الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع في الماء المالح
الفرع الأول في تغير الماء بملح موضوع فيه
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
هذه المسألة فرع من مسائل كثيرة مر ذكر بعضها، كتغير الماء ببعض الطاهرات، وذكرنا ضوابط هذه المسألة، ونعيد ذكر بعضها.
• الأصل المجمع عليه أن الماء طاهر مطهر، ولا ينتقل عن ذلك إلا بناقل صحيح صالح للاحتجاج.
• الماء إذا تغير بالملح ألحق بماء البحر على الصحيح.
• مطلق التغير بالطاهر لو كان مفسدًا للماء لم يكن هناك فرق بين تغير وآخر على الصحيح؛ لأن الحكم متعلق بالتغير لا بسببه؛ لكونه من أحكام الوضع كالتغير بالنجاسة.
[م-9] اختلف العلماء في الماء المتغير بالملح:
فقيل: طهور مطلقًا، سواء كان الملح مائيًا أو معدنيًا، طرح قصدًا أو من غير قصد، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، ووجه في مذهب الشافعية
(1)
،
واختاره
(1)
مذهب الحنفية أوسع المذاهب من جهة الماء إذا تغير بشيء طاهر سواء كان من الملح أو من غيره، ولذلك قال ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 71):«يجوز الوضوء بالماء، ولو خالطه شيء طاهر، فغير أحد أوصافه التي هي: الطعم واللون والريح» . اهـ
…
فلا يقيدون التغير أن يكون مما لا يمكن حفظ الماء عنه، ولا بكونه ترابًا، ولا بكونه ملحًا مائيًا.
وأما الماء المالح فيقسمونه إلى قسمين:
الأول: ماء تغير بالملح كالتغير بالأرض السبخة ونحوها، فهذا يجوز التطهر به.
الثاني: ماء الملح، وهو ماء يتحول إلى ملح لجوهر الماء، وليس بسبب الأرض السبخة، وله عيون تسمى عيون الملح، تنبع ماء، ثم يتحول إلى ملح، وهو يجمد في الصيف ويذوب في الشتاء، عكس الماء، فهذا لا يجيزون الطهارة به، لأنهم يرونه جنسًا آخر غير الماء. انظر تبيين الحقائق (1/ 19)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 21)، وبهذا التقسيم قال أبو سهل الصعلوكي من الشافعية، وسيأتي التنبيه عليه في حاشية القول الثاني.
وانظر في مذهب المالكية: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 36، 37)، شرح خليل (1/ 69)، مواهب الجليل (1/ 57).
وانظر وجه الشافعية في روضة الطالبين (1/ 11).
ابن تيمية
(1)
.
وقيل: إن تغير بملح مائي فهو طهور، وإن تغير بمعدني فطاهر غير مطهر، وهذا ما عليه أكثر أصحاب الإمام الشافعي
(2)
.
(1)
لا يفرق ابن تيمية رحمه الله بين ما تغير بالملح، أو تغير بشيء طاهر، فكل ذلك عنده طهور، ما دام يسمى ماء، انظر مجموع الفتاوى (21/ 24)، والفتاوى المصرية (ص: 5). بل إن ابن تيمية رحمه الله لا يثبت القسم الطاهر، ويرى أن الماء قسمان: طهور ونجس.
(2)
قال النووي في روضة الطالبين: «والمتغير بالملح فيه أوجه، أصحها: يسلب الجبلي منه دون المائي
…
».
ويشترط في الجبلي حتى يكون سالبًا للطهورية ألا يكون بممر الماء، فإن كان بممر الماء لم يسلبه الطهورية لمشقة التحرز منه، كما سبق تحريره في مسألة الماء المتغير بما يشق صون الماء عنه.
وقال الماوردي: الماء الذي ينعقد منه ملح إن بدأ في الجمود، وخرج عن حد الجاري، لم تجز الطهارة به.
وإن كان جاريًا فهو ضربان: ضرب يصير ملحًا لجوهر التربية كالسباخ إذا حصل فيها مطر أو غيره صار ملحًا، جازت الطهارة به.
وضرب يصير ملحًا لجوهر الماء كأعين الملح التي ينبع ماؤها مائعًا، ثم يصير ملحًا، فظاهر مذهب الشافعي وما عليه جمهور أصحابه: جواز الطهارة به؛ لأن اسم الماء يتناوله في الحال، وإن تغير في وقت آخر، كما يجمد الماء فيصير ثلجًا.
وقال أبو سهل الصعلوكي: لا يجوز؛ لأنه جنس آخر كالنفط، ونقل القاضي حسين وصاحباه المتولي والبغوي وجهين في الماء الذي ينعقد منه ملح، وعبارة البغوي: ماء الملاحة، والصواب الجواز مطلقًا مادام جاريًا، والله أعلم. اهـ انظر أسنى المطالب (1/ 8)، وانظر المجموع (1/ 151)، الحاوي الكبير (1/ 40).