الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني في الوضوء بفضل المرأة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• سؤر فضل وضوء المرأة كسؤر شرابها طهور على الصحيح.
• سؤر بهيمة الأنعام حتى الهرة طهور، فسؤر طهور المرأة أولى، فهي ألطف بنانًا وأطيب ريحًا.
• كل ما يرفع حدث المرأة يرفع حدث الرجل، وكذلك العكس.
• إذا كان تغير الماء بالمجاورة لا يسلبه الطهورية فالخلوة بالماء من باب أولى لا تأثير لها في بقاء الطهورية أو رفعها.
• لا توجد علة معقولة في التفريق بين فضل طهور المرأة وفضل طهور الرجل، فإذا كان فضل طهور الرجل طهورًا بالإجماع فالنساء شقائق الرجال.
• قال أحمد: الأحاديث الواردة في منع التطهر بفضل وضوء المرأة، وفي جواز ذلك مضطربة.
[م-28] إذا خلت المرأة بالماء، فهل يجوز الوضوء بفضلها، فيه خلاف:
واختلفوا في معنى الخلوة على قولين:
الأول: انفرادها بالاستعمال، سواء شوهدت أم لا، وهذا مذهب الجمهور
(1)
،
(1)
سيأتي العزو عنهم قريبًا عند ذكر الأقوال في حكم التطهر بفضل المرأة.
ورواية عن أحمد
(1)
.
الثاني: أن تخلو به فلا يشاهدها مميز، سواء كان ذكرًا أم أنثى، وهو المشهور عند المتأخرين من الحنابلة
(2)
.
[م-29] وقد اختلف الفقهاء في الوضوء بفضل المرأة على أقوال:
فقيل: يجوز الوضوء بفضل المرأة، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، ورواية عن أحمد، اختارها ابن عقيل من الحنابلة
(3)
.
(1)
قال أبو داود كما في مسائل أحمد (15): «سمعت أحمد سئل عن الوضوء بفضل وضوء المرأة؟ قال: إن خلت به فلا. قيل: فإن لم تخل؟ قال: فلا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم والمرأة من نسائه يغتسلان جميعًا من إناء واحد» .
وقال في مسائل صالح (437): «وسألت أبي عن فضل الجنب والحائض؟
فقال: إذا خلت به، فلا يعجبني، ولكن إذا كانا جميعًا فلا بأس به». اهـ
فلما جعل الإمام أحمد اغتسالهما معًا في مقابل خلوتها به، دل على أن المقصود بالخلوة انفرادها باستعماله، وإن رآها أحد، ولذلك قال ابن قدامة في المغني (1/ 137):«وذهب بعض الأصحاب إلى أن الخلوة استعمالها للماء من غير مشاركة الرجل في استعماله؛ لأن أحمد قال: إذا خلت به فلا يعجبني أن يغتسل هو به، وإذا شرعًا فيه جميعًا فلا بأس به» . ففهم بعض الأصحاب من كلام أحمد أن الخلوة: هي عدم المشاركة.
(2)
قال أحمد كما في مسائل عبد الله (1/ 22، 23): «سمعت أبي يقول: لا بأس أن يتوضأ - يعني بفضل وضوء المرأة - وهو يراها، ما لم تخل به» . اهـ
فشرط هنا أن يراها، فيكون معنى الخلوة: هي عدم المشاهدة، ولذلك قال المرداوي في الإنصاف (1/ 49): إن في معنى الخلوة روايتين:
أحدهما: وهي المذهب أنها عدم المشاهدة عند استعمالها من حيث الجملة.
والثانية: انفرادها بالاستعمال، سواء شوهدت أم لا، وتزول الخلوة بمشاركته لها في الاستعمال بلا نزاع».
(3)
انظر في مذهب الحنفية: تبيين الحقائق (1/ 31)، شرح معاني الآثار (1/ 26)، المبسوط (1/ 61، 62)، حاشية ابن عابدين (1/ 133).
وانظر في مذهب المالكية: الخرشي (1/ 66)، مختصر خليل (ص: 5)، بداية المجتهد (1/ 294)، التاج والإكليل (1/ 72)، المنتقى شرح الموطأ (1/ 63)، أحكام القرآن لابن العربي (3/ 442)، الاستذكار (1/ 372)، حاشية الدسوقي (1/ 35).
قال ابن عبد البر في التمهيد (14/ 165): «والذي ذهب إليه جمهور العلماء، وجماعة فقهاء الأمصار، أنه لا بأس أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة، وتتوضأ المرأة بفضله، انفردت بالإناء أو لم تنفرد، وفي مثل هذا آثار كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم صحاح، والذي يُذْهَب إليه أن الماء لا ينجسه شيء، إلا ما ظهر فيه من النجاسات، أو غلب عليه منها، فلا وجه للاشتغال بما لا يصح من الآثار والأقوال، والله المستعان» . اهـ
وانظر في مذهب الشافعية: الأم (1/ 21)، المجموع (2/ 221)، طرح التثريب (2/ 39، 40)، تحفة المحتاج (1/ 77).
وانظر رواية الإمام أحمد في المغني (1/ 136)، الاختيارات (ص: 3).
ورجحه ابن المنذر
(1)
، وهو رأي ابن عباس رضي الله عنهما
(2)
.
وقيل: لا يستعمل في رفع حدث الرجل خاصة، ويستعمل في إزالة النجاسة،
(1)
قال في الأوسط (1/ 295): «والذي نقول به الرخصة في أن يغتسل كل واحد منهما ويتوضأ بفضل طهور صاحبه، وإن كانا جنبين أو أحدهما، أو كانت المرأة حائضًا، وسواء ذلك خلت به، أو لم تخل به، لثبوت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على صحة ذلك» . اهـ
(2)
روى ابن أبي شيبة في المصنف (348) حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن أبي يزيد المدني، قال: سئل ابن عباس عن سؤر المرأة، فقال: هي ألطف بنانًا، وأطيب ريحًا، ورجاله ثقات. وأبو يزيد، سئل أبو زرعة عن اسمه، فقال: لا أعلم له اسمًا.
وقال فيه ابن معين كما في رواية إسحاق بن منصور عنه: ثقة. الجرح والتعديل (9/ 458).
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: وروى عن ابن عباس وأحيانا يدخل بينه وبين ابن عباس عكرمة. المرجع السابق.
وقال عبد الرحمن أيضًا: سألت أبي عن أبي يزيد المدني؟ فقال: شيخ، سئل مالك عنه، فقال: لا أعرفه. وقال أبي عنه: يكتب حديثه. فقلت: ما اسمه؟ فقال: لا يسمى. المرجع السابق.
وقال الآجري عن أبي داود: سألت أحمد عنه؟ فقال: تسأل عن رجل روى عنه أيوب. تهذيب التهذيب (12/ 306).
وفي التقريب: مقبول. يعني: إن توبع، وإلا فلين، هذا رأي الحافظ، وأرى والله أعلم أنه أكبر من ذلك، كيف وقد وثقه ابن معين، وأشار أحمد إلى توثيقه؛ لأن أيوب روى عنه. وأخرج له البخاري حديثه عن عكرمة عن ابن عباس:(إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم). الحديث.
ورواه عبد الرزاق (382، 379) من طريقين عن عكرمة، عن ابن عباس.
وفي رفع حدث المرأة والصبي، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد
(1)
، ومذهب ابن حزم قريب منه
(2)
.
وقيل: يكره الوضوء بفضل المرأة، وهو مذهب سعيد بن المسيب والحسن، واختاره بعض الشافعية
(3)
.
(1)
مذهب الإمام أحمد كما في المشهور من مذهبه عند المتأخرين أن الماء لا يرفع حدث الرجل بشروط، وهي:
الأول: أن تخلو به المرأة عن مشاهدة رجل أو امرأة أو مميز، وقد قدمنا أن في المذهب روايتين، هذه إحداهما.
الثاني: أن تكون خلوتها بماء، فلا تضر خلوتها بتراب.
الثالث: أن يكون الماء يسيرًا دون القلتين.
الرابع: أن تكون خلوتها بالماء لطهارة كاملة.
الخامس: أن تكون طهارتها عن حدث، وليس عن إزالة نجاسة.
قال ابن قدامة في المغني (1/ 137): «فإن خلت به في بعض أعضائها، أو في تجديد طهارة، أو استنجاء، أو غسل نجاسة، ففيه وجهان:
أحدهما: المنع؛ لأنه طهارة شرعية.
والثاني: لا يمنع؛ لأن الطهارة المطلقة تنصرف إلى طهارة الحدث الكاملة، وهذا ما عليه المتأخرون من أصحاب أحمد». وانظر في مذهب أحمد الكافي (1/ 62)، الإنصاف (1/ 48)، الفروع (1/ 83)، تنقيح التحقيق (1/ 214)، كشاف القناع (1/ 37).
(2)
والفرق بين اختيار ابن حزم، ومذهب الحنابلة أن ابن حزم لا يشترط أن تخلو به المرأة عن المشاهدة، بل يكفي أن تنفرد به عن الرجل، ولا يحد ابن حزم الماء اليسير في القلتين، بل يحده بأن يكون الماء المتبقي أقل مما استعملته منه، فإن كان مثله أو أكثر فليس فضلًا، والله أعلم.
(3)
روى عبد الرزاق في المصنف (375) عن معمر، عن قتادة، قال: سألت الحسن وابن المسيب عن الوضوء بفضل المرأة، فكلاهما نهاني عنه.
ورواية معمر عن قتادة فيها كلام؛ لكن تابعه شعبة، وهو من أثبت الناس في رواية قتادة، فقد روى ابن أبي شيبة (357) حدثنا عبدة بن سليمان، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب والحسن أنهما كانا يكرهان فضل طهورها.
وهذا إسناد صحيح، وشعبة لا يحمل عن قتادة إلا ما صرح به في التحديث.
وانظر الأوسط (1/ 292) والمجموع (2/ 221)، المحلى (1/ 205)، فقه سعيد بن المسيب (1/ 8)، فقه الفقاء السبعة (1/ 24).
وانظر اختيار بعض الشافعية في تحفة المحتاج (1/ 77).