الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث
(25)
ما رواه البخاري، من طريق أيوب، عن سعيد بن جبير،
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فوقصته -أو قال فأوقصته- قال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا
(1)
.
الدليل الرابع:
(26)
ما رواه البخاري، من طريق أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين،
عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته، فقال: اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا آذناه، فأعطانا حقوه، فقال: أشعرنها إياه يعني إزاره
(2)
.
وجه الاستدلال من الحديثين:
أن السدر أضيف إلى الماء، ولا بد أن يتغير به، ومع ذلك لم يمنع أن يتطهر به الميت، وما طهر الميت طهر الحي؛ إذ لا فرق.
الدليل الخامس: من الآثار
(27)
روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن أبي نوفل بن أبي عقرب، عن ابن عباس، قال: يجزئه أن لا يعيد على رأسه الغسل - يعني إذا غسل رأسه بالخطمي.
(1)
صحيح البخاري (1265) ومسلم (1206).
(2)
صحيح البخاري (1253) ومسلم (939).
[إسناده صحيح]
(1)
.
الأثر الثاني:
(28)
روى ابن أبي شيبة أيضًا، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الحارث بن الأزمع،
قال عبد الله: من غسل رأسه بالخطمي، وهو جنب، فقد أبلغ الغسل.
[إسناده حسن]
(2)
.
(1)
المصنف (1/ 71) رقم 775.
(2)
المصنف (1/ 71) رقم 771.
هذا الأثر موقوف على ابن مسعود، وقد رواه عنه جماعة منهم:
الأول: الحارث بن الأزمع.
أخرجه عبد الرزاق (1008) ومن طريقه الطبراني (9/ 254) عن الثوري.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (4/ 207) والطبراني (9/ 254) من طريق شعبة.
وأخرجه عبد الرزاق (1009) والبيهقي (1/ 183) من طريق سفيان بن عيينة.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 71) عن أبي الأحوص وزكريا بن أبي زائدة فرقهما.
والطبراني في الكبير (9/ 254) من طريق زهير بن معاوية وحجاج بن أرطاة كلهم رووه عن أبي إسحاق، عن الحارث بن الأزمع به.
والحارث بن الأزمع، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يروي عن عمر، وابن مسعود، وعمرو ابن العاص. الثقات (4/ 126).
وقال ابن سعد: كان قليل الحديث. الطبقات الكبرى (6/ 119).
وقال العجلي: من أصحاب عبد الله، ثقة. معرفة الثقات (1/ 277).
وذكره ابن أبي حاتم، وذكر أنه يروي عن عمر وابن مسعود وعمرو بن العاص، وسكت عليه. الجرح والتعديل (3/ 69).
ومن كان مثله من كبار التابعين بحيث يروي عن عمر، وكان قليل الحديث كما قال ابن سعد، وروى عنه شعبة والثوري، ووثقه ابن حبان والعجلي، لا يضره ألا يصرح بتعديله. وعنعنة أبي إسحاق قد زالت برواية شعبة عنه، ولم يتفرد به.
الثاني: سارية بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رواه سفيان عن الأعمش، واختلف عليه:
فرواه ابن أبي شيبة (1/ 71) عن وكيع، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن مسعود، فهنا سالم يروي مباشرة عن عبد الله بن مسعود.
ورواه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 168) عن محمد بن يوسف، عن سفيان، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن سارية، عن ابن مسعود، بزيادة سارية بين سالم بن أبي الجعد وبين ابن مسعود رضي الله عنه.
وسارية بن عبد الله لم يرو عنه أحد إلا سالم بن أبي الجعد، ولم يوثقه أحد إلا ابن حبان، ولم يرو له أحد من الكتب الستة، فهو مجهول.
ووكيع ومحمد بن يوسف ثقتان، ويترجح عندي رواية محمد بن يوسف على وكيع بذكر سارية؛ لأن محمد بن يوسف قد توبع، تابعه أبو حمزة كما في التأريخ الكبير للبخاري (4/ 207) عنه، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن سارية بن عبد الله، قال عبد الله
…
وذكر الأثر.
كما تابعه حفص بن غياث، إلا أن حفصًا قد اختلف عليه:
فرواه ابن أبي شيبة (1/ 71) عن حفص، عن الأعمش به، بذكر سارية في إسناده، كما في رواية أبي حمزة، ورواية محمد بن يوسف عن سفيان.
ورواه ابن أبي شيبة (1/ 71) رقم 776 قال حدثنا حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: إذا غسل الجنب رأسه بالخطمي أجزأه ذلك.
قال إبراهيم: مثل ذلك، أو قال: لا يعيد عليه.
ورجاله ثقات إلا أن إبراهيم لم يسمع من ابن مسعود.
وأخرجه الطبراني في الكبير (9/ 254) رقم: 9258 من طريق زائدة بن قدامة عن الأعمش، عن إبراهيم به.
وهذا اختلاف على حفص، في روايته عن الأعمش.
ورواه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 168) من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثابت بن قطبة، عن ابن مسعود.
وذكره البيهقي معلقًا (1/ 183) عن أبي عوانة به.
وأعله البيهقي (1/ 183) ورجح رواية سفيان الثوري عن الأعمش. أي بذكر سارية بدلًا من ثابت بن قطبة.
فذكر ثابت بن قطبة انفرد به أبو عوانة من سائر الرواة عن الأعمش، فذكره شاذ.
فهذا الاختلاف على الأعمش إما أن نقول إنه يضعف رواية الأعمش وحده، ويبقى طريق الحارث بن الأزمع لم يختلف عليه فيه، وإسناده حسن. =
قال ابن حزم في المحلى: وهذا قول ثابت عن ابن مسعود، قال: إذا غسل رأسه بالخطمي أجزأه ذلك، وكذلك نصًا عن ابن عباس. وروي أيضًا هذا عن علي بن
أبي طالب، وثبت عن سعيد بن المسيب، وابن جريج، وعن صواحب النبي صلى الله عليه وسلم من نساء الأنصار، والتابعات منهن أن المرأة الجنب والحائض إذا امتشطت بحنا رقيق أن ذلك يجزئها من غسل رأسها للحيضة والجنابة، ولا تعيد غسله، وثبت عن إبراهيم
= وإما أن نسلك مسلك الترجيح، فنقول: ذكر ثابت بن قطبة انفرد به أبو عوانة من سائر الرواة عن الأعمش، فذكره شاذ.
وأما الاختلاف على حفص بن غياث عن الأعمش فإنما هو من جهة حفص؛ لأنه قد تكلم في روايته عن الأعمش، تكلم فيه الإمام أحمد وغيره. انظر شرح علل الترمذي لابن رجب (ص: 297)، فتقبل من رواية حفص ما وافق رواية غيره كرواية أبي حمزة، عن الأعمش، ورواية محمد بن يوسف، عن الثوري، عن الأعمش.
وأما رواية الأعمش عن إبراهيم، فجاءت من طريقين: أحدهما من رواية حفص، وقد علمت ما فيها.
والثاني من رواية زائدة فقد تابع فيه حفصًا بذكر إبراهيم إلا أنه انفرد به الطبراني في المعجم الكبير، وهو إذا تفرد بحديث كان من مظنة الحديث المنكر والغريب، نص عليه ابن رجب في شرحه لعلل الترمذي (ص: 70).
وتبقى رواية سفيان الثوري عن الأعمش، والاختلاف على سفيان بذكر سارية:
فوكيع، رواه عن سفيان، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بدون ذكر سارية.
ورواه محمد بن يوسف، عن سفيان به بزيادة ذكر سارية، وتابعه على هذه الزيادة أبو حمزة وحفص، عن الأعمش، في إحدى رواياته كما تقدم، والراجح والله أعلم أن ذكر سارية في الإسناد هو المحفوظ:
أولًا: أن محمد بن يوسف في روايته عن الثوري قد توبع، تابعه اثنان.
ثانيًا: أن سالم بن أبي الجعد كان كثير الإرسال، ولم يلق ابن مسعود، فكان أحيانًا يرسله، وأحيانًا يذكر الواسطة، انظر جامع التحصيل (218).
وعلى كل حال، فالاختلاف على الأعمش كما قلنا لا يؤثر على طريق الحارث لسلامته من الاختلاف، وقد رجح البخاري في تاريخه الكبير بعد أن ساق طرق الحديث، قال:(4/ 207): حديث الحارث أصح.
النخعي وعطاء بن أبي رباح وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن جبير أنهم قالوا في الجنب يغسل رأسه بالسدر والخطمي: إنه يجزئه ذلك من غسل رأسه للجنابة
(1)
. اهـ
وهذا القول هو الراجح، والله أعلم.
* * *
(1)
المحلى (مسألة 147).