الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجواب الثاني:
أن يقال: دلالة الاشتراك دلالة ضعيفة، فلايلزم من الاشتراك في النهي الاشتراك في الحكم، فقد ورد قوله تعالى:
(كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)[الأنعام: 141]، فقد اقترن الأمر بالأكل مع الأمر بإعطاء حق المال .. والأمر بالأكل مباح بخلاف الأمر بإعطاء حق المال فإنه قد يكون واجبًا كما في الزكاة، وإنقاذ الهلكة وقرى الضيف
(1)
.
الدليل الثاني على نجاسة الماء المستعمل:
(35)
ما رواه مسلم من طريق شداد بن عبد الله أبي عمار ويحيى بن أبي كثير، عن أبي أمامة، قال:
قال عمرو بن عبسة السلمي ما منكم رجل يقرب وضوءه، فيتمضمض، ويستنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره
= وهذا موافق للشق الثاني من حديث أبي داود وهو قوله: (ولا يغتسل فيه من الجنابة).
فإذًا غاية ما في حديث ابن عجلان أنه ذكر الحديثين في حديث واحد، وهذا لا يوجب قدحًا. وهذا الجواب فيه ضعف؛ لأن حديث مسلم في نهي الجنب عن الانغماس في الماء الدائم له مخرج مختلف عن حديث النهي عن البول في الماء الدائم، فكون ابن عجلان ينفرد بأمرين:
الأول: أنه جمع الحديثين في حديث واحد.
الثاني: أنه لا يعرف حديث النهي عن انغماس الجنب من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وكوننا نذكر أنه خطأ في الإسناد، لا يعني إعلال المتن، وثبوته من طريق آخر، والله أعلم.
على أنه قد يقال: إن النهي عن الانغماس في الماء الدائم وهو جنب تفرد به أبو السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة، وليس له عن أبي هريرة في الكتب الستة إلا حديثان، هذا أحدهما، وقد روى الحديث تسعة رواة عن أبي هريرة منهم من يعتبر من أخص أصحابه كابن سيرين والأعرج، فذكروه بالنهي عن البول في الماء الدائم، ثم يغتسل فيه، وهؤلاء مقدمون على عبد الله بن السائب، والله أعلم.
(1)
بتصرف يسير المجموع (1/ 204، 205).
الله، إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين، إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام، فصلى، فحمد الله، وأثنى عليه، ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه، فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول، في مقام واحد يعطي هذا الرجل، فقال عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله، ولا على رسول الله لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثًا حتى عد سبع مرات ما حدثت به أبدًا، ولكني سمعته أكثر من ذلك
(1)
.
وجه الاستدلال:
أن هذه الخطايا نجاسات وقاذورات فيتنجس الماء المخالط لها
(2)
.
• ويجاب عن هذا من وجوه:
الوجه الأول:
إن الذنوب ليست لها أجرام محسوسة نراها تخالط الماء حتى تؤثر فيه.
الوجه الثاني:
أن العبد إذا أذنب لا يقال له تنجس.
الوجه الثالث:
إذا فرغ العبد من الوضوء ثم أذنب لا يؤثر ذلك في وضوئه، ولو كانت هذه الذنوب تؤثر في الماء لكان لها تأثير على بدن المتلبس بها من باب أولى.
(1)
صحيح مسلم (832).
(2)
البناية (1/ 353، 354).