الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الخامس:
حكى بعضهم الإجماع على طهوريته، وفي الإجماع نظر:
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الماء الكثير من النيل والبحر، ونحو ذلك إذا وقعت فيه نجاسة، فلم يتغير له لونًا، ولا طعمًا، ولا ريحًا
(1)
، أنه بحاله، ويتطهر منه
(2)
.
وقال ابن جزي من المالكية: الماء المطلق، وهو الباقي على أصله، فهو طاهر مطهر إجماعًا، سواء أكان عذبًا أو مالحًا، أو من بحر أو سماء أو أرض
(3)
.
•
دليل من قال لا يتطهر بماء البحر:
الدليل الأول:
(21)
روى ابن أبي شيبة في المصنف، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، عن هشام، عن قتادة، عن أبي أيوب،
عن عبد الله بن عمرو، قال: ماء البحر لا يجزئ من وضوء، ولا جنابة، إن تحت البحر نارًا، ثم ماء، ثم نارًا
(4)
.
[صحيح موقوفًا، وروي مرفوعًا بالنهي عن ركوب البحر، ولا يصح]
(5)
.
(1)
الذي يظهر أن النصب خطأ، فلفظ (لون) وطعم وريح، كلها كلمات وقعت مرفوعة، فلون فاعل الفعل (يتغير)، والبقية معطوفة عليها، لكنها هكذا في كتاب الإجماع.
(2)
الإجماع (ص: 33).
(3)
القوانين الفقهية (ص: 44).
(4)
المصنف ط محمد عوامة (2/ 109) رقم: 1404.
(5)
ورواه البيهقي أيضًا في السنن الكبرى (4/ 334) من طريق أبي داود، عن شعبة، وهمام، عن قتادة به.
ورواه الجوزجاني في الأباطيل (1/ 345) من طريق ابن المهاجر، عن هشام الدستوائي، عن قتادة به. قال الجوزجاني: هذا حديث باطل، تفرد به محمد بن المهاجر، ومحمد بن المهاجر كان يضع الحديث. اهـ وقد علمت أن ابن المهاجر لم يتفرد به.
ورواه عبد الرزاق في المصنف (1/ 93) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل من =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الانصار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ماءان لا ينقيان من الجنابة: ماء البحر وماء الحمام.
قال معمر: سألت يحيى عنه بعد حين، فقال: قد بلغني ما هو أوثق من ذلك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر؟ فقال: ماء البحر طهور، وحل ميتته. وفي إسناده رجل مبهم.
وروي مرفوعًا عن عبد الله بن عمرو، ولكن في ركوب البحر، ولم يتطرق إلى الوضوء منه رواه سعيد بن منصور في سننه (2/ 186) رقم: 2393، قال: أخبرنا إسماعيل بن زكريا، عن مطرف، عن بشر أبي عبد الله، عن بشير بن مسلم، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله؛ فإن تحت البحر نارًا، وتحت النار بحرًا.
والحديث فيه ثلاث علل:
الأولى: الاضطراب في إسناده:
فقد رواه إسماعيل بن زكريا، واختلف عليه:
فرواه سعيد بن منصور (2393)، ومن طريق سعيد بن منصور أخرجه أبو داود (2489)، والطبراني في الكبير (13/ 584) رقم: 14499، والبيهقي (4/ 334) عن إسماعيل بن زكريا، عن مطرف، عن بشر أبي عبد الله، عن بشير بن مسلم، عن عبد الله بن عمرو.
وخالفه سعيد بن سليمان كما في سنن البيهقي (4/ 334)، (6/ 18) عن إسماعيل بن زكريا وصالح بن عمر، عن مطرف بن طريف، عن بشير بن مسلم، عن عبد الله بن عمرو، فأسقط من إسناده بشرًا أبا عبد الله.
وخالفهما أبو الربيع كما في التأريخ الكبير للبخاري (2/ 104) رقم: 1846، عن إسماعيل بن زكريا، عن مطرف، حدثني بشير أبو عبد الله الكندي، عن عبد الله بن عمر. فأسقط بشير بن مسلم.
وتابعه أبو حمزة كما في التاريخ الكبير البخاري (2/ 105) عن مطرف، عن بشير أبي عبد الله، عن عبد الله بن عمرو.
ورواه صالح بن عمر كما في التاريخ الكبير (2/ 104) عن مطرف، عن بشير بن مسلم، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري: ولم يصح حديثه. اهـ
فتبين من الاضطراب في إسناده أنه روي على وجوه كثيرة:
فقيل: عن بشير بن مسلم، عن ابن عمرو.
وقيل: عن بشير بن مسلم، عن رجل، عن ابن عمرو. =
وجه الاستدلال:
قالوا: إن البحر طبق جهنم، وما كان طبق سخط، لا يكون طريقًا للطهارة والرحمة، وقياسًا على نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء بماء ثمود
(1)
.
• وأجيب:
أولًا: أن هذا الأثر الموقوف مخالف للحديث المرفوع: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته، والمرفوع يقضي على الموقوف.
ثانيًا: قال ابن قدامة: قولهم: هو نار، إن أريد به أنه نار في الحال، فهو خلاف الحس، وإن أريد أنه يصير نارًا لم يمنع ذلك من الوضوء به في حال كونه ماء
(2)
.
= وقيل: عن مطرف عن بشر أبي عبد الله، عن بشير بن مسلم.
وقيل: عن مطرف، عن بشير بن مسلم بإسقاط بشر.
العلة الثانية: جهالة بشير بن مسلم، فقد جاء في ترجمته:
ذكره ابن حبان من أتباع التابعين، وعليه فلا يمكن أن يروي عن عبد الله بن عمرو، انظر الثقات (6/ 100)، وانظر التهذيب (1/ 410).
وسكت عليه ابن أبي حاتم، فلم يذكر فيه شيئًا. الجرح والتعديل (2/ 378).
وقال مسلمة بن قاسم: مجهول. التهذيب (1/ 410).
وفي التقريب: بشير بن مسلم: مجهول.
العلة الثالثة: جهالة بشر أبي عبد الله الكندي، لم يرو عنه إلا مطرف، ولم يوثقه أحد. قال الذهبي: لا يكاد يعرف. تهذيب التذيب (1/ 405).
وقد ضعف الحديث جماعة من أهل العلم:
قال البخاري: لم يصح حديثه، وسبق العزو إليه.
وقال ابن عبد البر: وهو حديث ضعيف مظلم الإسناد، لا يصححه أهل العلم بالحديث؛ لأن رواته مجهولون، لا يعرفون، وحديث أم حرام هذا يرده. التمهيد (1/ 240).
وممن ضعف الحديث الخطابي في معالم السنن (3/ 359)، والنووي كما في المجموع (1/ 137).
وقال ابن الملقن كما في الخلاصة (1/ 73): وهو ضعيف باتفاق الأئمة. والله أعلم.
(1)
القبس (1/ 141، 142)، البناية (1/ 299).
(2)
المغني (1/ 23).