الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس إذا تغير الماء بشيء طاهر
الفرع الأول الماء المتغير بطاهر يمكن التحرز منه
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
هذه المسألة فرع من مسائل كثيرة سبق ذكر بعضها وهو تغير الماء ببعض الطاهرات، وسبق أن ذكرنا ضوابط هذه المسألة، ونعيد ذكر بعضها.
• حكم الماء المتغير حكم مغيِّره، فإن كان بنجس تنجس إجماعًا، وإن كان بطاهر، فإن كان موافقًا للماء في الطهارة والتطهير كالتراب لم يسلبه واحدة منها، وإن كان مخالفًا للماء في الطهارة والتطهير كالتغير بالنجاسة سلبه الوصفين معًا، وإن كان موافقًا للماء في الطهارة دون التطهير كالتغير بالطاهرات لم يسلبه الطهارة لموافقته لها، وهل يسلبه الطهورية بمطلق التغير، أولا حتى يغلب على أجزائه؟
• الأصل المجمع عليه أن الماء طاهر مطهر، خرج الماء المتغير بالنجاسة بالإجماع وبقي ما عداه.
• التغير بالطاهر لو كان مفسدًا للماء لم يكن هناك فرق بين التغير بما يشق صون الماء وبين غيره من التغيرات على الصحيح؛ لأن الحكم متعلق بالتغير لا بسببه؛ لكونه من أحكام الوضع، كالتغير بالنجاسة، لا فرق فيها بين ما يشق وما لا يشق.
• اختصاص الماء بالطهورية، هل هو تعبد لا يعقل معناه، أو لاختصاصه بنوع من الرقة واللطافة والنفوذ؟
سبق أن بحثنا ثلاث مسائل في تغير الماء الطهور بشيء طاهر.
الأولى: تغير الماء بطاهر يشق الاحتراز منه.
الثانية: تغير الماء بطاهر لا يمازج الماء.
الثالثة: تغير الماء بطاهر أصله منعقد من الماء كالتغير بالملح المائي.
وهذه هي المسألة الرابعة: وهو تغير الماء بطاهر ممازج للماء يمكن التحرز منه، ولم يكن ملحًا.
[م-11] فاختلف الفقهاء في هذه المسألة:
فقيل: الماء طاهر غير مطهر، صالح للأكل والشرب، ولا يرفع به حدث، ولا يزال به نجاسة، وهذا مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة
(1)
.
وقيل: طهور يرفع الحدث، ويزيل النجاسة، وهو مذهب الحنفية، واختاره ابن حزم، ورجحه ابن تيمية
(2)
.
(1)
انظر في مذهب المالكية: المقدمات الممهدات (1/ 86)، بداية المجتهد (2/ 271)، الفواكه الدواني (1/ 124)، حاشية الدسوقي (1/ 37، 38).
وانظر في مذهب الشافعية: مغني المحتاج (1/ 18)، والمجموع (1/ 150)، وكفاية الأخيار (1/ 23)، الحاوي الكبير (1/ 46).
وفي مذهب الحنابلة انظر: الانتصار (1/ 122)، منتهى الإرادات (1/ 17)، كشاف القناع (1/ 30)، الفروع (1/ 79) المبدع (1/ 41) الإنصاف (1/ 32).
وقال أحمد كما في مسائل عبد الله (1/ 22): «كل شيء يتحول عن اسم الماء لا يعجنبي أن يتوضأ به» . اهـ
(2)
شرح فتح القدير (1/ 71)، البناية في شرح الهداية (1/ 304)، واشترط الحنفية أن يكون باقيًا على رقته أما إذا غلب عليه غيره وصار به ثخينًا فلا يجوز، والغلبة عندهم على الصحيح من حيث الأجزاء، لا من حيث اللون، وهو اختيار أبي يوسف خلافًا لمحمد. ولذلك قال قاضي خان: لا يتوضأ بماء الورد والزعفران، ولا بماء الصابون والحرض إذا ذهبت رقته، وصار ثخينًا، فإن بقيت رقته ولطافته جاز التوضوء به. وانظر تبيين الحقائق (1/ 1/19)، العناية شرح الهداية (1/ 71)، وانظر قول ابن حزم في المحلى مسألة (147)، وانظر قول ابن تيمية (21/ 24)، الفتاوى المصرية (ص: 50)، الاختيارات (ص: 3).