الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى ابن نافع عن مالك أنه لا وضوء عليه مطلقًا كالجمهور
(1)
.
وأما مذهب المالكية في الشك في الماء، فيعمل بالأصل، وهو الطهارة كمذهب الجمهور
(2)
.
•
دليل الجمهور على البناء على اليقين:
الأصل العظيم، أن اليقين لا يزول بالشك، فمن تيقن الطهارة وشك بالحدث، أو تيقن النجاسة وشك في الطهارة، بنى على اليقين، وهذا الأصل له أدلة شرعية صحيحة، أشهرها:
ما رواه البخاري من طريق الزهري، عن عباد بن تميم،
عن عمه، قال: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يجد في الصلاة شيئا أيقطع الصلاة؟ قال: لا حتى يسمع صوتا أو يجد ريحًا
(3)
.
•
دليل المالكية على وجوب النضح إذا شك في طهارة الثوب:
(70)
ما رواه مالك في الموطأ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب،
أنه اعتمر مع عمر بن الخطاب في ركب فيهم عمرو بن العاص، وأن عمر بن
(1)
فتح الباري (1/ 238).
(2)
قال الباجي في المنتقى (1/ 59): «إن وجد مريد الطهارة الماء متغيرًا، ولم يدر من أي شيء تغير، أَمِنْ معنى يمنع التطهر به، أم مِنْ معنى لا يمنع ذلك؟ فإنه ينظر إلى ظاهر أمره، فيقضي عليه به، فإن لم يكن له ظاهر، ولم يدر من أي شيء هو حمل على الطهارة، روى ذلك ابن القاسم في المجموعة» . اهـ
وقال في الفواكه الدواني (1/ 125): «لو تحققنا تغير الماء، وشككنا في المغير له، هل هو من جنس ما يضر أم لا؟ فهو طهور حيث استوى طرفا الشك، وإلا عمل على الظن، بخلاف ما لو تحققنا التغير وعلمنا أن المغير مما يضر التغير به وشككنا في طهارته ونجاسته فلا يكون طهورًا بل هو طاهر فقط» .اهـ
(3)
صحيح البخاري (2056)، ورواه مسلم (361).
الخطاب عرس ببعض الطريق قريبًا من بعض المياه، فاحتلم عمر، وقد كاد أن يصبح فلم يجد مع الركب ماء، فركب حتى جاء الماء، فجعل يغسل ما رأى من ذلك الاحتلام حتى أسفر، فقال له عمرو بن العاص: أصبحت ومعنا ثياب، فدع ثوبك يغسل. فقال عمر بن الخطاب: واعجبًا لك يا عمرو بن العاصِ، لئن كنت تجد ثيابًا أفكل الناس يجد ثيابًا، والله لو فعلتها لكانت سنة، بل أغسل ما رأيت، وأنضح ما لم أر
(1)
.
[إسناده منقطع]
(2)
.
وجه الاستدال:
لا شك أن النضح هنا هو الرش، بدليل قوله:(اغسل ما رأيت وأنضح ما لم أر). فجعل النضح غير الغسل.
قال ابن عبد البر في الاستذكار: ولا خلاف بين العلماء أن النضح في حديث عمر هذا معناه الرش، وهو عند أهل العلم طهارة ما شك فيه، كأنهم جعلوه دفعًا للوسوسة.
ثم قال بعد: فمن استيقن حلول المني في ثوبه غسل موضعه منه إذا اعتقد نجاسته، كغسله سائر النجاسات على ما قد بينا، وإن لم يعرف موضعه غسله كله، فإن شك هل أصاب ثوبه شيء منه أم لا؟ نضحه بالماء على ما وصفنا، وعلى هذا مذهب الفقهاء كما ذكرنا.
قلت: هذا الاستدلال فيه نظر بين؛ لأنه مبني أولًا على نجاسة المني والدليل خلافه، ومبني أيضًا على أن فعل عمر يدل على الوجوب، وإذا كان فعل الرسول صلى الله عليه وسلم المجرد لا يدل على الوجوب فكيف بفعل غيره
(3)
.
(1)
الموطأ (1/ 50).
(2)
سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى انظر ح (77).
(3)
الاستذكار (1/ 115).