الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول: في ذكر طرف من أحواله:
هو الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي إمام الأئمة بلا منازعة ومحيي السنة بلا مدافعة، صنف كتاب "شرح السنة"(1) والتفسير المسمى بـ "معالم التنزيل"(2) و "التهذيب" الذي فاق به المصنفين واغترف من بحره جميع المتأخرين (3) وله فتاوى مشهورة لنفسه غير فتاوى القاضي الحسين التي علقها هو عنه وكان إمامًا جليلًا ورعًا زاهدًا فقيهًا، محدثًا مفسرًا، جامعًا بين العلم والعمل، سالكًا سبيل السلف، له في الفقه اليد الباسطة، تفقه على القاضي الحسين (4)، وهو أخص تلامذته
(1) وهو كتاب عظيم في بابه لا يستغني عنه طالب علم، فإنه من أجل كتب السنة التي انتهت إلينا من تراث السلف ترتيبًا وتنقيحًا، وتوثيقًا وإحكامًا، وإحاطة بجوانب ما ألف فيه، وهو يُبيّن سعة إطلاع مؤلفه رحمه الله على الحديث الشريف ونقلته، ودرايته بالروايات وعللها، ومعرفة مذاهب الصحابة والتابعين، وأئمة الأمصار المجتهدين.
وقد طبع الكتاب كاملًا -والحمد لله- في ستة عشر مجلدًا الطبعة الأولى بدئ فيها 1390 وانتهت 1400 بدمشق، والطبعة الثانية 1403 هـ-1983 م. بيروت بتحقيق زهير الشاويش وشعيب الأرناؤوط.
(2)
وهو تفسير متوسط جامع لأقاويل السلف في تفسير الآي، محلى بالأحاديث النبوية التي جاءت على وفاق آية، أو بيان حكم، وقد تجنب فيه إيراد كل ما ليس له صلة بالتفسير، وقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن ثلاثة تفاسير كما في "الفتاوى" 2/ 193، فقال: وأما التفاسير الثلاثة المسؤول عنها، فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة البغوي.
وقد طبع الكتاب أكثر من مرة، وجميع طبعاته لا تخلو من تحريف وتصحيف وسوء إخراج، وهو جدير بأن يعنى به وأجود الطبعات الموجودة هي طبعة "دار طيبة" بالرياض. وطبع قديما مع كتاب آخر في مطبعة المنار.
(3)
هو تأليف محرر مهذب، مجرد من الأدلة غالبًا، لخصه من تعليقة شيخه القاضي حسين، وزاد فيه ونقص، وهو مشهور متداول عند الشافعية يفيدون منه، وينقلون عنه، ويعتمدونه في كثير من المسائل، والإمام النووي رحمه الله يكثر النقل عنه وكتاب (التهذيب) طبع.
(4)
هو القاضي شيخ الشافعية -حسين بن محمد المَرْورّوذي، صاحب "التعليقة".
وكان رجلًا مخشوشنًا يأكل الخبز وحده، فعُذِلَ في ذلك فصار يأكله بالزيت، سمع الحديث من جماعات منهم: أبو عمر عبدالواحد المليجي وأبو الحسن عبد الرحمن محمد الداووري، وأبو بكر يعقوب بن أحمد الصيرفي وأبو الحسن على بن يوسف الجويني، وغيرهم، وروى عنه جماعات آخرهم: أبو المكارم فشضل الله بن محمد النُّوقانِي -روى عنه بالإجازة- وبقي إلى سنة ستمائة، وأجاز لقاضي القضاة أبي الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر بن قدامة، ولأبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري، فروينا نحن تصانيفه عن جماعات من أصحاب ابن قدامة والفخر بن البخاري منهم الشيخ الإمام المعمر صدر الدين محمد ابن محمد بن إبراهيم الميدومي، فوقع لنا هذا الكتاب عاليًا عن الشيخ صدر الدين الميدومي عن قاضي القضاة ابن قدامة والفخر بن البخاري كتابة له، كلاهما عن أبي الكارم النُّوقانِي عن المصنف.
تُوفي البغوي في شوال سنة ست عشرة وخمس مائة بمرو الرُّوذ، وبها كانت إقامته ودفن عند شيخه القاضي الحسين.
قال الذهبي: ولم يحج وأظنه جاوز الثمانين ومن غرائب مسائله أنه قال في "مسائله" التي خَرَّجها: لو لم يكن من يصلي على الميت إلا النساء لم يجب عليهن. وقال في "فتاويه": من لا جمعةَ عليه إذا حضرها وأراد أن يصلي الظهر خلف الإمام فإن كان صبيًّا جاز، أو إن كان بالغًا لم يجز (1).
(1) انظر: سير أعلام النبلاء (19/ 441).
مصادر ترجمته: التقييد لابن نقطة (1/ 305)، طبقات السبكي (4/ 214)، سير أعلام النبلاء (19/ 439)، تذكرة الحفاظ (4/ 1257)، وفيات الأعيان (2/ 136)، الوافي بالوفيات (13/ 63)، النجوم الزاهرة (4/ 223)، طبقات المفسرين للسيوطي (49) وقد أفردت ترجمة البغوي ودراسات عن بعض كتبه ومنهجه فيها، منها: البغوي ومنهجه في التفسير لعفاف عبد الغفور، منهج الإمام البغوي في تقرير عقيدة السلف لمحمد الخضير، المدخل إلى شرح السنة لعلي بادحدح، الإمام البغوي وأثره في الفقه الإسلامي لصلاح الشرع وغيرها.