الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي تخرج منها نخبة من العلماء السلفيين، كالتباع (60) والغزواني (61)، ثم مدرسة الشيخ زروق (62) -بالمغرب- وأبي عبد الله السنوسي (63)، والشيخ إبراهيم التازي التسولي (64) بالجزائر.
ويعدد الناصري الأمور التي ظهرت في هذا العهد قائلا: "
…
منها: ظهور الأولياء، وأهل الصلاح من الملامتية وأرباب الأحوال والجذب -في بلاد الشرق والغرب- لكنه انفتح به للمتسورين على النسبة، وأهل الدعوى، باب متسع الخرق، متعسر الرتق، فاختلط المرعى بالهمل، وأدعى الخصوصية من لا ناقة له فيها ولا جمل، وصعب على جل الناس التمييز بين البهرج والإبريز
…
(65).
-
الدعوة إلى الإصلاح:
واستتبعت هذه النكسة انحلالا خلقيا، وانحرافا عن الطريق المستقيم، وتشويها لتعاليم الإسلام، فانتشرت البدع والمنكرات، واستشرى الفساد وتفاقم في كثير من الجهات، فتحركت الغيرة الدينية في نفوس العلماء المصلحين، الذين وهبوا أنفسهم لخدمة الدين الحنيف وتجديد الدعوة السلفية، لتوعية الجماهير الشعبية -رجالا ونساء- بالتعريف بالعقيدة
(60)"ممتع الأسماع" ص: 34 و "الدوحة" ص: 99.
(61)
"ممتع الأسماع"، ص: 37، و "الدوحة" ص:70.
(62)
انظر "الدوحة" ص: 38: 40.
(63)
انظر نفس المصدر ص: 89.
(64)
انظر "نيل الابتهاج"، ص: 54 - 57.
(65)
انظر "الاستقصا" ج 4، ص: 163 - 164.
الإِسلامية الصحيحة، وتوضيح مزاياها في إصلاح المجتمعات الإسلامية بصفة خاصة، والمجتمعات الإنسانية عامة.
وربما كان من دواعي هذه الحركة الإصلاحية -أيضًا- بروز ظاهرة التبشير التي واكبت الغزو البرتغالي والإسباني، وبتعبير أصح، الحروب الصليبية التي استهدفت المغرب العربي، (66) وجعلت تغزوه ماديا ومعنويا، فتوجس المصلحون خيفة من هذا التبشير، الذي صار يسحر بمغرياته -المتنوعة- الأعمى والبصير.
وممن تبنى هذه الدعوة الإصلاحية -بالمغرب- أبو محمد عبد الله الهبطي (ت 963 هـ- 1555 م (67)) الذي أعلنها حربا شعواء على الجهل والضلال، بمختلف الوسائل، فألف عدة رسائل، شرح فيها عقيدة المسلم، مجردة عن البراهين والدلائل، وبسطها بسطا يفهمها الكبير والصغير، ولم يكتف بالقلم فقط، بل قام بمحاربة البدع والمنكرات عمليا، وظل ينتقل من بلد لآخر يعلم الناس شؤون دينهم، ويحذرهم من عواقب التفريط في شريعتهم، والبدع التي امتزجت بحياتهم، واقتحمت بيوتاتهم، وأسواقهم ومعاملاتهم، وكل مجالات حياتهم، حتى أنستهم تعاليم شريعتهم "فنفع الله به خلقا كثيرا، وطهر -البلاد- في أكثر الجهات- من رجس البدع والضلالات (68) " "لأن
(66) انظر بحث الأستاذ المنوني الآنف الذكر.
(67)
انظر (دوحة الناشر) ص: 7 - 8.
(68)
(مقنع المحتاج) لابن عرضون، مخطوط الخزانة المنامة بالرباط رقم:(1026 ك) و (دوحة الناشر) ص: 12.
يَهْدِيَ الله بكَ رَجْلًا خَير لَكَ مِنْ أنْ تَكونَ لَكَ حُمْر النَّعم (69) ".
وفي الجزائر تصدى لأداء هذه الأمانة الإصلاحية أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي، عالم تلمسان وإمامها، حيث قام بتأليف عدة مولفات في العقيدة الإسلامية، لم يقتصر نفعها على الجزائر وحدها، بل عم شعاعها سائر الأقطار الإسلامية.
وأشهر مؤلفاته في هذا الشأن، العقيدة الكبرى، والصغرى، والوسطى، وصغرى الصغرى، وله عليها شروح عدة (70).
ومثل هؤلاء الدعاة الذين ليس لهم طمع في زخرف الحياة، ولا هوى في دنيا الناس، ولا رغبة في جزاء، ولا شكور
…
مثل هؤلاء خليقون بأن لا ترد لهم دعوة، ولا يضيع لهم نداء، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أحسن الجزاء، متضرعا إليه سبحانه، أن يجود بأمثالهم في هذا الزمان الذي كثر فيه الإلحاد، وطغت فيه الماديات على الروحيات.
(69) أخرجه الشيخان: البخاري، ومسلم.
(70)
انظر (نيل الابتهاج) ص: 228، والبستان) ص: 237، و (معجم المطبوعات) ص: 1058، وبحث الأستاذ المنوني السالف الذكر.