الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الكبائر وعلامات النفاق
من الصحاح
32 -
قال رجل: يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: "أن تدعو لله نِدًّا وهو خلقك" قال: ثم أي؟ قال: "ثم أن تقتل ولدك خشية أن يَطعم معك" قال: ثم أي؟ قال: "ثم أن تزانِيَ حليلة جارك" فأنزل الله تصديقها {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} الآية.
قلت: رواه الشيخان: البخاري في مواضع منها في الديات، ومسلم في الإيمان، وأبو داود في الطلاق، والترمذي والنسائي كلاهما في التفسير، كلهم من حديث عمرو بن شرحبيل عن ابن مسعود يرفعه (1).
وقد وهم ابن الأثير في جامع الأصول (2) حين ذكر الحديث في باب الكبائر فجعل أن تلاوة الآية من زيادة الترمذي والنسائي على الصحيحين وليس كذلك بل الآية ثابتة في الصحيحين أيضًا وإنما أوقعه في ذلك أنهما في بعض طرق الحديث لم يذكرا الآية.
والند: بالكسر، المثل والنظير. ويطعم بفتح الياء، أي يأكل وهو معنى قول الله:"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق" أي: فقر. وحليلة الجار: بالحاء المهملة زوجته، ومعنى يزاني يزني بها برضاها، وذلك يتضمن الزنا وإفسادها على زوجها، واستمالة قلبها إلى الزاني.
34 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمينُ الغموسُ".
(1) أخرجه البخاري (6861)، ومسلم (86)، وأبو داود (2310)، والترمذي (3183)، والنسائي (7/ 90)، وفي الكبرى (3478).
(2)
انظر جامع الأصول. (10/ 626).
قلت: رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، والترمذي والنسائي كلاهما في التفسير، كلهم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص يرفعه (1).
وفي رواية أنس: "وشهادة الزور" بدل "اليمين الغموس".
قلت: رواها البخاري في كتاب الشهادات من حديث أنس (2).
والعقوق: مأخوذ من العق وهو القطع يقال: عق والدَه يعقه بضم العين عقوقًا إذا قطعه، وجمع العاق عققة بفتح الحروف كلها، أو عُقُق بضم العين والقاف، وحقيقة العقوق المحرم شرعًا قلّ مَن ضبطه، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام (3): لم أقف في عقوق الوالدين وفيما يخصان به من الحقوق على ضابطٍ أعتمد عليه لأنه لا يجب طاعتهما في كل ما يأمران به ولا ينهيان عنه باتفاق العلماء، وقد حرم على الولد الجهاد بغير إذنهما، لما يشق عليهما من توقع قتله أو قطع عضو من أعضائه، ولشدة تفجعهما على ذلك، وقد ألحق بذلك كل سفر يخافان فيه على نفسه أو عضو من أعضائه.
وقال أبو عمرو ابن الصلاح في فتاويه (4): العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيًا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، قال: وربما قيل: طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات.
قال: وليس قول من قال من علمائنا: يجوز السفر في طلب العلم والتجارة بغير إذنهما
(1) أخرجه البخاري في الأيمان (6675) وكذلك في استتابة المرتدين (6920) بزيادة: "قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب". والترمذي (3024)، والنسائي (7/ 89).
(2)
أخرجه البخاري (2653).
(3)
انظر كتابه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1/ 24 ط. الثانية عام 1400 هـ.
(4)
انظر فتاوى ابن الصلاح (1/ 201).
مخالفًا لما ذكرناه، قال: هذا كلام مطلق وفيما ذكرته بيان لتقييد ذلك المطلق وظاهر الحديث يدل على أنه لا فرق في شهادة الزور بين أن يكون ذلك بحق كبير أو صغير.
35 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات".
قلت: رواه البخاري في الوصايا وفي الطب وفي المحاربين، ومسلم في الإيمان، وأبو داود في الوصايا، والنسائي فيها وفي التفسير، كلهم من حديث أبي هريرة يرفعه. (1)
والموبقات: المهلكات، والمحصنات: بكسر الصاد وفتحها قراءتان في السبع.
قال النووي (2): وقد ورد الإحصان في الشرع على خمسة أقسام: العفة والإسلام والنكاح والتزوج والحرية، والمراد بالمحصنات هنا العفائف.
والغافلات: هن الغافلات عن الفواحش وما قذفن به.
36 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نُهبةً يرفع الناس إليه فيها أبصارَهم حين ينتهبُها وهو مؤمن، ولا يَغُل حين يغُل وهو مؤمن فإياكم إياكم".
قلت: رواه البخاري في الأشربة، ومسلم في الإيمان من حديث يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة، (3) ولم يذكر البخاري الغلول ولا
(1) أخرجه البخاري (2766)، وفي الطب (5764)، وفي المحاربين (6857)، ومسلم (89)، وأبو داود (2874)، والنسائي (6/ 257)، وفي الكبرى (6498)(11361).
(2)
المنهاج (2/ 83).
(3)
أخرجه البخاري في الأشربة (5578) وفي المظالم (2475)، ومسلم (57).
فإياكم إياكم، وقد ادعى بعضهم أن ذكر النهبة موقوف على أبي هريرة ليس بمرفوع لأن في الصحيحين وقال ابن شهاب: وأخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن أن أبا بكر كان يحدثهم هؤلاء عن أبي هريرة ثم يقول وكان أبو هريرة يلحق معهن ولا ينتهب نهبة (1) يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن، ورد ذلك ابن الصلاح والنووي (2) وبينا أنها مرفوعة، والحديث مُؤوَّل على: أن المراد نفي كمال الإيمان لا حقيقته وقيل: هذا مما نؤمن به ونكل معناه إلى الله وإلى رسوله وقال البزار في مسنده: ينزع الإيمان من قلبه فإن تابَ تاب الله عليه.
37 -
وفي رواية ابن عباس: "ولا يقتل حين يقتل وهو مؤمن".
قلت: هذه رواية البخاري في باب: إثم الزناة في كتاب الحدود من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن ولا يقتل وهو مؤمن (3).
قال عكرمة: فقلت لابن عباس: كيف ينزع الإيمان منه؟ قال: هكذا وشبك بين أصابعه ثم أخرجها فإن تاب عاد إليه هكذا وشبك بين أصابعه، وروى أبو داود والترمذي والنسائي قطعة منه. (4)
38 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آية المنافق ثلاث وإن صام وصلّى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان".
(1) أخرجه البخاري (5578)، ومسلم (57).
(2)
المنهاج (2/ 43).
(3)
البخاري في كتاب الحدود (6809). انظر تفصيل هذا الموضوع في مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (7/ 670 - 676).
(4)
النسائي (8/ 63)، والترمذي (2625)، والنسائي كذلك في الكبرى (7135).
قلت: رواه البخاري ومسلم كلاهما في الإيمان إلا أن البخاري لم يذكر "وإن صام وصلّى وزعم أنه مسلم"، ورواه النسائي والترمذي فيه، كلهم من حديث أبي هريرة يرفعه. (1)
39 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر".
قلت: رواه الشيخان في الإيمان واللفظ للبخاري، وقال في مسلم:"وإذا وعد أخلف" بدل "وإذا اؤتمن خان"، ورواه أبو داود في السنة، والترمذي والنسائي كلاهما في الإيمان، كلهم من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص يرفعه (2).
40 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تَعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة".
قلت: رواه مسلم في أواخر الصحيح قبل صفة القيامة والجنة والنار من حديث ابن عمر ولم يخرجه البخاري.
والعائرة: بالعين المهملة المترددة المتحيرة لا تدري لأيهما تتبع، ومعنى تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة أي تتردد وتذهب بين الغنمين أي القطيعين من الغنم، ويقال: عارت الدابة إذا انقلبت وذهبت (3).
(1) أخرجه البخاري (33)، ومسلم (59)، والنسائي (8/ 116) وفي الكبرى (11127) تحفة الأشراف (10/ 14341)، والترمذي (2631).
(2)
أخرجه البخاري (34)، ومسلم (58)، وأبو داود (4688)، والترمذي (2632)، والنسائي (8/ 116) والنسائي في الكبرى (8734).
(3)
أخرجه مسلم (2784)، وكذلك النسائي (8/ 124) وفي الكبرى (11768).