الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
•
دليل من فرق بين أهل الكتاب وغيرهم
.
قالوا: إن غير أهل الكتاب ذبيحتهم ميتة، فهم يطبخونها في آنيتهم، فتتنجس، بخلاف أهل الكتاب فإن ذبيحتهم طاهرة إذا كانت مما يحل أكله.
وهذا القول ضعيف أيضًا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه شربوا من آنية مزادة امرأة مشركة كما سبق تخريجه من حديث عمران بن حصين
(1)
، وكانوا يساكنون المشركين الوثنيين في مكة كثيرًا، وربما كان المسلم يعيش بين أبوين كافرين، وكان يدعو بعضهم بعضًا إلى الطعام، ولم ينقل أنهم كانوا يدعون ذلك، ويتحاشونه، ولو وجد لنقل، والله أعلم.
= وأما طريق عمير بن هانئ، فأخرجه الطبراني في الكبير (22/ 223) رقم 592 من طريق إبراهيم بن دحيم.
وأخرجه البيهقي (1/ 33)، و (10/ 10) من طريق أبي بكر محمد بن إسماعيل، كلاهما عن دحيم الدمشقي، عن محمد بن شعيب، عن عبد الرحمن بن زيد بن جابر، عن عمير بن هانئ، عن أبي ثعلبة الخشني.
وإبراهيم بن دحيم لم أقف له على ترجمة، وقد توبع كما في سند البيهقي، وباقي رجاله ثقات، وقد جاء في هذا الطريق النص على لحم الخنزير وشرب الخمر.
كما روي من طريق عروة بن رويم، أخرجه ابن ماجه (2831) والطبراني في الكبير (22/ 226) رقم 597 من طريق أبي فروة يزيد بن سنان، حدثني عروة بن رويم اللخمي، عن أبي ثعلبة الخشني به. وليس فيه زيادة الخنزير والخمر. وهذا سند ضعيف، فيه أبو فروة يزيد بن سنان، كما أن عروة لم يلق أبا ثعلبة، انظر الجرح والتعديل (3/ 396).
ورواه أبو رجاء العطاردي، عن أبي ثعلبة، رواه الطبراني في الكبير (22/ 228) رقم 600 من طريق محمد بن الفرح، مولى بني هاشم، ثنا علي بن غراب، ثنا علي بن منصور، حدثني أبو رجاء العطاردي، عن أبي ثعلبة الخشني. وفيه النص على لحم الخنزير، وشرب الخمر، ولم أقف على ترجمة محمد بن الفرح، وعلي بن منصور.
هذا ما وقفت عليه من طرق حديث أبي ثعلبة الخشني في زيادة أكل لحم الخنزير وشرب الخمر، وقد تبين لي أنها وردت في أكثر من طريق إلا أن هذه الطرق لا تسلم من اختلاف في إيرادها من عدمه، والله أعلم.
(1)
انظر رقم (117).
• الراجح من الخلاف:
الذي ظهر لي من الأدلة أن حديث أبي ثعلبة الخشني فيه النهي عن استعمالها، والأمر بغسلها إذا لم يوجد غيرها، وكان من الممكن حمل النهي على ظاهره، وأنه للتحريم لولا الأحاديث الكثيرة من فعله ق وفعل أصحابه من أكلهم في آنية أهل الكتاب، وتطهرهم منها، مما يجعل النهي ليس على ظاهره، وإنما يحمل على الكراهة، وأن الأمر بغسلها لم يكن للوجوب، وهذا يجري على القاعدة الفقهية النافعة: بأن النبي ق إذا أمر بشي، ثم تركه، ولم يأت دليل يدل على الخصوصية، دل ذلك على أن الأمر لم يكن للوجوب، وإنما هو للندب، وإذا نهى عن شيء ثم فعله، ولم يكن فيه دليل يدل على الخصوصية، دل ذلك على أن النهي ليس للتحريم، وإنما هو للكراهة، والله أعلم.
* * *