الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الماء المتغير فلا يسمى ماء مطلقًا، إنما يضاف إلى تلك المادة التي تغير بها كأن يقال: ماء ورد، أو زعفران، أو مستعمل، ونحو ذلك.
فالآية دلت على أن الطهارة بالماء المطلق، فإن لم يوجد انتقلنا إلى التيمم
(1)
.
• وأجيب:
بأن كلمة (ماء) في قوله: (فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً)[المائدة: 6]، نكرة في سياق النفي، فتعم كل ماء إلا ما دل الإجماع على خروجه، وهو الماء النجس.
الدليل الثاني:
(3)
ما رواه أحمد من طريق مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق، عن المغيرة بن أبي بردة،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ماء البحر: هو الطهور ماؤه الحلال ميتته
(2)
.
[الحديث صحيح]
(3)
.
(1)
بتصرف - الفتاوى (21/ 24)، والحاوي الكبير (1/ 48)، والأوسط (1/ 257).
(2)
أحمد (2/ 237).
(3)
الحديث اختلف في إسناده، وله طرق عن أبي هريرة:
الطريق الأول: عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة.
رواه مالك في الموطأ (1/ 22) عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة، عن المغيرة بن
أبي بردة عن أبي هريرة.
ولفظه عن أبي هريرة: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته.
ورواه أحمد (2/ 237)، و (2/ 393)، والدارقطني (1/ 36) من طريق عبد الرحمن بن مهدي.
والترمذي (69)، النسائي في الكبرى (58) والصغرى (59، 332) من طريق قتيبة بن سعيد.
وأبو داود (83)، وابن حبان (1243، 5258)، والدارقطني (1/ 36)، والمستدرك (1/ 140، 141) من طريق القعنبي.
وابن ماجه (386) من طريق هشام بن عمار. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والدارمي (729، 2011) من طريق محمد بن المبارك.
وأحمد (2/ 361) من طريق أبي سلمة.
وابن خزيمة (1/ 59) من طريق عبد الله بن وهب.
والشافعي في مسنده (1/ 23)، ومن طريقه البيهقي (1/ 3)، والخطيب في تاريخ بغداد (9/ 129).
والدارقطني (1/ 36) من طريق أحمد بن إسماعيل المدني.
وابن الجارود في المنتقى (43) من طريق بشر بن عمر، عشرتهم رووه عن مالك به.
وقد تابع أبو أويس، وإسحاق بن إبراهيم بن سعيد المزني، وعبد الرحمن بن إسحاق تابعوا مالكًا، فروواه عن صفوان بن سليم كما رواه مالك.
فأما متابعة أبي أويس: فقد أخرجه أحمد (2/ 392) قال: حدثنا حسين، قال: حدثنا أبو أويس، حدثنا صفوان بن سليم مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن سعيد بن سلمة بن الأزرق المخزومي، عن أبي بردة بن عبد الله أحد بني عبد الدار بن قصي، عن أبي هريرة.
وهنا قال أبو أويس: عن أبي بردة بن عبد الله، ولم يقل: عن المغيرة بن أبي بردة.
قال ابن حجر: وأبو بردة: هو المغيرة بن أبي بردة، وهو أبو بردة المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة، نسب في رواية مالك إلى جده، وسمي ونسب في رواية أبي أويس إلى أبيه، وكني. انظر أطراف المسند (10309)، وإتحاف المهرة لابن حجر (19986).
وأبو أويس: هو عبد الله بن عبد الله بن أويس، ضعفه أحمد مرة، وقال في أخرى: لا بأس به، وقال فيه أيضًا: صالح، وسئل عنه يحيى بن معين أكثر من مرة، فقال: ضعيف، وقال مرة: صالح الحديث، وقال أيضًا: صدوق وليس بحجة. وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي. وقال الدارقطني: في حفظه شيء. وفي التقريب: صدوق يهم.
فهذا إسناد مقبول في المتابعات، وهي متابعة صالحة لرواية مالك.
وأما متابعة عبد الرحمن بن إسحاق:
فقد انفرد الحاكم بروايتها من طريقين:
أحدهما: أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 141) من طريق عبد الله بن أيوب بن زاذان، حدثنا محمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع، ثنا عبد الرحمن بن إسحاق، ثنا صفوان بن سليم به.
وهذا إسناد فيه عبد الله بن أيوب بن زاذان، قال عنه الدارقطني: متروك. انظر تاريخ بغداد (9/ 413).
والثاني: أخرجه الحاكم (1/ 141)، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (1/ 225) من طريق محمد بن أبي بكر، عن يزيد بن زريع به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فهذا إسناد صالح في المتابعات، رجاله ثقات إلا عبد الرحمن بن إسحاق قال فيه أحمد: صالح الحديث، ووثقه أبو داود، وضعفه بعضهم، قال البخاري: ليس ممن يعتمد على حفظه، وقال ابن حجر: صدوق، فهذا صالح في المتابعات، يضاف إلى ما سبق من رواية مالك وأبي أويس.
وأما متابعة إسحاق بن إبراهيم المزني:
فقد أخرجه الحاكم أيضًا (1/ 141) ومن طريقه البيهقي في المعرفة (1/ 225) من طريق الكيليني، عن سعيد بن كثير بن يحيى بن حميد الأنصاري، ثنا إسحاق بن إبراهيم، عن صفوان ابن سليم به.
وهذا إسناد ضعيف، فيه الكيليني: محمد بن صالح الكيليني، وشيخه سعيد بن كثير بن يحيى، وكلاهما فيه جهالة.
وكما توبع مالك توبع أيضًا صفوان بن سليم.
فقد تابعه الجلاح أبو كثير عند الحاكم (1/ 141)، والبيهقي في السنن (1/ 3) وفي المعرفة (1/ 226) من طريق عبيد بن عبد الواحد بن شريك، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، قال: حدثني الجلاح أبو كثير، أن ابن سلمة المخزومي أخبره، أن المغيرة بن أبي بردة أخبره أنه سمع أبا هريرة فذكر نحوه.
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات إلا عبيد بن عبد الواحد بن شريك، فإنه صدوق، وقد تغير بآخرة، ولا يضر ذلك لأنه قد توبع في هذا كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
واختلف على الليث فيه:
فرواه يحيى بن بكير، عن الليث، عن يزيد بن حبيب، عن الجلاح، عن سعيد بن سلمة، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، كما سبق.
ورواه الإمام أحمد (2/ 378) والدولابي في الكنى والأسماء (1637)، من طريق قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن الجلاح، عن المغيرة، عن أبي هريرة.
فالليث تارة يحدث به عن يزيد بن حبيب، عن الجلاح كما في رواية يحيى بن بكير عنه وتارة يحدث به الليث عن الجلاح مباشرة كما في رواية قتيبة بن سعيد عنه.
ومخالفة أخرى:
فيحيى بن بكير في روايته عن الليث جعل بين الجلاح وبين المغيرة بن أبي بردة: سعيد بن سلمة كما في رواية مالك. بينما قتيبة بن سعيد في روايته عن الليث جعل الجلاح يروى عن المغيرة مباشرة.
وهذا الاختلاف يمكن فيه الترجيح فلا يحكم له بالاضطراب، والراجح والله أعلم رواية يحيى بن بكير الموافقة لرواية مالك بذكر سعيد بن سلمة بين الجلاح والمغيرة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورجحت رواية يحيى، وإن كان قتيبة أحفظ منه وأضبط للأسباب التالية:
أولًا: أن يحيى بن بكير، قال فيه ابن عدى: كان جارًا لليث بن سعد، وهو من أثبت الناس فيه. انظر تهذيب التهذيب (11/ 238)، ولم أجده في الكامل.
وقال فيه الحافظ: (7580): ثقة في الليث.
ثانيًا: أن يحيى بن بكير لم ينفرد به. فقد توبع
تابعه على ذلك اثنان:
أحدهما: عبد الله بن صالح، كما التاريخ الكبير للبخاري (3/ 478) وقال عبد الله -يعني ابن صالح كاتب الليث- حدثنا الليث حدثنا يزيد بن أبي حبيب به.
الثاني: أبو النظر، فقد أخرج أبو عبيد في كتابة الطهور (ص: 294)، قال: حدثنا أبو النضر ويحيى بن بكير عن الليث به.
وأبو النضر: هو هاشم بن القاسم بن سلمة الليثى. قال فيه الحافظ (7256): ثقه ثبت.
وقال بعضهم: إن الراوي عن يحيى بن بكير هو عبيد بن عبد الواحد بن شريك فيه كلام. فقد جاء في الترجمة من تاريخ بغداد (11/ 99).
قال الدارقطنى: صدوق.
وقال أبو مزاحم موسى بن عبيد الله: كان أحد الثقات، ولم أكتب عنه في تغيره شيئًا.
وعن محمد بن العباس قال: قرئ على علي بن المنادى -وأنا أسمع- قال: عبيد بن عبد الواحد ابن شريك أبو محمد البزار، أكثر الناس عنه، ثم أصابه أذى فغيره في آخر أيامه، وكان على ذلك صدوقًا. وقال إسماعيل بن على الخطبي: لم أكتب عنه شيئًا ..... إلخ».
فالجواب: أنه لم يتفرد به عبيد بن عبد الواحد بن شريك فقد تابعه القاسم بن سلام فى كتابه الطهور (294).
والقاسم بن سلام إمام لا يحتاج إلى من يترجم له.
ثالثًا: ومما يرجح أيضًا أن سعيد بن سلمة هو الراوي عن المغيرة كما في رواية يحيى بن بكير، أن النسائي قد رواه (59) عن قتيبة بن سعيد نفسه، عن مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد ابن سلمة عن المغيرة به، فرواية قتيبة بن سعيد عن مالك أرجح من روايته عن الليث.
يضاف إلى ذلك أن عمرو بن الحارث المصري تابع يزيد بن أبي حبيب، فقد رواه البخاري في التاريخ الكير (3/ 478) والبيهقي في المعرفة (1/ 227) من طريق ابن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن الجلاح، عن سعيد بن سلمة، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة. فذكر في الإسناد سعيد بن سلمة بين الجلاح والمغيرة.
واختلف على يزيد بن أبي حبيب فيه: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقد رواه الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عن الجلاح عن سعيد بن سلمة عن المغيرة به كما سبق.
وخالفه محمد بن إسحاق فرواه الدارمي (728)، والبيهقي في المعرفة (1/ 227) من طريق محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الجلاح، عن عبد الله بن سعيد، عن المغيرة، عن أبيه عن أبي هريرة.
وهذا الإسناد فيه مخالفتان:
الأولى: قوله: (عبد الله بن سعيد) والصواب: سعيد بن سلمة.
الثانية: قوله: (عن أبيه) ولم يقل أحد: عن أبيه إلا ابن إسحاق.
قال ابن حبان في كتاب الثقات (5/ 410): «من أدخل بينه وبين أبي هريرة أباه فقد وهم» .
والظاهر أن هذا من محمد بن إسحاق حيث لم يحفظ الحديث، فقد جاء الحديث عند البخاري في تاريخه الكبير (3/ 478) من طريق محمد بن سلمة.
وأخرجه أيضًا (3/ 479) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، كلاهما عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن جلاح، عن عبدالله بن سعيد المخزومى، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة.
فهذا ابن إسحاق من طريقين عنه لم يذكر والد المغيرة.
وأخرجه البخارى أيضًا، قال: قال سلمة يعني: ابن الفضل الأبرش، قال: حدثنا ابن إسحاق، عن يزيد، عن اللجلاج -والصواب عن الجلاح، كما نقله عنه البيهقى فى المعرفة (1/ 227) - عن سلمة بن سعيد -والصواب سعيد بن سلمة- عن المغيرة بن أبي بردة حليف بني عبد الدار، عن أبي هريرة. وهذا هو الصواب من رواية محمد بن إسحاق، وهي موافقة لرواية مالك.
فأنت ترى أن محمد بن إسحاق تارة يذكر والد المغيرة، وتارة يسقطه، وتارة يذكر سعيد بن سلمة وتارة يسقطه، ويذكر بدلًا منه عبد الله بن سعيد، فهذا الاضطراب يسقط رواية محمد بن إسحاق؛ لأنه لم يحفظ الحديث، ولكن لا ينبغى أن تعل به رواية الإمام مالك عن صفوان، فقد أقام الإمام مالك إسناده، كيف وقد وافقه محمد بن إسحاق من رواية سلمة بن الفضل، والله أعلم.
قال البيهقي: قال البخاري: وحديث مالك أصح، واللجلاج خطأ. اهـ ولعل الصواب (والجلاح).
قال البيهقي في معرفة السنن (1/ 226): «الليث بن سعد أحفظ من ابن إسحاق، وقد أقام إسناده عن يزيد بن أبي حبيب، وتابعه على ذلك عمرو بن الحارث، عن الجلاح، فهو أولى أن يكون صحيحًا» . اهـ
وقال الدارقطني في العلل (9/ 10): «ورواه عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، فقال: عن أبي الجلاح، عن أبي ذر المصري، عن أبي هريرة، ولم يذكر سعيدًا، ولا المغيرة» . اهـ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: لم يتابع عبد الحميد بن جعفر على هذا الإسناد، وتفرده بهذا لا يحتمل.
كما توبع سعيد بن سلمة:
تابعه يزيد بن محمد القرشي، فرواه عن المغيرة بن أبي بردة بنحو رواية من رواه على الصحة:
أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 142)، والبيهقي في المعرفة (1/ 228) من طريق عبيد بن
عبد الواحد، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: حدثني خالد بن يزيد، أن يزيد بن محمد القرشي حدثه عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، قال: أتى نفر من بني فراس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: نصيد في البحر، فنتزود من الماء العذب، فربما تخوفنا العطش، فهل يصلح أن نتوضأ من ماء البحر، فقال: نعم توضؤوا به، وحل ميت ما طرح.
قال البيهقي: وقد رواه يزيد بن محمد القرشي، عن المغيرة بن أبي بردة، نحو رواية من رواه على الصحة، وإسناده حسن إن شاء الله.
وهذا الطريق موافق لطريق سعيد بن سلمة: من رواية مالك وإسحاق بن إبراهيم وعبد الرحمن ابن إسحاق، ثلاثتهم عن صفوان بن سليم، ومن رواية يزيد بن حبيب وعمرو بن الحارث، عن الجلاح أبي كثير كلاهما (صفوان والجلاح) عن سعيد بن سلمة، عن المغير بن أبي بردة، عن أبي هريرة.
الطريق الثاني: سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
أخرجه الدارقطني (1/ 37)، والحاكم (1/ 142) من طريق عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي، عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف، لضعف عبد الله القدامي.
قال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة، وهو ضعيف على ما تبين لي من رواياته واضطرابه فيها ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره. الكامل (4/ 257).
وقد ضعفه الدارقطني في غرائب مالك في مواضع بعبارات مختلفة مرة قال ضعيف، ومرة قال: غيره أثبت منه.
وقال ابن حبان: كان تقلب له الأخبار فيجيب فيها، كان آفته ابنه، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار، ولعله قلب له على مالك أكثر من مائة وخمسين حديثًا فحدث بها كلها، وعن إبراهيم بن سعد الشيء الكثير. روى عن إبراهيم، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر، فقال: هو الطهور ماؤه الحل ميتته. المجروحين (2/ 39).
الطريق الثالث: طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة.
أخرجه الدارقطني (1/ 36) والحاكم (1/ 142) من طريق محمد بن غزوان، عن الأوزاعي، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وهذا إسناد ضعيف من أجل محمد بن غزوان.
قال أبو زرعة: منكر الحديث. الجرح والتعديل (8/ 54).
وقال ابن حبان: يقلب الأخبار، ويسند الموقوف، لا يحل الاحتجاج به. المجروحين (2/ 299).
الطريق الرابع: طريق يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن أبي بردة.
رواه يحيى بن سعيد، واضطرب فيه اضطرابًا كبيرًا:
فرواه هشيم كما في الطهور للقاسم بن سلام (234)، والحاكم في المستدرك (1/ 141) والبيهقي في المعرفة (1/ 228، 229) عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن أبي بردة، عن رجل من بني مدلج، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فسماه هنا يحيى بن سعيد (المغيرة بن أبي بردة)، وسماه في أخرى عبد الله بن المغيرة، أو المغيرة بن عبد الله، قال مرة: أن رجلًا من بني مدلج، ومرة قال: عن عبد الله بن المغيرة، عن رجل من بني مدلج.
فالليث بن سعد رواه كما في شرح مشكل الآثار (4032) عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، أن رجلًا من بني مدلج.
وتابعه على هذا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد كما في سنن البيهقي (1/ 229).
وخالفهما أبو خالد كما في سنن البيهقي (1/ 230).
وابن فضيل كما في سنن البيهقي أيضًا (1/ 230)، فروياه عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن رجل من بني مدلج.
ورواه حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن عبد الله، عن أبيه، فزاد في الإسناد والد المغيرة، ولا تعرف إلا في هذا الإسناد.
أخرجه أحمد بن عمرو بن الضحاك في الآحاد والمثاني (2818) حدثنا هدبة، ورواه الحاكم في المستدرك (1/ 141، 142) من طريق حجاج بن منهال، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه البيهقي في المعرفة (1/ 230) من طريق محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبيه، عن رجل من بني مدلج أن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وذكره. فزاد على حماد بن زيد على حماد بن سلمة قوله عن رجل من بني مدلج، واتفقا على ذكر والد المغيرة.
قال الحاكم: وقال سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبيه. اهـ
ورواه سفيان بن عيينة، عن المغيرة بن عبد الله أو عبد الله بن المغيرة أن ناسًا من بني مدلج.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (321)، والبيهقي في معرفة السنن (1/ 229)، وابن عبد البر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في التمهيد (16/ 219).
قال ابن عبد البر في التمهيد (16/ 220): أرسل يحيى بن سعيد الأنصاري هذا الحديث، عن المغيرة بن أبي بردة لم يذكر أبا هريرة. ويحيى بن سعيد أحد الأئمة في الفقه والحديث، وليس يقاس به سعيد بن سلمة ولا أمثاله، وهو أحفظ من صفوان بن سليم، وفي رواية يحيى بن سعيد لهذا الحديث ما يدل على أن سعيد بن سلمة لم يكن معروف الحديث عند أهله، وقد روي هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب فيه عن يحيى بن سعيد، ما رواه عنه ابن عيينة مرسلًا كما ذكرنا والله أعلم».اهـ
والصواب أن يحيى بن سعيد لم يحفظ الحديث؛ لكثرة الاختلاف عليه، ولو لم يختلف على يحيى بن سعيد لكان كلام ابن عبد البر هو المتجه.
قال البيهقي: «هذا الاختلاف يدل على أنه لم يحفظ كما ينبغي، وقد أقام إسناده مالك بن أنس، عن صفوان بن سليم» .
وتابعه على ذلك الليث بن سعد، عن يزيد، عن الجلاح أبي كثير. ثم عمرو بن الحارث، عن الجلاح، كلاهما (يعني صفوان والجلاح) عن سعيد بن سلمة، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فصار الحديث بذلك صحيحًا كما قال البخاري في رواية أبي عيسى عنه.
وقد صحح الحديث جماعة منهم:
البخاري فيما ذكره عنه الترمذي في (كتاب العلل) المفرد له، قال: سألت محمدًا عن حديث مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن أبي سلمة، أن المغيرة بن أبي بردة أخبره، أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل ..... وذكر الحديث. فقال: (هو حديث صحيح). نصب الراية (1/ 96).
وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح» سنن الترمذي (1/ 100، 101).
وصححه ابن خزيمة كما في صحيحه (1/ 58، 59)، وابن حبان كما في الإحسان (1243)، وابن المنذر، وقال ثابت: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) كما في الأوسط (1/ 247).
وقال البيهقي: «هو حديث صحيح كما قال البخاري» . المعرفة (1/ 152).
وضعف إسناده ابن عبد البر، وصححه؛ لأن العلماء تلقوه بالقبول، قال ابن عبد البر في التمهيد:«وهذا الحديث لا يحتج أهل الحديث بمثل إسناده، وهو عندي صحيح؛ لأن العلماء تلقوه بالقبول له والعمل به، ولا يخالف في جملته أحد من الفقهاء» . التمهيد (16/ 219).
وقال النووي: «حديث صحيح» . المجموع (1/ 127).
وصححه الدارقطني قال في العلل (9/ 13): «وأشبهها بالصواب قول مالك ومن تابعه عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= صفوان بن سليم».
وصححه الحافظ ابن حجر كما في تلخيص الحبير (1/ 9 - 12). وغيرهم كثير.
من ضعف الحديث من العلماء:
ضعفه الشيخ ابن دقيق العيد، جاء في نصب الراية عنه: «وهذا الحديث يعل بأربع علل:
العلة الأولى: جهالة سعيد بن سلمة، والمغيرة بن أبي بردة، وقالوا: لم يرو عن المغيرة إلا سعيد بن سلمة، ولا عن سعيد بن سلمة إلا صفوان بن سليم.
والجواب: أن سعيد بن سلمة قد روى عنه صفوان بن سليم، والجلاح أبو كثير، قال النسائي: ثقة. تهذيب الكمال (10/ 480) مع تشدده في التعديل.
وذكره ابن حبان في الثقات (6/ 364).
وأما المغيرة بن أبي بردة.
قال الآجري عن أبي داود: معروف. تهذيب التهذيب (10/ 229).
وقال النسائي: ثقة. المرجع السابق.
وذكره ابن حبان في الثقات. قال الحافظ: «وصحح حديثه عن أبي هريرة في البحر ابن خزيمة، وابن حبان، وابن المنذر، والخطابي، والطحاوي، وابن منده، والحاكم، وابن حزم، والبيهقى، وعبد الحق، وآخرون» . المرجع السابق.
قلت: وصحح حديثه البخاري والدارقطني والترمذي كما سبق، فهذا توثيق ضمني من هؤلاء، يضاف عليهم التوثيق الصريح من النسائي، والله أعلم.
العلة الثانية: أنهم اختلفوا في اسم سعيد بن سلمة:
فقيل: هذا، وقيل: عبد الله بن سعيد، وقيل سلمة بن سعيد.
والجواب: أن الصحيح أنه سعيد بن سلمة؛ لأنها رواية مالك مع جلالته، وهذا مع وفاق من وافقه، والاسمان الآخران من رواية محمد بن إسحاق، وقد بينت فيما سبق أنه لم يحفظ الحديث، وأن الخطأ جاء من قبله زيادة ونقصًا.
العلة الثالثة: الإرسال.
قال ابن عبد البر: «ذكر ابن أبي عمرو الحميدي والمخزومي، عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن أبي بردة، أن ناسًا من مدلج أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم .... الحديث.
قال: وهذا مرسل، لا يقوم بمثله حجة. ويحيى بن سعيد أحفظ من صفوان بن سليم وأثبت من سعيد بن سلمة، قال الشيخ: وهذا مبني على تقديم إرسال الأحفظ على إسناد من دونه وهو مشهور في الأصول.
والجواب: أن يحيى بن سعيد الأنصاري قد اختلف عليه اختلافًا كبيرًا جدًّا يسقط روايته. انظر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= العلل للدار قطني (9/ 11، 13).
فلا ينبغي أن تعل رواية سعيد بن سلمة بمثل هذا، ولذلك قال الدارقطني بعد أن بين الاختلاف على يحيى بن سعيد:«وأشبهها بالصواب قول مالك، ومن تابعه عن صفوان بن سليم» .
وقال البيهقي في المعرفة (1/ 231) بعد أن ساق الاختلاف على سعيد قال: «وهذا الاختلاف يدل على أنه لم يحفظ كما ينبغي، وقد أقام إسناده مالك بن أنس عن صفوان بن سليم، وتابعه على ذلك الليث بن سعد، عن يزيد، عن الجلاح أبي كثير، ثم عمرو بن الحارث عن الجلاح، كلاهما عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة فصار الحديث بذلك صحيحًا كما قال البخاري في رواية أبي عيسى عنه.
العلة الرابعة: الاضطراب.
فقد ذكروا الاضطراب في رواية كل من محمد بن إسحاق، ويحيى بن سعيد الأنصاري. انظر نصب الراية (1/ 97) والعلل للداقطني (9/ 11، 13) وقد بينت أن هذا يضعف روايتهما، ولكن لا تعل به رواية الإمام مالك عن صفوان بن سليم ومن تابعه، كما أن للحديث شواهد منها:
الشاهد الأول: حديث جابر:
روى الإمام أحمد (3/ 373) قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد، أخبرني إسحاق بن حازم، عن أبي مقسم -يعني عبيد الله بن مقسم- عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر: هو الطهور ماؤه الحل ميتته.
قال الحافظ في الدراية (ص 45): إسناده لا بأس به. اهـ
وأبو القاسم بن أبي الزناد:
قال الحافظ في التقريب (8309): ليس به بأس.
وأثنى عليه الإمام أحمد، وقال فيه ابن معين: ليس به بأس. انظر تهذيب الكمال (34/ 192).
وإسحاق بن حازم: قال فيه الحافظ (348): صدوق تكلم فيه للقدر. اهـ
قلت: لنا صدقه وعليه بدعته، وقد وثقه أحمد ويحيى بن معين كما في تهذيب الكمال (2/ 417، 418).
وعبيد الله بن مقسم ثقة مشهور أخرج له البخاري ومسلم. انظر التقريب (434). فهو شاهد قوي لحديث أبي هريرة.
[تخريج حديث جابر].
الحديث أخرجه أحمد، ومن طريق أحمد أخرجه ابن ماجه (388) وابن الجارود في المنتقى (879)، وابن خزيمة (112)، وابن حبان (1244) والدارقطني (1/ 34) والبيهقي (1/ 251، 252).
واختلف فيه على إسحاق بن حازم، فروي عنه كما سبق. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه الدارقطني (1/ 34) من طريق عبد العزيز بن أبي ثابت، عن إسحاق بن حازم، عن وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله، عن أبي بكر الصديق مرفوعًا.
فهنا عبد العزيز بن أبي ثابت جعله من مسند أبي بكر، وجعل وهب بن كيسان مكان عبيد الله ابن مقسم، وعبد العزيز بن أبي ثابت ضعيف جدًّا، فروايته منكرة، والمعروف رواية الإمام أحمد، والله أعلم.
وأخرجه الطبراني في الكبير (1759) والدارقطني (1/ 34)، والحاكم (1/ 143) عن محمد ابن علي بن شعيب السمسار، ثنا الحسين بن بشر، ثنا المعافى بن عمران، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر: هو الطهور ماؤه الحلال ميتته.
قال الحافظ في التلخيص (1/ 11) وإسناده حسن ليس فيه إلا ما يخشى من التدليس.
قلت: الصحيح أن أبا الزبير ليس مدلسًا، ولم يتهمه أحد بالتدليس ممن عاصره، وهم أعلم من غيرهم، وقد تكلم فيه شعبة، وقال فيه كل شيء، ولم يتهمه بالتدليس، مع أن شعبة كان يشدد بالتدليس ويعتبره جرحًا، وقد ترجم له جمع من أئمة الجرح والتعديل كالبخاري وابن أبي حاتم وابن عدي والعقيلي، وابن حبان ولم يصفه أحد بالتدليس، وأول من وصفه بذلك هو النسائي.
الشاهد الثاني: حديث ابن عباس.
رواه أحمد (1/ 279) قال: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا أبو التياح، عن موسى بن سلمة، عن ابن عباس من حديث طويل، وفيه: وسألته عن ماء البحر، فقال: ماء البحر طهور. وهذا إسناد صحيح، إلا أنه موقوف على ابن عباس.
واختلف فيه على حماد بن سلمة، فرواه عفان، عن حماد به موقوفًا كما سبق.
وخالفه سريج بن النعمان، رواه الدارقطني (1/ 35) من طريق إبراهيم بن راشد، وأخرجه الحاكم (1/ 140) من طريق محمد بن إسحاق الصغاني، كلاهما (إبراهيم وابن إسحاق) روياه عن سريج بن النعمان، حدثنا حماد بن سلمة به مرفوعًا.
قال الدارقطني: كذا قال، والصواب موقوف. اهـ
وعفان أثبت أصحاب حماد بلا منازع.
الشاهد الثالث: حديث الفراسي.
أخرجه ابن ماجه (387) من طريق يحيى بن بكير، حدثني الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة، عن بكر بن سوادة، عن مسلم بن مخشي، عن ابن الفراسي قال: كنت أصيد وكانت لي قربة أجعل فيها ماء، وإني توضأت بماء البحر، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هو الطهور ماؤه الحل ميتته.
وهذا مرسل، وإسناده ضعيف، في إسناده مسلم بن مخشي لم يرو عنه بكر بن سوادة، ولم يوثقه إلا ابن حبان. وابن الفراسي تابعي، وفيه جهالة أيضًا.
وجاء في الزوائد: (ص: 86) رجال هذا الإسناد ثقات إلا أن مسلمًا لم يسمع من الفراسي =
وجه الاستدلال:
الصحابة رضي الله عنهم يعلمون أن ماء البحر ليس بنجس، فإذًا هو طاهر
= وإنما سمع من ابن الفراسي، ولا حجة له، وإنما روى هذا الحديث عن أبيه، فالظاهر أنه سقط من هذه الطريق.
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (16/ 220) من طريق يحيى بن بكير به. إلا أنه قال: عن الفراسي بدلًا من ابن الفراسي، وهذا منقطع؛ لأن مسلمًا لم يسمع من الفراسي كما ذكر ذلك البوصيري فيما سبق.
فالحديث إما مرسل أو منقطع، مع ضعف إسناده، لكن يصلح في الشواهد والمتابعات. والله أعلم.
الشاهد الرابع: حديث أنس بن مالك.
أخرجه عبد الرزاق (320) عن الثوري، والدارقطني (1/ 35) من طريق محمد بن يزيد، كلاهما عن أبان، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مختصرًا.
قال الدارقطني: أبان بن أبي عياش متروك.
الشاهد الخامس: حديث علي بن أبي طالب.
أخرجه الدارقطني (1/ 35)، والحاكم في المستدرك (1/ 142، 143) عن أحمد بن محمد بن سعيد، وهو حافظ إلا أنه متكلم في ديانته ومتهم بالكذب.
وقد رواه الحاكم عنه، عن أحمد بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي، مرفوعًا.
ورواه الدارقطني عن أحمد بن سعيد، عن أحمد بن الحسين بن عبد الملك، أخبرنا معاذ بن موسى، أخبرنا محمد بن الحسين، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي، ومعاذ بن موسى ومحمد بن الحسين فيهم جهالة، وهذا الاختلاف في الإسناد من أحمد بن سعيد.
قال الحافظ في التلخيص (1/ 12): «رواه الدارقطني والحاكم من حديث علي بن أبي طالب، من طريق أهل البيت، وفي إسناده من لا يعرف» . اهـ
الشاهد السادس: حديث عبد الله بن عمرو.
أخرجه الدارقطني (1/ 35) والحاكم (1/ 143) من طريق المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ميتة البحر حلال، وماؤه طهور.
والمثنى بن الصباح ضعيف، انظر ترجمته في مسألة التسوك بالأصبع، وذكرت أقوال أهل الجرح فيه. هذا ما وقفت عليه، والذي يظهر للباحث أن حديث البحر حديث صحيح، لا يشك الباحث في صحته.
راجع للوقوف على طرق الحديث: أطراف المسند (8/ 61)، تحفة الأشراف (10/ 374)، إتحاف المهرة (15/ 610)، علل الدارقطني (9/ 7) رقم:1614.
عندهم بلا شك، ولكن هذا الصحابي لا يعلم هل هو طهور أم لا؟ لذلك سأل النبي الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فدل ذلك على أنه قد استقر في ذهن الصحابة أن هناك ماء طاهرًا وليس بطهور
(1)
.
• ويجاب عنه من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول:
لا نسلم أن الإشكال الذي يكون عند رجل من الصحابة يؤخذ منه هذا العموم؛ إذ كيف يؤخذ من فرد واحد من الصحابه سأل عن طهورية ماء البحر بأنه قد استقر في ذهن الصحابة كل الصحابة: أن هناك ماء ليس بطهور وليس بنجس، وهو الطاهر، ولو قيل: إنه قد استقر في ذهن هذا الصحابي فقط لكان فيه نزاع فكيف بهذا التعميم، والصحابة منهم الفقهاء، ومنهم من لم يُعْرَف بالفقه، وشرف الصحبة شيء والفقه شيء آخر.
الوجه الثاني:
يحتمل أن يكون الصحابي سأل عن التطهر بماء البحر، لأن بعض الصحابة كان يكره التطهر منه كابن عمر، وكعبد الله بن عمرو، فلذلك سأل عن هذا، ولم تكن علة الكراهة عندهما أنه طاهر كما سيأتي
(2)
.
الوجه الثالث:
أنتم جعلتم الشك الذي قام عند الصحابي دليلًا على وجود الطاهر، ونحن نرى أن حكم النبي صلى الله عليه وسلم على البحر بأنه طهور دليل على أنه لا يضر تغير الماء بشيء طاهر؛ فإن ماء البحر متغير بالملح ومع ذلك هو طهور، والاستدلال بحكم النبي صلى الله عليه وسلم أولى من الاستدلال بشك فرد واحد من الصحابة إن سُلِّم لكم بأنه قد شك.
(1)
المجموع (1/ 130)، المبدع (1/ 33)، الشرح الكبير (1/ 35، 36).
(2)
التمهيد (16/ 221).