الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في الماء الكثير إذا غيرته النجاسة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• استعمال الماء المتغير بالنجاسة استعمال للنجاسة.
• انتقال الماء من الطهورية إلى النجاسة حسي (معقول المعنى) وليس تعبديًا كانتقال النجس إلى عين طاهرة على الصحيح.
• حكم الماء المتغير حكم مغيِّره، فإن كان بنجس تنجس إجماعًا، وإن كان بطاهر، فهل يصير طاهرًا غير طهور بمطلق التغير، أولًا حتى يغلب على أجزائه؟
• ما غلب على لون الماء، فإن كان موافقًا للماء في الطهارة والتطهير كالتغير بالتراب لم يسلبه واحدة منها، وإن كان مخالفًا للماء في الطهارة والتطهير كالتغير بالنجاسة سلبه الوصفين معًا، وإن كان موافقًا للماء في الطهارة دون التطهير لم يسلبه الطهارة لموافقته لها، وهل يسبله الطهورية بمطلق التغير، أو لا حتى يغلب على أجزائه؟
• الأصل المجمع عليه أن الماء طاهر مطهر، خرج الماء المتغير بالنجاسة بالإجماع وبقي ما عداه على الصحيح.
[م-42] إذا وقعت في الماء نجاسة فغيرته، فإنه نجس لا فرق بين قليله وكثيره، وقد نقل الإجماع على ذلك طوائف من أهل العلم.
قال الطحاوي من الحنفية: أجمعوا أن النجاسة إذا وقعت في البئر، فغلبت على طعم مائها، أو ريحه، أو لونه، أن ماءها قد فسد
(1)
.
(2)
.
وقال القاضي أبو الوليد ابن رشد من المالكية: لا خلاف أن الماء الكثير لا ينجسه ما حل فيه من النجاسة إلا أن يغير أحد أوصافه
(3)
.
وقال الشافعي رحمه الله: «وما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء أو ريحه، أو لونه، كان نجسًا، يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه لا يثبت مثله أهل الحديث، وهو قول العامة، لا أعلم بينهم فيه اختلافًا»
(4)
.
وقال النووي: «واعلم أن حديث بئر بضاعة عام مخصوص، خص منه المتغير بنجاسة، فإنه نجس للإجماع»
(5)
.
وقال الزركشي من الحنابلة: «إن الماء ينجس بتغير وصف من أوصافه، وإن كثر ولا نزاع في ذلك، وحكاه ابن المنذر إجماعًا»
(6)
.
(1)
شرح معاني الآثار (1/ 12)، ونقل الإجماع العيني كما في البناية (1/ 130)، وابن الهمام كما في شرح فتح القدير (1/ 77)، وغيرهما.
(2)
البحر الرائق (1/ 74).
(3)
مواهب الجليل (1/ 53، 60)، وانظر مقدمات ابن رشد (1/ 57)، والمنتقى للباجي (1/ 56، 59)، البيان والتحصيل (1/ 42، 60، 134)، القوانين الفقهية (32).
(4)
الأم (1/ 13).
(5)
المجموع (1/ 131)، وقد نقل الإجماع مجموعة من الشافعية، منهم الماوردي في الحاوي (1/ 325)، والعراقي في طرح التثريب (2/ 32، 33، 35)، شرح المنهج (1/ 41)، الغرر البهية (1/ 34).
(6)
شرح الزركشي (1/ 127).
وقال ابن تيمية: «إذا وقع في الماء نجاسة، فغيرته، تنجس اتفاقًا»
(1)
.
وقد نقل الإجماع طوائف من العلماء منهم:
ابن عبد البر
(2)
، وأبو العباس بن سريج
(3)
، وابن جرير الطبري
(4)
، وابن المنذر
(5)
، وابن حبان
(6)
، والقاضي عياض
(7)
، وابن القطان الفاسي
(8)
، وابن دقيق العيد
(9)
،
وابن الفاكهاني
(10)
، وابن الملقن
(11)
، وابن مفلح
(12)
، وغيرهم
(13)
.
ومن النظر: أن الله سبحانه وتعالى حرم استعمال النجاسة، والماء المتغير بالنجاسة إذا استعمل فقد استعملت النجاسة، لظهور أثرها في الماء من لون أو طعم أو رائحة، والله أعلم.
* * *
(1)
مختصر الفتاوى المصرية (ص: 18).
(2)
التميهد (18/ 235، 236)، (19/ 16)، والاستذكار (1/ 211).
(3)
الودائع لنصوص الشرائع (1/ 93).
(4)
تهذيب الآثار (2/ 213، 216).
(5)
الأوسط (1/ 260)، والإجماع (ص: 33).
(6)
قال ابن حبان في صحيحه (4/ 59): قوله صلى الله عليه وسلم: الماء لا ينجسه شيء، لفظة أطلقت على العموم، تستعمل في بعض الأحوال، وهو المياه الكثيرة التي لا تحتمل النجاسة فتظهر فيها، وتخص هذه اللفظة التي أطلقت على العموم ورود سنة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء، ويخص هذين الخبرين الإجماع على أن الماء قليلًا كان أو كثيرًا فغير طعمه أو لونه أو ريحه نجاسة وقعت فيها، أن ذلك الماء نجس بهذا الإجماع الذي يخص عموم تلك اللفظة المطلقة التي ذكرناها. اهـ
(7)
مواهب الجليل (1/ 60).
(8)
حاشية الرهوني على شرح الزرقاني (1/ 49).
(9)
إحكام الأحكام (1/ 22، 23).
(10)
مواهب الجليل (1/ 85).
(11)
نيل الأوطار (1/ 40).
(12)
المبدع (1/ 52).
(13)
انظر إجماعات ابن عبد البر في العبادات (1/ 124).