الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(145)
ومنها ما رواه الدارقطني، من طريق أبي بكر الهذلي، أن الزهري حدثهم، عن عبيد الله بن عبد الله،
عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ) ألا كل شيء من الميتة حلال إلا ما أكل منها، فأما الجلد والقرن والشعر والصوف والسن والعظم فكل هذا حلال؛ لأنه لا يذكى.
قال الدارقطني: أبو بكر الهذلي متروك
(1)
.
(146)
ومنها ما رواه الدارقطني، من طريق يوسف بن السفر، نا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال:
سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ، ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء.
قال الدارقطني: يوسف بن السفر متروك، ولم يأت به غيره
(2)
.
•
دليل من قال بنجاسة الشعر ونحوه:
استدلوا بقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)[المائدة: 3]، وهو عام للشعر وغيره، فإن الميتة اسم لما فارقته الروح بجميع أجزائه.
وأجيب بجوابين:
الأول: أن قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)[المائدة: 3]، لا يدخل فيها الشعر وشبهه؛ وذلك أن الميت ضد الحي، والحياة نوعان: حياة حيوانية وحياة نباتية.
= جهالة عينه. اهـ
فالحديث منكر؛ لأن عبد الجبار مع كونه ضعيفًا، خالف كل من روى هذا الحديث عن الزهري، كالإمام مالك ويونس وابن عقيل وصالح بن كيسان وغيرهم، حيث رووا هذا الحديث، ولم يذكروا الجلد والشعر وما ذكر معهما.
(1)
سنن الدارقطني (1/ 48).
(2)
سنن الدارقطني (1/ 47).
فحياة الحيوان: خاصتها الحس والحركة الإرادية.
وحياة النبات: خاصتها النمو والاغتذاء. وقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)[المائدة: 3] إنما هو بما فارقته الحياة الحيوانية دون النباتية، فإن الشجر والزرع إذا يبس لم ينجس باتفاق المسلمين. وقد قال تعالى (وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا) [النحل: 65].
وقال: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)[الحديد: 17].
وإنما الميتة المحرمة: ما فارقها الحس والحركة الإرادية، وإذا كان كذلك فالشعر حياته من جنس حياة النبات، لا من جنس حياة الحيوان، فإنه ينمو ويتغذى ويطول كالزرع. وليس فيه حس، ولا يتحرك بإرادته، فلا تحله الحياة الحيوانية حتى يموت بمفارقتها، فلا وجه لتنجيسه. وأيضًا لو كان الشعر جزءًا من الحيوان لما أبيح أخذه في حال الحياة
…
إلخ
(1)
.
الجواب الثاني:
قالوا: إن قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)[المائدة: 3] عام، وقوله تعالى:(وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ)[النحل: 80] خاص في بعضها، وهو الشعر والصوف، والوبر. والخاص مقدم على العام
(2)
.
(1)
مجموع الفتاوى (21/ 97، 98).
(2)
ودفعه النووي بقوله في المجموع (1/ 292): أن كل واحدة من الآيتين، فيها عموم وخصوص، فإن تلك الآية أيضًا عامة في الحيوان الحي والميت، وهذه خاصة بتحريم الميتة، فكل آية عامة من وجه، خاصة من وجه، فتساويتا من حيث العموم والخصوص، وكان التمسك بقوله تعالى:(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) أولى؛ لأنها وردت لبيان المحرم، وأن الميتة محرمة علينا، ووردت الأخرى للامتنان بما أحل لنا.
وأجاب بعضهم عن قوله تعالى: (وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا) بأنها محمولة على شعر المأكول إذا ذكي، أو أخذ في حياته كما هو المعهود، وأجاب الماوردي بجواب آخر مفاده: أن من للتبعيض، والمراد بالبعض الطاهر وهو ما ذكرناه.