الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقول: من قرأ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فقرأ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين، وقال الترمذي: إنما رُوي بهذا الإسناد عن الأعرابي ولم يُسَمّ.
615 -
قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه سورة الرحمن فسكتوا، فقال: لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم، كلما أتيت على قوله {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبانِ} قالوا: لا بشيءٍ من نِعَمِك ربَّنا نكذب، فلك الحمد. (غريب).
قلت: رواه الترمذي في التفسير (1) من حديث زهير بن محمد عن ابن المنكدر عن جابر، قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد، قال ابن حنبل: كأنّ زُهير بن محمد الذي وقَعَ بالشام ليس هو الذي يُروى عنه بالعراق، كأنّه رجل آخر، وافق اسمه، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: أهل الشام يروون عن زهير بن محمد مناكير، وأهل العراق يروون عنه أحاديث مقاربة انتهى كلام الترمذي.
قوله صلى الله عليه وسلم: "كانوا أحسن مردودًا منكم" أي ردًّا، مفعول بمعني المصدر، كالمخلوق بمعني الخلق.
باب الركوع
من الصحاح
616 -
قال صلى الله عليه وسلم: "أقيموا الركوع والسجود فوالله إني لأراكم من بعدي".
قلت: رواه الشيخان والنسائي (2) كلهم من حديث أنس.
(1) أخرجه الترمذي (3291). وفي المطبوع من الترمذي (5/ 322)"قلبوا اسمه" بدل "وافق اسمه".
(2)
أخرجه البخاري (742)، ومسلم (425) والنسائي (2/ 216).
قوله صلى الله عليه وسلم: "إني أراكم من بعدي" أي: من ورائي كما جاء مصرحًا به في بعض الروايات، وحمله بعضهم على ما بعد الوفاة، وهو ضعيف، قال العلماء: إن الله تعالى خلق له صلى الله عليه وسلم إدراكًا في قفاه، يبصر به من ورائه، وقد انخرقت العادة له صلى الله عليه وسلم أكثر من هذا، وليس يمنع من هذا عقل ولا شرع، بل ورد الشرع بظاهره فوجب القول به، قال الإمام أحمد: وجمهور العلماء: هذه الرؤية رؤية بالعين حقيقة.
617 -
"كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وجلوسه بين السجدتين، وإذا رفع من الركوع ما خلا القيام والقعود، قريبًا من السَّواء".
قلت: رواه الشيخان في الصلاة من حديث البراء بن عازب، واللفظ في قوله:"ما خلا القيام والقعود" للبخاري. (1)
618 -
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده، قام، حتى نقول قد أوهَم، ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهمَ".
قلت: رواه الشيخان (2) وأبو داود هنا من حديث أنس، واقتضى كلام ابن الأثير (3) أن قوله: قد أوهم رواية أبي داود وليست في الصحيح، وأن الذي في الصحيح قد نسي، وليس كذلك فاعتمد ما قلناه.
قوله: حتى نقول قد أوهم: يقال أوهم في صلاته، إذا أسقط منها شيئًا والمعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يمكث في الاعتدال من الركوع وفي الجلوس بين السجدتين زمنًا حتى يقول القائل: إنه أسقط الركوع الذي ركعه وعاد إلى القيام وكذا في الجلوس بين السجدتين.
619 -
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربَّنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأَوَّلُ القرآن".
(1) أخرجه البخاري (792)، ومسلم (471).
(2)
أخرجه البخاري (821)، ومسلم (473)، وأبو داود (853).
(3)
انظر كلام ابن الأثير في جامع الأصول (5/ 363).
قلت: رواه أصحاب الكتب الستة وأحمد إلا الترمذي كلهم في الصلاة من حديث عائشة (1). ومعني يتأول القرآن: يعمل بما أمر به في قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} فكان صلى الله عليه وسلم يقول هذا الكلام البديع في الجزالة المستوفي ما أمر به في الآية، وكان يأتي به في الركوع والسجود، لأن حالة الصلاة أفضل من غيرها، فكان يختارها لأداء الواجب الذي أمر به ليكون أكمل.
620 -
أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: "سُبّوح قُدُّوس ربُّ الملائكة والروح".
قلت: رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث عائشة ولم يخرجه البخاري (2).
وسبوح وقدوس: بضم السين والقاف وبفتحهما، والضم أفصح وأكثر، قال الجوهري (3): سُبُّوح من صفات الله تعالى، قال ثعلب: كل اسم على فُعُّول مفتوح الأول، إلا السُّبُّوح والقُدُّوس، فإن الضَمَّ فيهما أكثر، وكذلك الذُرُّوحُ وهي دُويبة حمراء مُنَقَّطة بسوادٍ تطير، وهي من ذوات السموم، قال ابن فارس وغيره: سبوح هو الله عز وجل، فالمراد بالسُّبوح والقُدوس: المسبّح والمقدّس، فكأنه قال مسبّح مقدّس رب الملائكة والروح، ومعنى سُبّوح: المبرأ من النقائص، والشريك، وكل ما لا يليق بإلالهية، وقدوس: المطهّر عن كل ما لا يليق بالخالق.
(1) أخرجه البخاري (817)، مسلم (484)، وأبو داود (877)، والنسائي (2/ 219)، وابن ماجه (889)، وأحمد (6/ 43)، وأخرجه الطبراني في الدعاء (600)، والبيهقي في السنن (2/ 109)، وفي الدعوات الكبير (76)، والبغوي في شرح السنة (1618).
(2)
أخرجه مسلم (487)، وأحمد (6/ 34)، وأبو داود (872)، والنسائي (2/ 224).
(3)
الصحاح للجوهري (1/ 372 و 362)، وانظر مجمل اللغة (2/ 482).
قال القاضي عياض (1): وقد قيل فيه سبوحًا قدوسًا على تقدير أسبّح سُبّوحًا أو أذكر أو أعظّم أو أَعْبُد. قوله: رب الملائكة والروح: قيل الروح: ملك عظيم، وقيل: خلق لا تراهم الملائكة، كما لا نرى نحن الملائكة، وقيل: يحتمل أن يكون جبريل، والله أعلم.
621 -
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إني نُهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظِّموا فيه الربّ وأما السجود، فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ أن يُستجاب لكم".
قلت: رواه أحمد ومسلم وأبو داود كلهم في الصلاة من حديث ابن عباس ولم يخرجه البخاري. (2)
قَمِن: بفتح القاف وبفتح الميم وكسرها لغتان مشهورتان، فمن فتح فهو عنده مصدر لا يثنّى ولا يجمع، ومن كسر فهو وصف يثنّى ويجمع، وفيه لغة ثالثة قَمِين بزيادة ياء وفتح القاف وكسر الميم ومعناه حقيق وجدير.
622 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قولُه قولَ الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه".
قلت: رواه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي كلهم في الصلاة من حديث أبي هريرة (3) وأعاده البخاري في بدء الخلق.
623 -
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع ظهره من الركوع، قال:"سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملءَ الأرض وملءَ ما شئت من شيء بعدُ".
(1) إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 402).
(2)
أخرجه أحمد (1/ 155)، ومسلم (479)، وأبو داود (876)، والنسائي (2/ 189).
(3)
أخرجه البخاري (796) و (3228)، ومسلم (409)، وأبو داود (848)، والترمذي (267)، والنسائي (2/ 144).
قلت: رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه كلهم في الصلاة من حديث عبد الله ابن أبي أوفى ولم يخرجه البخاري. (1)
624 -
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع، قال:"اللهم ربنا لك الحمد، ملءَ السماوات وملء الأرض، وملء ما شئتَ من شيء بعد، أهلَ الثناءِ والمجد، أَحَقُّ ما قال العبد، وكُلّنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أَعطَيت ولا مُعْطي لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منكَ الجدُّ".
قلت: رواه مسلم والنسائي هنا من حديث أبي سعيد الخدري ولم يخرج البخاري هذا الحديث. (2) قوله صلى الله عليه وسلم: "أهل الثناء" هو منصوب على النداء، وجوّز بعضهم رفعَه، على تقدير: أنت أهل الثناء، والثناء: الوصف الجميل، والمدح: هو المجد والعظمة ونهاية الشرف، وهذا هو المشهور في الرواية، في مسلم وغيره، وفي رواية حكاها عياض أهل الثناء والحمد، والمشهور الأول. (3)
قوله صلى الله عليه وسلم: "أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد" قال النووي: هذا هو الصحيح في مسلم وغيره، أحق: بالألف، وكلّنا بالواو وأما ما وقع في كتب الفقه، حق ما قال العبد، كلنا بحذف الألف والواو فغير معروف من حيث الرواية، وإن كان كلاما صحيحا، وعلى الرواية المعروفة: أحق قول العبد لا مانع لما أعطيت إلى آخره، واعترض بينهما بقوله: وكلنا لك عبد ونكتة الاعتراض بهذه الجملة، بيان الاهتمام بها، والتقدير أحق قول العبد لا مانع لما أعطيت، وكلنا لك عبد، فينبغي لنا أن نقوله، والجدّ: المشهور فيه فتح الجيم هكذا ضبطه المتقدمون والمتأخرون، قال ابن عبد البر: ومنهم من رواه بالكسر، وضَعّف الطبري ومن بعده الكسر قالوا: ومعناه على ضعفه
(1) أخرجه مسلم (476)، وأبو داود (846)، وابن ماجه (878).
(2)
أخرجه مسلم (477)، والنسائي (2/ 189).
(3)
إكمال المعلم (2/ 391) ونسب هذه الرواية لابن ماهان. وانظر: المنهاج للنووي (4/ 259).