الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما من قيد التحري بأن تكون الغلبة للأواني الطاهرة، فإنه نظر إلى أن الحكم للأغلب، فإن كان الأغلب الطهور، كانت إصابته في التحري راجحة، وإن كان الأغلب للنجس، كانت إصابته في تحريه أبعد، لهذا اشترط أن يكون عدد الماء الطهور أغلب، وأما من اشترط في الترجيح أن تكون هناك علامة وأمارة، فهذا ظاهر، لأن الترجيح لابد أن يكون له مستند، فإذا لم يكن هناك علامة أوجبت الترجيح لم يكن ترجيحًا، وإنما كان تخييرًا، والله أعلم.
•
دليل من قال يهرق أحدهما ثم يتوضأ بالآخر:
وجهه: إذا أهرق أحدهما، أصبح الماء الباقي مشكوكًا فيه، والشك في طهارة الماء لا تمنع من التطهر به؛ لأن الأصل في الماء الطهارة، حتى يتيقن النجاسة.
•
دليل من قال يتوضأ بأحدهما ويصلي ثم يتوضأ بالأخر ويصلي:
وجهه: أنه لا بد أن يؤدي الصلاة بيقين، ولا يوجد يقين إلا بهذا الطريق، أن يتوضأ ويصلي بكل واحد منهما ..
وهذا القول يلزم منه أن يصلي الإنسان الفرض الواحد مرتين، ثم لا يدري هذا أيهما فرضه، هل الصلاة الأولى، أم الصلاة الثانية، وليس له مثيل في الشرع في إيجاب عبادة واحدة مرتين، لا يدري أيهما فرضه.
•
دليل من قال: يتوضأ بأيهما شاء:
بني هذا القول على أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وبالتالي لا يمكن أن تتصور هذه المسألة، لأن التغير أمر محسوس، فإذا لم يظهر التغير على الماء حكم بطهوريته، وهذا هو الراجح، فإذا غلبت عليه النجاسة طعمًا أو لونًا أو ريحًا أصبح نجسًا. وسوف نسوق أدلة هذا القول إن شاء الله تعالى في بحث الماء النجس إذا وقعت فيه نجاسة، وهو قليل، فلم تغيره.
• الراجح:
أن الماء لا يمكن أن يشتبه الطهور بالنجس؛ لأننا لا نحكم على الماء بأنه نجس حتى يتغير، فإذا تغير أصبح محسوسًا، يمكن معرفته، اللهم إلا أن يكون الماء الذي في الإناء قد ولغ فيه كلب، فإنه يحكم بنجاسته، ولو لم يتغير، فممكن في هذه الصورة النادرة أن تقع، وأما في غيرها فلا يتصور وقوعها، ولا يقال: قد يفقد الإنسان الشم أو النظر أو التذوق فلا يشعر بتغير الرائحة أو اللون أو الطعم؛ لأننا نقول: هذه الصورة ليست من قبل الماء، وإنما هي من قبل الإنسان نفسه، ونحن نتكلم عن اشتباه حقيقة الماء الطهور بالنجس، والله أعلم.
* * *