الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني الماء المستعمل في طهارة مستحبة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• المستعمل في طهارة واجبة كالمستعمل في طهارة مستحبة أو للتبرد على الصحيح؛ لأن انتقال الماء عن الطهورية بالاستعمال خطاب وضعي، لا يتوقف على النية والتي هي من أحكام التكليف.
• الماء المستعمل ماء مطلق باق على خلقته، يصدق عليه اسم ماء بلا قيد.
وقيل:
• سلب الطهورية من الماء المستعمل، هل هو معلل بأنه أديت به قربة، فيدخل فيه التجديد والمسنون، أو معلل بأداء الفرض وزوال المانع فيختص بما رفع به الحدث؟
(1)
.
[م-19] عرفنا متى يكون الماء مستعملًا، وعرفنا حكم الماء المستعمل في طهارة واجبة، فهل يختلف الحكم لو كان الماء مستعملًا في طهارة مستحبة، اختلف الفقهاء:
(1)
قال القرافي في الذخيرة (2/ 118): «ويتخرج على القولين مسائل، فإن قلنا: إن العلة إزالة المانع لم يندرج في الماء المستعمل الغسل في المرة الثانية والثالثة في الوضوء إذا نوى في الأولى الوجوب، ولا الماء المستعمل في تجديد الوضوء، ونحو ذلك مما لا يزيل المانع ويندرج فيه الماء المستعمل في غسل الذمية؛ لأنه أزال المانع من الوطء.
وإن قلنا: إن سبب ذلك كونه أديت به قربة، اندرج فيه الماء المستعمل في المرة الثانية والثالثة، وفي تجديد الوضوء، ولا يندرج الماء المستعمل في غسل الذمية لأنه لم تحصل به قربة عكس ما تقدم».
فقيل: نجس، وهو رواية عن أبي حنيفة، ولا فرق عنده بين أن يستعمل في طهارة واجبة أو مستحبة
(1)
.
وقيل: طاهر، اختارها من الحنفية العراقيون، ومشايخ ما وراء النهر
(2)
، وهو وجه في مذهب الشافعية
(3)
.
وقيل: طهور يكره استعماله في رفع الحدث، ولا يكره استعماله في زوال الخبث، وهو مذهب المالكية، ولا فرق عندهم في الحكم بين ما استعمل في طهارة واجبة أو مستحبة
(4)
، واختار الكراهة بعض الحنابلة
(5)
.
وقيل: طهور مطلقًا غير مكروه، وهو المشهور من مذهب الشافعية، والحنابلة
(6)
.
(1)
في تعريف الماء المستعمل قال في البحر الرائق (1/ 97): «الماء يصير مستعملًا بواحد من ثلاثة: إما بإزالة الحدث، سواء كان معه تقرب أو لا، أو إقامة القربة سواء كان معه رفع الحدث أو لا، أو إسقاط الفرض» .اهـ
فقوله: إقامة القربة يقصد به أن ينوي تجديدًا مسنونًا. فهذا دليل على أن الماء يكون مستعملًا ولو كان في طهارة مستحبة؛ لأن الطهارة المستحبة طهارة قربة، يتقرب بها العبد إلى الله، انظر شرح فتح القدير (1/ 87)، والمبسوط (1/ 46)، وحاشية رد المحتار لابن عابدين (1/ 200، 201).
(2)
قال العيني في البناية (1/ 349): ورواه زفر رحمه الله أيضًا عن أبي حنيفة يعني، كونه طاهرًا. ثم قال: حتى كان قاضي القضاة أبو حازم عبد الحميد العراقي يقول: أرجو أن لا تثبت رواية النجاسة فيه عن أبي حنيفة رحمه الله، وهو اختيار المحققين من مشايخنا بما وراء النهر، قال في المحيط: وهو الأشهر الأقيس. قال في المفيد: وهو الصحيح. قال الأسبيجابي: وعليه الفتوى.
(3)
المجموع (1/ 210).
(4)
القوانين الفقهية (ص: 25) وحاشية الدسوقي (1/ 41 - 43). وعند المتأخرين: تردد هل يسوى بين الماء المستعمل في طهارة واجبة والمستعمل في طهارة مستحبة؟ وسبب هذا التردد أنه لا يوجد نص من المتقدمين في التفريق، ولذلك اعتمدت على لا أنه لا فرق عندهم في المسألتين. والله أعلم.
(5)
قال صاحب زاد المستقنع (ص: 20): وإن استعمل في طهارة مستحبة كتجديد وضوء، وغسل جمعة، وغسله ثانية وثالثة كره.
(6)
قال النووي في المجموع (1/ 210): «واتفق الجماهير في جميع الطرق على أن الصحيح أنه ليس بمستعمل، وهو ظاهر نص الشافعي، وقطع به المحاملي في المقنع، والجرجاني في كتابيه»
…
إلخ.
وانظر حاشية الجمل (1/ 39)، وحاشية البجيرمي على الخطيب (1/ 82).
وفي مذهب الحنابلة، جاء في كشاف القناع (1/ 23):«وظاهر المنتهى: كالتنقيح، والمبدع، والإنصاف وغيرها عدم الكراهة» . وانظر: شرح منتهى الإرادات (1/ 15) المبدع (1/ 45).