الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[م-3] إذا تعدى الإنسان على مال غيره، وكان غيره بحاجة إليه، كالماء مثلًا فإنه يأثم بذلك، فإذا تطهر به فهل يصح تطهره مع تحريمه؟
اختلف العلماء في ذلك:
فقيل: يرفع الحدث ويزيل الخبث، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية
(1)
.
وقيل: لا يرفع الحدث، ولا يزيل الخبث، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، به قال ابن حزم
(2)
.
وقيل: لا يرفع الحدث، ويزيل الخبث، اختاره بعض الحنابلة
(3)
.
•
دليل من قال لا يرتفع به الحدث:
الدليل الأول:
القياس على الصلاة في الثوب المسبل، فإذا كانت الصلاة في ثوب مسبل حرامًا لا تصح، فكذلك المسح على شيء محرم لا يصح.
(9)
فقد روى أحمد من طريق هشام، عن يحيى، عن أبي جعفر، عن عطاء ابن يسار،
(1)
تبيين الحقائق (1/ 48)، الفصول في الأصول (2/ 179)، حاشية ابن عابدين (1/ 341)، أنواع البروق في أنواع الفروق (2/ 84)، الخرشي (1/ 181)، و (3/ 44)، الفواكه الدواني (1/ 124)، حاشية الدسوقي (1/ 144) و (3/ 54)، منح الجليل (1/ 138)، إعانة الطالبين (1/ 55)، المجموع (2/ 295)، حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 59، 68).
(2)
قال في الإنصاف (1/ 28): «وأما الوضوء بالماء المغصوب، فالصحيح من المذهب، أن الطهارة لا تصح به. وهو من مفردات المذهب. وعنه: تصح وتكره، اختاره ابن عبدوس في تذكرته» .اهـ
وانظر قواعد ابن رجب القاعدة التاسعة (ص: 12)، كشاف القناع (1/ 30)، مطالب أولي النهى (4/ 62)، المبدع (1/ 40).
وانظر قول ابن حزم في المحلى (1/ 208).
(3)
قال في منار السبيل (1/ 15): «ماء يحرم استعماله، ولا يرفع الحدث، ويزيل الخبث، وهو ما ليس مباحًا كمغصوب ونحوه» . اهـ
عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينما رجل يصلي، وهو مسبل إزاره، إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب، فتوضأ. قال: فذهب، فتوضأ، ثم جاء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب، فتوضأ. قال: فذهب، فتوضأ، ثم جاء، فقال: ما لك يا رسول الله، ما لك أمرته يتوضأ؟ ثم سكت، قال: إنه كان يصلي، وهو مسبل إزاره، وإن الله عز وجل لا يقبل صلاة عبد مسبل إزاره
(1)
.
[إسناده ضعيف، ومتنه منكر]
(2)
.
(1)
المسند (4/ 67).
(2)
فيه أبو جعفر المدني الأنصاري، لم يرو عنه سوى يحيى بن أبي كثير.
قال الدارمي: أبو جعفر هذا رجل من الأنصار.
وقال ابن القطان: مجهول.
وفي التقريب: مقبول، ومن زعم أنه محمد بن علي بن الحسين فقد وهم. اهـ
قلت: قال ابن حبان في صحيحه: هو محمد بن علي بن الحسين. فتعقبه الحافظ في التهذيب، وقال: ليس هذا بمستقيم؛ لأن محمد بن علي لم يكن مؤذنًا، ولأن أبا جعفر هذا قد صرح بسماعه من أبي هريرة في عدة أحاديث، وأما محمد بن علي بن الحسين فلم يدرك أبا هريرة، فتعين أنه غيره. تهذيب التهذيب (12/ 58).
وقال النووي: على شرط مسلم. انظر رياض الصالحين (ص: 358)، ولم يصب رحمه الله.
وقال المنذري في الترغيب والترهيب (3/ 92): وفي إسناده أبو جعفر المدني، إن كان محمد بن علي بن الحسين، فروايته عن أبي هريرة مرسلة له، وإن كان غيره فلا أعرفه.
[تخريج الحديث].
الحديث رواه أحمد أيضًا (5/ 379)، والنسائي في الكبرى (9703) والحارث في مسنده كما بغية الباحث (138، 573) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير به، ولفظ النسائي مختصرًا: لا تقبل صلاة رجل مسبل إزاره.
وأخرجه أحمد (4/ 67)، وأبو داود (638، 4086) والبزار في مسنده (8762)، والبيهقي (2/ 241) من طريق أبان بن يزيد العطار، حدثنا يحيى بن أبي كثير به، إلا أنه قال: عن أبي هريرة، فسمى الصحابي.
وخالفهما حرب بن شداد، فرواه البيهقي (2/ 241) عنه عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أن أبا جعفر المدني حدثه، أن عطاء بن يسار حدثه، أن رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه، فذكره، فزاد في الإسناد إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة.
وقد يكون هذا ليس اختلافًا في الإسناد، وإنما يحيى بن أبي كثير معروف بالتدليس، فرواية أبان وهشام عن يحيى بن أبي كثير قد أسقط الواسطة، ورواية حرب قد أفصح عنها، وعلى كل فهذا التوجيه لن يدفع علة الحديث؛ وهي جهالة أبي جعفر، والله أعلم.