الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلاميذه:
كرس أبو العباس حياته للعلم والتعلم منذ الصغر، وحرص حرصا شديدا علي تحصيل كل ما يقرأ أو يسمع -من شيوخه- حفظا أو تدوينا، إلى أن أتقن وأحكم كثيرا من العلوم الإسلامية، وخاصة الفقه منها، باستيعابه إياه أصولا وفروعا، حتى أضحى فيه إماما مشهورا، مما أهله إِلى أن يتبوأ كرسي تدريس المدونة في أقدم عاصمة علمية -بالمغرب- (فاس) في أزهى وأخصب فتراتها بجهابذة العلماء والفقهاء، كالشيخ القوري وزروق، والحباك، وابن غازي، وغيرهم ممن كانوا لا يشق لهم غبار، ومع ذلك لم يجد بعضهم بدا من الاعتراف بإمامة أبي العباس، في الفقه والنحو وكفي دليلا علي ذلك ما نقله -لنا- بعض من ترجموا له في الفقرات التالية:
"إِنه لما قدم علي فاس إنكب علي تدريس المدونة، ومختصر ابن الحاجب الفرعي، وكان مشاركا في فنون العلم، إِلا أنه لما لازم تدريس الفقه، ظن من لا يعرفه، أنه لا يحسن غيره، وكان فصيح اللسان والقلم، حتى كان يقول من يحضره، لو رآه سيبوبه لأخذ النحو من فيه"(41).
وعلى ما يبدو فإن صاحبنا كان ذا طريقة مغرية في التبليغ والإفادة، وموهبة فائقة في جلب سامعيه إِلي دروسه، مع فصاحة اللسان وقوة الذاكرة، ومن الطبيعي أن من كان هذا شأنه ونهجه -أيام كانت حرية اختيار الأستاذ والمادة موكولة
(41) انظر "جذوة الاقتباس" ج 1 ص: 79، و "السلوة" ج 2 ص:154.
إِلى ميل الطالب- أن يتهافت الطلاب علي دروسه من كل جانب، ويقع الإقبال عليه، وتتوافد الوفود تلو الوفود، للاقتباس من معارفه الفياضة، فأخذ عنه جم عفير من الطلبة، سنقتصر علي ذكر من لازمه مدة طويلة، ومن أولئك:
1 -
الفقيه المحدث أبو عبد الله محمد بن عبد الجبار الورتدغيري، لازم أبا العباس مدة ليست بالقصيرة، ثم التحق بتلمسان بعد أن أجازه بفهرسته، التي ضمنها أسماء شيوخه ومروياتهم، (42) ويذكر صاحب فهرس الفهارس أنه ألفها باسمه (43).
2 -
الفقيه النوازلي، أبو عياد بن فليح اللمطي، قرأ عليه مختصر ابن الحاجب الفرعي ولازمه فيه حتى فهمه، وتفقه عليه، (44)(ت 936 هـ 1530 م).) (45)
3 -
أبو زكرياء يحيي السوسي، لازمه إِلي أن صار فقيها متفننا. (46)
4 -
الفقيه العابد الصالح، أبو محمد الحسن بن عثمان الجزولي، لازمه إِلى سنة 908 هـ حيث قرر الرحيل، فخرج الشيخ لتوديعه بنفسه (تـ 932 هـ (47) 1525 م).
(42) انظر فهرسة المنجور ص: 12 - نشر حجي.
(43)
"فهرس الفهارس" ج 2 ص: 438.
(44)
انظر "فهرسة المنجور" ص: 50.
(45)
انظر "لقط الفرائد" ص: 293.
(46)
انظر "فهرسة المنجور" ص: 51.
(47)
انظر "الفهرسة" ص: 5 و "لقط الفرائد" ص: 291.
5 -
الفقيه أبو محمد عبد السميع المصمودي، من جبل (درن) لازمه في دروس مختصر ابن الحاجب الفقهي، ثم عاد إِلى بلده، وسمع عليه كثيرون. (48)
6 -
الفقيه الحسيب، سليل العلماء، قاضي فاس، أبو عبد الله محمد بن الفقيه القاضي ناظر القرويين، أبي عبد الله محمد الغرديسي التغلبي، تفقه علي أبي العباس ولازمه إلي أن عاجله الموت بسبب طاعون (49) جارف (ت 897 هـ-1491 م)(50).
7 -
أبو الحسن علي بن هارون المظغري عالم فاس، وفقيهها، وإمامها، وحامل لواء المذهب بها - رواية (تـ 951 - 1544). (51)
8 -
ولده الإمام الشهيد، أبو محمد عبد الواحد الونشريسي (تـ 955 - 1548)(52).
9 -
أبو القاسم محمد بن عبد الرحمن الكراسي، قاضي تطوان (تـ 964 - 1556). (53)
- ويشير الشيخ المنجور في فهرسته (54)، إِلي أن هناك تلاميذ مشارقة أخذوا عن أبي العباس الونشريسي، ولعله يعني
(48) انظر "فهرسة المنجور" ص: 51.
(49)
ويعرف بطاعون سمورة- المرجع السابق.
(50)
انظر "الفهرسة" ص: 51.
(51)
انظر في ترجمته "الفهرسة" ص: 40 - 45، "وشجرة النور" ص: 278، و "الفكر السامي" 4/ 151.
(52)
انظر في ترجمة الفهرسة ص: 50 و 52، وشجرة النور ص 282، والفكر السامي ج 4/ 101.
(53)
انظر دوحة الناشر ص، 17، وتاريخ تطوان ج 1 ص:144.
(54)
صفحة 51.
أنهم استجازوه فأجازهم، كلما وصلته هو إجازة بعض الشيوخ المشارقة بواسطة الشيخ زروق، كما أشرت إِلي ذلك آنفا.
وفاته:
أجمعت المصادر التي ترجمت لأبي العباس، علي أنه توفي (55) بفاس سنة (914 هـ):
وصاحب المعيار زار قبره
…
في عام (غيد) فعليه الرحمة (56)
وبالضبط يوم الثلاثاء، عشري صفر سنة (57)(914 - 1508 م).
إذا استثنينا ابن عسكر في الدوحة (58) الذي لم يستطع تحديد تاريخ وفاته- علي عادته في أكثر الوفيات التي ذكرها، واقتصر علي القول بأنه توفي في العشر الأولى -يعني من القرن العاشر الهجري.
(55) رثاه أبو عبد الله محمد بن الحداد الوادي آشي الغرناطي نزيل تلمسان بقصائد مؤثرة، انظرها في أزهار الرياض ج 3 ص: 306 - 307.
(56)
انظر حاشية أبي الشتاء الصنهاجي علي الزقاقية ج 2 ص: 207.
(57)
أورد هذا التاريخ بالتحديد (اليوم والشهر والسنة) صاحب أزهار الرياض ج 3 ص: 307.
(58)
انظر ص: 37.