الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس في الأواني المتخذة من الميتة
المبحث الأول في الأواني المتخذة من جلود الميتة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما إهاب دبغ فقط طهر.
هل يقال: هذا العموم مراد، أو يقال: هو محمول على ما يستعمل شائعًا، ويجري عادة، وينصرف كثيرًا، أما ما لا يخطر في بال المعمم ولا ببال السامع المبين له لا يصح أن يقال: إنه داخل تحت العموم، وهذا لا يختص به كلام الشارع، بل هو جار في كل كلام عربي محكم على هذا السبيل؟
• أسباب الطهارة ثلاثة: إزالة، واستحالة، ومجموعهما كالدباغ
(1)
.
• الحكم بالمتنجس تابع للأعراض لا للذات، فمتى زالت الأعراض زال الحكم.
• كل ما كان طاهرًا بعد موته جاز استعمال جلده قبل دبغه إلا ابن آدم.
• كل حيوان طاهر، سواء كان مأكولًا، أو غير مأكول، فإن جلده يطهر بالدباغ على الصحيح.
(1)
الدباغ يشتمل على إزالة: حيث زالت الرطوبات النجسة، ويشتمل على انتقال: لأن صفة الجلد تنتقل من هيئة إلى أخرى.
• الذكاة التي لا تبيح أكل لحم الحيوان فإنها لا تفيد طهارة جلده ما لم يدبغ، والعكس صحيح.
وبلفظ آخر:
• الذكاة إن أباحت أكله أفادت طهارة جلده، وإلا فلا في الأصح.
• كل إهاب تنجس بالموت فالدباغ يطهره على الصحيح.
• كل إهاب نجس قبل الموت هل يطهره الدباغ؟
[م-58] الأواني من الجلود كانت معروفةً عند الصحابة رضي الله عنهم وما زالت إلى يومنا هذا خاصة في بعض المجتمعات الإسلامية، والكلام في جلود الميتة في مسألتين: هل الدباغ مطهر، وإذا كان لا يطهر فهل يباح استعماله والانتفاع به مع نجاسته؟
وقد اختلف العلماء في ذلك:
فقيل: الدباغ يطهر جميع الجلود، إلا جلد الإنسان والخنزير، وهو مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: لا يطهر جلد الميتة بالدباغ، وقبل الدبغ لا ينتفع بالجلد مطلقًا، وهو مذهب مالك
(2)
، والمشهور من مذهب الحنابلة
(3)
.
(1)
الهداية شرح البداية (1/ 21)، البحر الرائق (1/ 105)، بدائع الصنائع (1/ 85)، تبيين الحقائق (1/ 24)، حاشية ابن عابدين (1/ 203)، المبسوط (1/ 202)، حاشية الطحطاوي (1/ 111).
(2)
حاشية الدسوقي (1/ 54، 55)، التاج والإكليل (1/ 101)، مواهب الجيل (1/ 101)، البيان والتحصيل (1/ 100)، التمهيد (4/ 156، 157) و (1/ 162)، الكافي (ص: 189).
(3)
المبدع (1/ 70)، شرح العمدة (1/ 122)، كشاف القناع (1/ 54)، الإنصاف (1/ 86)، الإقناع (1/ 13)، الفروع (1/ 72)، الكافي (1/ 19)، المغني (1/ 53).
وأما بعد الدبغ فيباح استعماله في يابس عندهما، وفي الماء عند المالكية
(1)
.
وقيل: الدباغ يطهر جميع جلود الميتة بما في ذلك جلود ما لا يؤكل لحمه، إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما، وهو مذهب الشافعية
(2)
.
وقيل: الدباغ لا يطهر إلا ما تحله الذكاة، وهو رواية عن مالك
(3)
، واختاره أبو ثور
(4)
، ورجحه بعض الحنابلة كالمجد وابن رزين وابن عبد القوي
(5)
، وابن تيمية
(6)
.
وقيل: الدباغ يطهر كل حيوان طاهر في الحياة، وهو رواية عن أحمد، واختارها بعض أصحابه، وهو رواية ثانية عن ابن تيمية
(7)
.
وقيل: الدباغ يطهر جميع الجلود حتى جلد الكلب والخنزير، وهو مذهب الظاهرية
(8)
.
فتلخص لنا من هذا الخلاف ما يلي:
(1)
والفرق بين الماء وبين غيره من السوائل كالعسل واللبن والسمن، قالوا: إن الماء له قوة الدفع عن نفسه لطهوريته، فلا يضره إلا ما غير أحد أوصافه الثلاثة، بخلاف غيره.
(2)
الأم (1/ 9)، حلية العلماء (1/ 93)، الإقناع للشربيني (1/ 28)، الوسيط (1/ 129)، روضة الطالبين (1/ 41)، المجموع (1/ 275).
(3)
جاء في البيان والتحصيل (1/ 101): وسئل مالك: أترى ما دبغ من جلود الدواب طاهرًا؟ فقال: ألا يقال هذا في جلود الأنعام، فأما جلود ما لا يؤكل لحمه فكيف يكون طاهرًا إذا دبغ، وهو مما لا ذكاة فيه، ولا يؤكل لحمه. اهـ ونقل ابن عبد البر هذا الكلام في الاستذكار (15/ 326). وقال في التمهيد (4/ 182): وقالت طائفة من أهل العلم لا يجوز الانتفاع بجلود السباع لا قبل الدباغ ولا بعده، مذبوحة كانت أو ميتة، وممن قال هذا القول: الأوزاعي وابن المبارك وإسحاق، وأبو ثور، ويزيد بن هارون. اهـ
(4)
الاستذكار (15/ 326).
(5)
الإنصاف (1/ 87).
(6)
مجموع الفتاوى (21/ 95).
(7)
الإنصاف (1/ 86).
(8)
المحلى (1/ 118)، وذكره مذهبًا لداود الظاهري ابن رشد في البيان والتحصيل (3/ 357)، وعون المعبود (11/ 179).