الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثاني في الوضوء من بئر ثمود
ضابط المسألة لدى الفقهاء:
• ما منع من الطهور به خوفًا من ضرره الشرعي أو الحسي، إذا خالف فتوضأ به، هل يرتفع به الحدث، ما دام باقيًا على خلقته؟
[م-44] اختلف العلماء في الوضوء من بئر ثمود:
فقيل: لا يجوز الوضوء من بئر ثمود إلا بئر الناقة، وهو مذهب الجمهور
(1)
، واختيار ابن حزم
(2)
.
وقيل: يكره، وهو قول في مذهب الشافعية
(3)
.
سبب المنع أو الكراهة:
(86)
ما رواه البخاري من طريق عبيد الله، عن نافع،
(1)
حاشية الدسوقي (1/ 34)، مواهب الجليل (1/ 49)، الخرشي (1/ 64)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 29)، المجموع (1/ 137)، مغني المحتاج (1/ 20)، ودقائق أولى النهى (1/ 17)، كشاف القناع (1/ 29، 30)، مطالب أولي النهى (1/ 32)، وأما الحنفية فقد صرح ابن عابدين في حاشيته (1/ 133) بأنه لم يره لأحد من أئمتهم، قال: ينبغي كراهة التطهير أيضًا أخذًا مما ذكرنا، وإن لم أره لأحد من أئمتنا بماء أو تراب من كل أرض غضب عليها، إلا بئر الناقة بأرض ثمود. اهـ
(2)
المحلى (مسألة: 154).
(3)
المجموع (1/ 137).
أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض ثمود الحجر، فاستقوا من بئرها، واعتجنوا به، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهريقوا ما استقوا من بئرها، وأن يعلفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة
(1)
.
واختلفوا هل ماؤها طهور أو نجس؟ على قولين:
أحدها: أنه نجس. ذكر في مواهب الجليل نقلًا عن القرطبي بأن أمره صلى الله عليه وسلم بإراقة ما سقوا وعلف العجين للدواب حكم على ذلك الماء بالنجاسة إذ ذلك حكم ما خالطته النجاسة، أو كان نجسًا ولولا نجاسة الماء لما أتلف الطعام المحترم شرعًا.
وأكثرهم على أنه ماء طهور، ولا يحكم بنجاسة الماء؛ لأن الحديث ليس فيه تعرض للنجاسة، وإنما هو ماء سخط وغضب، فلم يرووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرهم بغسل أوعيتهم وأيديهم منه، وما أصاب ثيابهم، ولو وقع ذلك لنقل، على أنه لو نقل لما دل على النجاسة؛ لاحتمال أن يكون ذلك مبالغة في اجتناب ذلك الماء
(2)
.
وبناء على هذه العلة قاسوا عليه كل ماء في أرض مغضوب على أهلها، قال في مواهب الجليل:«ويلحق بها كل ماء مغضوب عليه، كماء ديار قوم لوط، وماء ديار بابل لحديث أبي داود (أنها أرض ملعونة)، وماء بئر ذروان التي وضع فيها السحر للنبي صلى الله عليه وسلم وماء بئر برهوت، وهي بئر باليمن لحديث ابن حبان شر بئر في الأرض برهوت. وبابل: هي المذكورة في سورة البقرة، وهي بالعراق، وبئر ذروان بفتح الذال المعجمة وسكون الراء هي بالمدينة، وبئر برهوت بفتح الموحدة وسكون الراء وهي بئر عميقة بحضرموت، لا يستطاع النزول إلى قعرها، والله أعلم»
(3)
.
(1)
صحيح البخاري (3379)، صحيح مسلم (2981).
(2)
من مواهب الجليل (1/ 49) بتصرف.
(3)
المصدر السابق.
ولو تطهر، فقيل: يصح وضوؤه مع الإثم.
وقيل: لا يصح، والعلة إما تعبدية، أو كالماء المغصوب عند من يمنع الوضوء بالماء الطهور إذا كان كسبه محرمًا
(1)
.
وقال ابن فرحون في الألغاز: فإن قلت: ماء كثير باق على أصل خلقته لا يجوز الوضوء ولا الانتفاع به؟ قلت: هو ماء الآبار التي في أرض ثمود
(2)
.
• الراجح:
أن ماء بئر ثمود طهور، وليس بنجس، ولكن لا يتوضأ منه الإنسان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أن يهريقوا ما استقوا من بئرها؛ لأنه ماء سخط وغضب، والله أعلم، ولو تطهر الإنسان منها ارتفع حدثه، والله أعلم.
* * *
(1)
حاشية الدسوقي (1/ 34)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 29)، شرح منتهى الإرادات (1/ 17).
(2)
مواهب الجليل (1/ 49).