الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
(30)
ما رواه الدارقطني من طريق أبي القاسم يحيى بن عبد الباقي، أخبرنا المسيب بن واضح، أخبرنا مبشر بن إسماعيل الحلبي، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء
(1)
.
= الأعمش، عن أبي وائل قال: سمعت ابن مسعود
…
وذكر نحو حديث الباب.
والحديث: موضوع. قال الدارقطني (1/ 78): الحسين بن عبيد الله يضع الحديث على الثقات.
الطريق الخامس: عن عبيدة وأبي أحوص، عن ابن مسعود رضي الله عنه.
رواه الدارقطني من طريق محمد بن عيسى بن حيان، حدثنا الحسن بن قتيبة، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق عن عبيدة وأبي أحوص، عن ابن مسعود، بنحو حديث الباب.
وهذا ضعيف جدًّا، قال الدارقطني:«تفرد به الحسن بن قتيبة، عن يونس عن أبي إسحاق، والحسن بن قتيبة، ومحمد بن عيسى ضعيفان» . اهـ
والصحيح أن الحسن بن قتيبة ليس كما قال الدارقطني: ضعيف، بل هو هالك، وكذا الراوي عنه محمد بن عيسى.
فقد نقل الحافظ الذهبي في الميزان (2/ 246) عن الدارقطني بأنه متروك الحديث.
وقال الدارقطني في رواية البرقاني متروك الحديث، ثم نقل تضعيف أبي حاتم، وقول الأزدي: واهي الحديث.
وفي إسناده محمد بن عيسى بن حيان فقد نقل الحافظ الذهبي في الميزان (5/ 333) عن الدارقطني أنه قال: ضعيف متروك، وكذا قال الحاكم.
الطريق السادس: عن ابن غيلان، عن ابن مسعود.
أخرجه الدارقطني (1/ 78) من طريق معاوية بن سلام، عن أخيه زيد، عن جده أبي سلام، عن فلان ابن غيلان الثقفي أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: دعاني سول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن
…
فذكر نحو ما سبق.
ومن طريق الدارقطني رواه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 54) رقم 36.
قال أبو حاتم كما في العلل لابنه (1/ 45): «ابن غيلان مجهول، ولا يصح في هذا الباب شيء» .
وقال الدارقطني: الرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول، قيل اسمه: عمرو، وقيل: عبد الله بن عمرو بن غيلان.
(1)
سنن الدارقطني (1/ 75).
[المعروف أنه من قول عكرمة، ورفعه منكر]
(1)
.
(1)
رواه المسيب بن واضح، واختلف عليه فيه:
فرواه الدارقطني كما في إسناد الباب، ومن طريق الدارقطني أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (591)، وفي التحقيق في أحاديث الخلاف (1/ 54) رقم 37، وابن عدي في الكامل (7/ 170)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 11)، من طريق أبي القاسم يحيى بن عبد الباقي، أخبرنا المسيب بن واضح، عن مبشر، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا.
ورواه الدارقطني (1/ 75) من طريق محمد بن محمد بن سليمان، أخبرنا المسيب به بهذا الإسناد موقوفًا غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ومحمد بن محمد بن سليمان فيه لين.
فصار المسيب يرويه تارة عن ابن عباس مرفوعًا، وتارة عن ابن عباس موقوفًا.
قال الدارقطني: والمحفوظ أنه من قول عكرمة غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إلى ابن عباس، والمسيب ضعيف.
ثم ساق الدارقطني بإسناده (1/ 75) عن هقل بن زياد، والوليد بن مسلم كلاهما عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة قال: النبيذ وضوء لمن لم يجد غيره.
ورواه الدارقطني (1/ 75) من طريق شيبانُ النحوي وعلي بن المبارك، كلاهما عن يحيى، عن عكرمة موقوفًا عليه.
قال الدارقطني: وهم فيه المسيب بن واضح في موضعين، في ذكر ابن عباس، وفي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: للمسيب أحاديث منكرة ساقها ابن عدي في الكامل، ثم قال (6/ 389): والمسيب بن واضح له حديث كثير عن شيوخه، وعامة ما خالف فيه الناس هو ما ذكرته، لا يتعمده، بل كان يشبه عليه، وهو لا بأس به.
وقال فيه أيضًا: كان النسائي حسن الرأي فيه، ويقول الناس يؤذوننا فيه: أي يتكلمون فيه.
وجاء في الميزان (4/ 116): وقال أبو حاتم: صدوق، يخطيء كثيرًا، فإذا قيل له لم يقبل. اهـ
وسأل ابن عدي عبدان كما في الكامل (5/ 265): أيما أحب إليك، عبد الوهاب بن الضحاك، أو المسيب؟ قال: كلاهما سواء.
قال الذهبي: عبد الوهاب هذا ضعيف جدًّا.
قال أبو داود: كان يضع الحديث.
وقال النباتي، والدارقطني، والعقيلي: متروك.
ولابن عباس طريق آخر أيضًا:
فقد أخرجه الدارقطني (1/ 76) من طريق أبي عبيدة مجاعة، عن أبان، عن عكرمة،
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لم يجد أحدكم ماء ووجد نبيذًا فليتوضأ به.
…
قال الدارقطني: أبان هو ابن أبي عياش. متروك الحديث، ومجاعة: ضعيف، والمحفوظ أنه رأي عكرمة غير مرفوع. اهـ كلام الدارقطني.
فالخلاصة أن حديث ابن مسعود جاء من ثلاثة طرق ضعيفة.
والسؤال: هل هذه الطرق الضعيفة يمكن أن يقوي بعضها بعضًا فتكون حسنة لغيرها، فيصلح الاحتجاج بها، على أن الضعيف إذا جاء من طريق آخر شد بعضه بعضًا كما قال بعضهم في قوله سبحانه وتعالى في شهادة المرأة (فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) [البقرة: 282].
الجواب: هذا ممكن أن يقال لولا أن الحديث فيه مخالفات:
الأولى: المخالفة لظاهر الكتاب.
قال تعالى: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا)[المائدة: 6]، فنقلنا عند عدم وجود الماء إلى التيمم، ولو كان هناك سائل آخر يمكن التطهر منه لأحالنا عليه كالنبيذ، وعليه فإذا لم نجد إلا نبيذًا فإننا نتيمم، لأننا لم نجد الماء.
ثانيًا: مخالفته للسنة.
(31)
ما رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر،
أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أجنب، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء، فاستتر واغتسل، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك هو خير
(1)
.
[تفرد به عمرو بن بجدان عن أبي ذر، قال فيه أحمد: لا أعرفه]
(2)
.
(1)
المصنف (913).
(2)
مداره على أبي قلابة، ويرويه عن أبي قلابة اثنان: خالد الحذاء وأيوب.
الطريق الأول: عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رواه سفيان، عن خالد الحذاء، واختلف فيه على سفيان:
فأخرجه عبد الرزاق (913) ومن طريقه أحمد (5/ 155).
وأخرجه أحمد (5/ 180)، والترمذي (124) من طريق أبي أحمد الزبيري.
ورواه ابن حبان (1313) والدارقطني (1/ 186) من طريق مخلد بن يزيد، ثلاثتهم (عبد الرزاق، وأبو أحمد الزبيري، ومخلد بن يزيد، رووه عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر.
وخالفهم قبيصة بن عقبة كما في سنن الدراقطني (1/ 187) فرواه عن سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن محجن أو أبي محجن، عن أبي ذر مختصرًا بالقدر المرفوع منه.
قال أبو زرعة كما في العلل لابن أبي حاتم: «هذا خطأ، أخطأ فيه قبيصة، إنما هو أبو قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم» . علل الحديث (1).
وقال البخاري في التأريخ الكبير (6/ 317) عمرو بن بجدان العامري، وقال بعضهم:
ابن محجن، وهو وهم
…
».
وقبيصة متكلم فيه، قال فيه ابن معين: ثقة إلا في الثوري. انظر من تكلم فيه وهو موثوق (283). قلت: لو كان ثقة في الثوري، وخالف لم تقبل مخالفته، فما بالك وهو مجروح في الثوري.
وقد توبع سفيان في ذكر عمرو بن بجدان، ولم يتابع قبيصة:
فقد أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 317) والبزار في مسنده (3973)، وابن خزيمة (2292)، وابن حبان (1312)، والدارقطني (1/ 187)، والبيهقي (1/ 220) من طريق يزيد ابن زريع.
وأخرجه أبو داود (332) وابن حبان (1311)، والحاكم في المستدرك (1/ 176، 177)، والبيهقي (1/ 220)، من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، كلاهما (يزيد بن زريع، وخالد الواسطي) رووه عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر، كما هي رواية الجماعة عن سفيان.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات إلا عمرو بن بجدان، لم يرو عنه أحد إلا أبو قلابة، وليس له من الرواية إلا حديثان اثنان، والبخاري وابن أبي حاتم ذكراه في التاريخ الكبير (6/ 317)، والجرح والتعديل (6/ 222)، وسكتا عليه، فلم يذكرا فيه جرحًا، ولا تعديلًا.
وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي عمرو بن بجدان معروف؟ قال: لا. تهذيب التهذيب (8/ 7).
وقال ابن القطان: لا يعرف. المرجع السابق.
وقال الذهبي: حسنه الترمذي، ولم يرقه إلى الصحة للجهالة بحالة عمرو، وقال: وقد وثق عمرو مع جهالته. الميزان (3/ 247) بينما ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 171). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال العجلي: بصري، تابعي، ثقة. ثقات العجلي (2/ 172).
وقال ابن حجر في التقريب: لا يعرف حاله.
قلت: من عادة الحافظ في الراوي إذا كان لم يرو عنه إلا واحد، وكان من التابعين ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وقد وثقه ابن حبان أن يقول في حقه: مقبول، أي حين يتابع، كيف وقد صحح حديثه الترمذي، والحاكم والبيهقي وابن حبان، فهذا توثيق ضمني، وقد أجاب ابن دقيق العيد على قول ابن القطان في عمرو بن بجدان: لا يعرف له حال، فقال كما في نصب الراية (1/ 149):«ومن العجب كون ابن القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بجدان، مع تفرده بالحديث، وهو قد نقل كلامه: هذا حديث حسن صحيح، وأي فرق بين أن يقول: هو ثقة، أو يصحح له حديثًا انفرد به. وإن كان توقف في ذلك لكونه لم يرو عنه إلا أبو قلابة، فليس هذا بمقتضى مذهبه، فإنه لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال، فذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضي تعديله، وهو تصحيح الترمذي له» .
قلت: إذا كان الرواي ليس له من الرواية إلا حديثان هذا أحدهما، وقال فيه الإمام أحمد: لا يعرف، وذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عليه، ولو كان فيه توثيق لذكراه، فهل يعارض هذا بتصحيح الترمذي والحاكم وابن حبان والبيهقي، فالحاكم والبيهقي متأخران عن عصر عمرو بن بجدان، ولا سبيل إلى توثيقه إلا بالنظر في مروياته، وهو قليل الرواية جدًّا، فلا أعرف مستندهما على تصحيح حديثه، وابن حبان معروف مذهبه في توثيق الرواة، وأن الأصل عنده في الرواة العدالة حتى يثبت الجرح، ولذلك كثيرًا ما يقول في الراوي ثقة لا أعرفه، بقيت المقابلة بين تصحيح الترمذي وبين تجهيل الإمام أحمد وسكوت البخاري وابن أبي حاتم، ولهذا حكم عليه بالجهالة كل من الذهبي وابن حجر، وهما يعتمدان التتبع والاستقراء، لذا أجدني أميل لقبول كلام الإمام أحمد عليه رحمة الله ليس إهمالًا لكلام الترمذي، وإنما كلام الإمام أحمد متوجه إلى الراوي، وكلام الإمام الترمذي متوجه إلى الحديث بالجملة، فربما نظر الترمذي إلى أن المتن غير منكر.
الثاني: أيوب السختياني، عن أبي قلابة.
رواه أيوب على اختلاف عليه فيه، وله طرق إلى أيوب:
الطريق الأول: الثوري، عن أيوب.
رواية الثوري عن خالد الحذاء وحده أخرجتها في الطريق الأول، وأما رواية الثوري عن أيوب، فتارة يرويها عن أيوب وخالد مجمتعين، وتارة يرويها عن أيوب وحده.
أما رواية الثوري، عن أيوب وخالد مجتمعين:
فأخرجها النسائي (1/ 171)، وابن حبان (1313)، والدارقطني (1/ 186)، والبيهقي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (1/ 212) والخطيب البغدادي في الفصل للوصل المدرج في النقل (109) من طريق مخلد بن يزيد، عن سفيان، عن أيوب وخالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر.
تفرد بهذا مخلد بن يزيد، قال الدارقطني في العلل (6/ 253):«وأحسبه حمل حديث أيوب على حديث خالد؛ لأن أيوب يرويه عن أبي قلابة، عن رجل لم يسمه، عن أبي ذر» .
وقال البيهقي عقبه: «تفرد به مخلد هكذا، وغيره يرويه عن الثوري، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل، عن أبي ذر. وعن خالد، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر كما رواه سائر الناس» .
قلت قد رواه النسائي في المجتبى (322) من طريق مخلد، عن سفيان، عن أيوب وحده بدون ذكر خالد، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر.
فعلى هذا مخلد روايته عن أيوب بذكر عمرو بن بجدان، سواء ذكر رواية أيوب وحدها، أو ذكرها مع رواية خالد الحذاء.
وقد رواه عبد الرزاق وإبراهيم بن خالد، عن الثوري، عن أيوب وخالد مجتمعين، إلا أنهما ميزا بين رواية أيوب ورواية خالد.
فرواه أحمد في مسنده (5/ 155)، قال: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن أيوب السختياني، وخالد الحذاء، عن أبي قلابة، كلاهما ذكره: خالد، عن عمرو بن بجدان، وأيوب، عن رجل، عن أبي ذر.
ورواه الخطيب البغدادي في الفصل للوصل المدرج في النقل (2/ 950) من طريق إسحاق بن زريق، أخبرنا إبراهيم بن خالد، أخبرنا الثوري عن أيوب وخالد، عن أبي قلابة ـ وذكر خالد عن عمرو بن بجدان وذكر أيوب، عن رجل، عن أبي ذر.
وأما رواية الثوري، عن أيوب وحده.
أخرجها الخطيب البغدادي في الفصل للوصل المدرج في النقل (897)، فرواه من طريق =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحسين بن حفص، عن سفيان، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل، قال: رأيت أبا ذر
…
وذكر الحديث.
قال الدارقطني في العلل (6/ 253): «ورواه الفريابي ووكيع، وأبو حذيفة، عن الثوري، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل، عن أبي ذر» .
وخالفهم أبو أحمد الزبيري وعبد الغفار، فروياه عن الثوري، كما في علل الدارقطني (6/ 254): عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ذر مرسلًا». اهـ
وتابعهما ابن عيينة، فرواه عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ذر كما ذكر ذلك الدارقطني في العلل (6/ 254).
هذا ما يخص رواية الثوري، عن أيوب، سواء جمعت مع رواية خالد، أو رواها عن أيوب وحده.
الطريق الثاني: عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر، عن أبي ذر.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 144)، وأحمد (5/ 146) والدارقطني (1/ 187)، عن ابن علية.
وأخرجه الطيالسي (484) حدثنا حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأخرجه القاضي أبو إسحاق في أحاديث حماد بن زيد (46) من طريق حماد بن زيد وحده.
وأخرجه أبو داود (133) ومن طريقه البيهقي في السنن (1/ 217)، من طريق حماد بن سلمة وحده.
وذكره البخاري في التاريخ الكبير (6/ 317) عن عبد الوهاب، أربعتهم (ابن علية، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد وعبد الوهاب) عن أيوب به.
الطريق الثالث: عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني قشير عن أبي ذر).
أخرجه عبد الرزاق (912) عن معمر.
وأخرجه أحمد (5/ 146، 147) من طريق شعبة، كلاهما عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من بني قشير، عن أبي ذر.
الطريق الرابع: عن أيوب عن أبي قلابة عن عمه أبي المهلب عن أبي ذر.
أخرجه الدارقطني (1/ 187) من طريق خلف بن موسى العمي، أخبرنا أبي (موسى بن خلف)، عن أيوب عن أبي قلابة، عن عمه أبي المهلب به.
وموسى بن خلف قال الدارقطني: ليس بالقوي يعتبر به، وقال أبو داود: ليس به بأس، ليس بذاك القوي. وقال الدراقطني في العلل (6/ 254): ولم يتابع على هذا القول. قلت: فلا تحتمل مخالفته.
الطريق الخامس: عن قتادة، عن أبي قلابة، عن رجاء بن عامر، عن أبي ذر.
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2743)، والدارقطني (1/ 187) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن رجاء بن عامر، عن أبي ذر. وتحرف في الطبراني إلى جابر بن غانم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وسعيد بن بشير ضعيف، قال الدراقطني في العلل (6/ 254) إنما أراد أن يقول: عن رجل من بني عامر. وقال في السنن (1/ 187): كذا قال: رجاء بن عامر، والصواب رجل من بني عامر، كما قال ابن علية عن أيوب.
الطريق السادس: عن ابن عيينة، عن أيوب، عن أبي ذر، ولم يذكر بين أيوب وأبي ذر أحدًا.
ذكره الدارقطني في العلل (6/ 254).
الطريق السابع: قال هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أبي قلابة أن رجلًا من بني قشير قال: يا نبي الله، ولم يذكر أبا ذر وأرسله، ذكر ذلك الدارقطني في العلل (6/ 254).
فتبين من هذا أن رواية خالد الحذاء لم يختلف عليه في إسناده، وأما رواية أيوب فقد اختلف عليه كما سبق، ففي بعض طرقها ما يوافق رواية خالد، والبعض الآخر يخالفه في الإسناد، فهل ما خالف أيوب خالدًا فيه يطرح؟ أو أن الخلاف على أيوب لا يضر؟
قال الدارقطني في العلل بعد أن ذكر الاختلاف على أيوب، قال (6/ 254): والقول قول خالد الحذاء. فهذا ترجيح منه لرواية خالد الحذاء.
ولا شك أن من القواعد الحديثية تقديم الراوي الذي لم يختلف عليه في الحديث على الراوي الذي قد اختلف عليه فيه، وبعض الاختلافات على أيوب يمكن الجمع بينها، وبعضها غير ممكن، فلا سبيل إلى قبوله، وأكثرها أفراد، لم يتابع أصحابها عليها، وقد توجه بعض العلماء إلى الجمع بين رواية خالد ورواية أيوب.
قال أحمد شاكر في تحقيقه لسنن الترمذي (1/ 215):
قلت: فعلى هذا قوله: (عن رجل من بني قشير، أو عن رجل من بني عامر) لا فرق بينهما وهو عمرو بن بجدان؛ لأنه قشيرى من بني عامر. فتبقى بعض الروايات.
كرواية أبي المهلب، فإن لم تكن كنية لعمرو بن بجدان، فقد تفرد بها خلف بن موسى بن خلف العمي، حدثني أبي، وخلف وأبوه، كل واحد منهما صدوق له أوهام، فيكون هذا من أوهامه لمخالفته من هو أوثق منه.
ورواية ابن عيينة عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي ذر، وأبو قلابة لم يسمعه من أبي ذر مؤكدًا، فتطرح.
ورواية قتادة، عن أبي قلابة أن رجلًا من بني قشير مرسلًا لم يذكر أبا ذر. فهذه مخالفة لأكثر الرواة عن أيوب، ومخالفة لرواية خالد الحذاء، ولا يمكن حملها على رواية خالد، فتطرح.
وقد ضعف الحديث ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام (3/ 327) وقال: «لا يعرف لعمرو بن بجدان هذا حاله، وإنما روى عنه أبو قلابة واختلف عنه: فيقول: خالد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحذاء عنه، عن عمرو بن بجدان ولا يختلف ذلك على خالد.
وأما أيوب فإنه رواه عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر.
ومنهم من يقول: عن رجل فقط.
ومنهم من يقول: عن رجاء بن عامر.
ومنهم من يقول: عن عمرو بن بجدان كقول خالد.
ومنهم من يقول: عن أبي المهلب.
ومنهم من لا يجعل بينهما أحدًا، فيجعله عن أبي قلابة، عن أبي ذر.
ومنهم من يقول: عن أبي قلابة أن رجلًا من بني قشير، قال: يا نبي الله.
هذا كله اختلاف على أيوب في روايته إياه عن أبي قلابة، وجميعه في علل الدارقطني وسننه، وهو حديث ضعيف لا شك فيه». اهـ. وتعقبه ابن دقيق العيد في (الإمام) فقال: «أما الاختلاف الذي ذكره من كتاب الدارقطني، فينبغي على طريقته، وطريقة الفقه أن ينظر في ذلك، إذ لا تعارض بين قولنا: عن رجل، وبين قولنا عن رجل من بني عامر، وبين قولنا: عن رجل من بني بجدان.
وأما من أسقط ذكر هذا الرجل فيؤخذ بالزيادة ويحكم بها.
وأما من قال: عن أبي المهلب، فإن كان كنية لعمرو فلا اختلاف، وإلا فهي رواية واحدة مخالفة احتمالًا لا يقينًا.
وأما من قال: عن رجل من بني قشير، قال: يا نبي الله، فهي مخالفة، فكان يجب أن ينظر في إسنادها على طريقته، فإن لم يكن ثابتًا لم يعلل بها». اهـ
قال أحمد شاكر معلقًا في تحقيقه للسنن (1/ 215، 217): وهذا الذي حققه ابن دقيق العيد بديع ممتع، وهو الصواب المطابق لأصول هذا الفن، وأنا أظن أن رواية من قال: إن رجلًا من بني قشير قال: يا نبي الله. فيها خطأ، وأن أصله ما ذكرته من رواية ابن أبي عروبة، عند أحمد في المسند، عن رجل من بني قشير، فذكر القصة في كونه أتى أباذر، وسأله، وأجابه وأن يكون سقط من بعض الرواة ذكر أبي ذر خطأ فقط. اهـ
فعلى كل حال يقبل من رواية أيوب ما لا يعارض رواية خالد، وما خالفها طرح، إلا أن علته عمرو بن بجدان، هل هو حسن الحديث فتقبل روايته، أو مجهول فترد.
ومتنه غير منكر، فالتيمم عن الجنابة صح من حديث عمار، وهو في الصحيح، ورجوع الحدث بوجود الماء هو قول عامة الفقهاء، فالمتن مستقيم.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة:
رواه البزار، كما في مختصر زوائد البزار (193) قال: حدثنا مقدم بن محمد بن علي بن مقدم المقدمي، حدثنا عمي القاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم ثنا هشام بن حسان، عن محمد بن =
ثالثًا: المخالفة لما ثبت في مسلم.
(32)
قال علقمة: سألت ابن مسعود فقلت: هل شاهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا. ولكن كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا استطير أو اغتيل قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء، قال: فقلنا يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم. فقال: أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم
…
الحديث
(1)
.
فأحاديث النبيذ تروي: أن ابن مسعود شهد ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث في مسلم صريح بأنه لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
= سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله ويمسه بشرته، فإن ذلك خير.
قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه.
ومقدم ثقة معروف النسب.
الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 261): رجاله رجال الصحيح.
ورواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين (478):
حدثنا أحمد ـ يعني ابن محمد بن صدقه، ثنا مقدم به فخرج البزار من عهدته.
واختلف فيه على هشام بن حسان.
(1)
مسلم (150 - 450) فقد رواه من طريق عامر والشعبي وإبراهيم عن علقمة به.
رابعًا: الحنفية رحمهم الله خالفوا هذه المرة مقتضى قواعدهم، فإن أحاديث الآحاد عندهم دلالتها ظنية، والقرآن دلالته قطعية، وهم يردون أحاديث في الصحيحين مجمعًا على صحتها؛ لأن ظاهرها يخالف آية قرآنية أو قاعدة شرعية بحسب فهمهم، ومع ذلك عملوا بأحاديث الوضوء بالنبيذ مع أن أحاديثه تخالف ظاهر القرآن، ولا يسلم منها حديث واحد كما سبق.
ولو تجاهلنا كل هذه المخالفات من مخالفة الكتاب والسنة وقلنا: إن حديث الوضوء بالنبيذ قابل؛ لأن يكون حسنًا لغيره، فإننا نحمله على أن تسميته نبيذًا فيه تجاوز، وأن النبيذ الذي كان مع ابن مسعود لم يخرج عن رقة الماء وطبيعته وسيولته، وغاية ما فيه أنه ماء تغير بشيء طاهر، لم يخرج فيه عن مسمى الماء، كما لو تغير الماء بشيء طاهر ولم يخرج عن اسمه، ولذلك أطلق عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ماء طهور، بقول: ثمرة طيبة وماء طهور، وسوف يأتي في قسم الماء الطاهر تحرير الخلاف في الماء إذا تغير بشيء طاهر إن شاء الله تعالى. والله أعلم.
فخلصنا من هذا أن الحدث لا يرفع إلا بالماء الطهور، ويرفع أيضًا بالتيمم على خلاف هل التيمم رافع أم مبيح؟ وسوف يأتي تحريرها إن شاء الله تعالى في بحوث التيمم.
وأما إزالة النجاسة فهل يتعين الماء الطهور؟ أو تزال بأي مزيل، سيأتي إن شاء الله تعالى بحثها في بحوث النجاسات.
* * *