوادثه - قد ألحق بالجمهرة من عيون التراث الإسلامي ما لا يجهله كل باحث في هذا الميدان، من ألوان التبديد والإفناء.
نسخ الكتاب واختلافها:
ورغم ذلك، فإن المكتبات - سواء منها العامة أو الخاصة - حفظت لنا نسخًا عديدة منه ومختلفة، ولكنها - وياللأسف - ليست هناك واحدة منها لها صلة بالنسخة (الأم)، والظاهرة التي تطبع هذه النسخ جميعها، أنها كلما كانت أقدم صدورا عن المؤلف، كانت أوجز وكلما كانت حديثة العهد بالمؤلف، كانت أكثر تفصيلا للمسائل، وأوسع استيعابًا للنوازل.
وعلى وجه التقريب، يمكن أن نقسم النسخ التي صدرت عن المؤلف إلى أصول ثلاثة:
1 -
أصل قديم الصدور عن المؤلف - وهو موجز.
2 -
أصل متوسط يزيد قليلا عن سابقه، وينقص الكثير من التفصيلات عن الَّذي يليه.
3 -
ثم حديث العهد بالمؤلف.
ويقوم هذا الكتاب على أن هناك أما أولى لهذه النسخ جميعا، وهي التي كتبها المؤلف - وهو بالجزائر - في حدود سنة (870 هـ ـ) ولعلها كانت من ضمن ما ضاع من كتبه حين انتهبت داره (48)، وعنها تتفرع سائر الأصول التي تتمثل في مجموعات، يسهل تصور أطوارها - عن أصولها وأمهاتها في الرسم التالي:
النسخة الأم:
• فرع قديم -> نسخة ت
• فرع متوسط -> عقيم
• فرع حديث -> [نسخة (الأصل) (د)، نسخة ق، نسخة خ]
(48) انظر قسم الدراسة (الفصل الأول) ص: 18 من الرسالة.
والذي يظهر أن الأصل الحديث من هذه الأصول، هو الَّذي بقي بين يدي المؤلف حتَّى الأيام الأخيرة من حياته، فظل التنقيح يلاحقه، وأضاف إليه كثيرًا من المسائل والفروع؛ وبذلك أصبح ناسخًا للأصول التي كانت قبله، معبرًا عن الصورة الأخيرة للكتاب.
ومن هنا كان البحث عن الأصول الحديثة - أساسا أوليا لتحقيق هذا الكتاب. أما الأصول القديمة والمتوسطة، فقد نسخها ما جاء بعدها من الأصول: ولذلك أسقطتها من الحساب، حتَّى لا أثقل الكتاب بكثير من الحواشي بدون فائدة.
والنسخ التي اعتمدتها في تحقيق هذا الكتاب ثلاث:
الأولى: صورة عن نسخة مخطوطة محفوظة بالخزانة العامة بالرباط رقم (د - 2611) وهي التي اعتبرتها الأصل، لأنَّها مقابلة على نسخة مصححة لأبي محمد عبد الواحد الونشريسي (49)(ولد المؤلف)، وقد كتبت في حياته (50) وليس فيها أي بتر، عدا تآكل حرف أو حرفين من بعض سطروها الأوائل - في بعض لوحاتها، وقد كتبت بخط مغربي جميل، ودقيق للغاية، استوعبتها ثلاث عشرة لوحة. مقياسها (18× 12) سم، سطورها (37) غالبا، في كل سطر نحو ثلاث وعشرين كلمة.
الثانية صورة عن نسخة مخطوطة مودعة بالخزانة العامة بالرباط رقم (76 - ق) وهي التي أرمز لها بحرف (ق) وقد
(49) ويشير كثيرا إلى هذا الأصل أبو العباس المنجور في شرحه على المنهج المنتخب.
(50)
كما يدل على ذلك ما جاء في آخر النسخة من الدعاء له بطول البقاء.