الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: حكمه حكم الماء، لا تنجس منه القلتان فما فوق إلا بالتغير، وهو قول في مذهب الحنابلة
(1)
.
وقيل: التفرقة بين المائع المائي كالخل ونحوه وغيره، فالمائع الذي يشبه الماء حكمه حكم الماء، وغير الماء كالزيوت والأدهان فتنجس بملاقاة النجاسة، قل أو كثر، تغير أم لم يتغير، وهو قول في مذهب الحنابلة
(2)
.
وقيل: المائعات إذا وقعت فيها نجاسة لا تنجس إلا إذا تغير طعمها أو لونها أو ريحها بسبب النجاسة، إلا السمن الذائب تقع فيه الفأرة، فإنه يتنجس مطلقًا، سواء ماتت فيه، أو خرجت وهي حية، وهذا اختيار ابن حزم
(3)
.
دليل من قال بنجاسة المائع مطلقًا إذا وقعت فيه نجاسة
.
الدليل الأول:
(87)
ما رواه أحمد، قال: ثنا محمد بن جعفر، ثنا معمر، أخبرنا ابن شهاب، عن ابن المسيب،
عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فأرة وقعت في سمن، فماتت قال: إن
(1)
الإنصاف (1/ 334، 335)، كشاف القناع (1/ 41).
(2)
المغني (1/ 33)، الإنصاف (1/ 67)، المبدع (1/ 56).
(3)
المحلى (1/ 142).
كان جامدًا فخذوها وما حولها ثم كلوا ما بقي، وإن كان مائعًا فلا تأكلوه
(1)
.
[أخطأ فيه معمر سندًا ومتنًا]
(2)
.
(1)
المسند (2/ 232).
(2)
والحديث وأخرجه أحمد (2/ 232) عن محمد بن جعفر كما في حديث الباب.
وأخرجه ابن أبي شيبة (5/ 128) رقم 24393 حدثنا عبد الأعلى.
وأخرجه أحمد (2/ 265) وأبو داود (3842)، وابن الجارود في المنتقى (871)، وابن حبان (1393، 1394)، والبيقهي (9/ 353)، والبغوي (2812)، والخطيب البغدادي (1/ 213)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 37، 38) من طريق عبد الرزاق، وهو في المصنف (278).
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (3/ 380)، والطبراني في الأوسط (2452)، والدارقطني في العلل (7/ 287) من طريق يزيد بن زريع.
وأخرجه أبو يعلى الموصلي (5841)، والبيهقي في السنن (9/ 353) وفي المعرفة (14/ 126)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 38) من طريق عبد الواحد بن زياد.
خمستهم، عن معمر، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة.
واختلف على الزهري فيه:
فرواه معمر بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فخالف في إسناده ومتنه، أما المتن فقد انفرد بقوله:(وإن كان مائعًا فلا تأكلوه).
وأما المخالفة في الإسناد فجعل الحديث من مسند أبي هريرة، وهو من مسند ميمونة، فقد رواه سفيان بن عيينة، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن إسحاق، بل ومعمر بن راشد أيضًا رووه عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة مرفوعًا، وهاك بيان هذه الطرق.
الطريق الأول: سفيان بن عيينة، عن الزهري.
أخرجه البخاري في صحيحه (5538)، وابن المنذر في الأوسط (869)، والطبراني في المعجم الكبير (1043)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 353)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 36) من طريق الحميدي عن سفيان به. وهو في مسنده (312) بلفظ: أن فأرة وقعت في سمن، فماتت، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: ألقوها وما حولها، وكلوه.
قال الحميدي: فقيل لسفيان: فإن معمرًا يحدثه عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة؟
قال سفيان: ما سمعت الزهري يحدثه إلا عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سمعته منه مرارًا.
كما رواه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 128) رقم 24392، ومن طريقه أخرجه ابن أبي عاصم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في الآحاد والمثاني (3099) والطبراني في المعجم الكبير (24/ 15) رقم 25.
وأخرجه أحمد في المسند (6/ 329).
وأبو داود (3841) عن مسدد.
والترمذي (1798) عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وأبي عمار.
والنسائي (4258) عن قتيبة.
والدارمي (738) عن محمد بن يوسف و (2083) عن علي بن عبد الله.
وأبو يعلى في مسنده (7078) عن أبي خيثمة.
وابن الجارود في المنتقى (872) عن ابن المقرئ وسعيد بن بحر القراطيسي جميعهم رووه عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبدالله، عن ابن عباس، عن ميمونة مرفوعًا، لم يذكروا التفصيل: إن كان مائعًا.
وخالفهم إسحاق بن راهوية، فرواه ابن حبان في صحيحه (1389) من طريقه عن سفيان به، وزاد في متنه: وإن كان ذائبًا فلا تقربوه.
ولا شك أن مخالفة إسحاق للحميدي، وأحمد، وابن أبي شيبة، وقتيبة، ومسدد، وأبي خيثمة، ومحمد بن يوسف، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وأبي عمار، وغيرهم تجعل روايته من قبيل الوهم، إذ يبعد أن تكون اللفظة محفوظة من حديث سفيان، ثم يتركها أصحابه.
وقد ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (11/ 378) في ترجمة إسحاق، وقال:«نعم ما علمنا استغربوا من حديث ابن راهوية على سعة علمه سوى حديث واحد، وذكر الحديث، ثم قال: فزاد إسحاق في المتن من دون سائر أصحاب سفيان هذه الكلمة: (وإن كان ذائبًا فلا تقربوه)، قال الذهبي: ولعل الخطأ فيه من بعض المتأخرين، أو من راويه عن إسحاق» .
الطريق الثاني: الأوزاعي، عن الزهري.
أخرجه أحمد في مسنده (6/ 330) ثنا محمد بن مصعب، قال ثنا الأوزاعي به.
الطريق الثالث: عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري به.
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3101) والطبراني في المعجم الكبير (24/ 15) رقم 27 من طريق خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري به. وأحال ابن أبي عاصم على رواية ابن عيينة.
الطريق الرابع: مالك بن أنس، عن الزهري.
اختلف على مالك على خمسة أوجه على النحو التالي:
الوجه الأول: مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة.
أخرجه مالك في الموطأ برواية يحيى بن يحيى (2/ 971). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه البخاري (235)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 379)، والبيهقي في السنن الكبرى (9/ 352) من طريق إسماعيل بن أبي أويس.
وأخرجه البخاري (236) من طريق معن بن عيسى.
وأخرجه البخاري أيضًا (5540) عن عبد العزيز بن عبد الله.
وأخرجه أحمد (6/ 335)، والنسائي في الكبرى (3/ 87) وفي الصغرى (7/ 157) من طريق عبد الرحمن بن مهدي.
وأخرجه الدارمي (2086) عن زيد بن يحيى.
والطبراني في المعجم الكبير (23/ 429) رقم 1042 من طريق سعيد بن داود.
وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد (9/ 37) من طريقي أشهب بن عبد العزيز، وسعيد بن أبي مريم، جميعهم رووه عن مالك، عن ابن شهاب به.
الوجه الثاني: مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله، عن ابن عباس مرفوعًا بدون ذكر ميمونة.
رواه القعنبي كما في الأوسط لابن المنذر (2/ 284)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 379).
وخالد بن مخلد كما في سنن الدارمي (2084).
ومحمد بن الحسن الشيباني كما في موطأ مالك من روايته (ص: 341) رقم 984.
كما ذكر ابن عبد البر في التمهيد (9/ 33) أن التنيسي، وعثمان بن عمر، ومعن بن عيسى، وإسحاق بن سليمان الرازي، وأبا قرة موسى بن طارق، وإسحاق بن محمد الفروي، كل هؤلاء رووه عن مالك، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا ميمونة. ولم أقف على هذه الروايات.
ورواه الدارقطني في العلل (5/ق 180 ب) من طريق يحيى القطان، حدثنا مالك به، فكل هؤلاء رووه من مسند ابن عباس.
وذكر الدارقطني وابن عبد البر في التمهيد (9/ 35) والعقيلي في الضعفاء (3/ 87) أن الأوزاعي رواه عن الزهري من مسند ابن عباس، فتابع فيه مالكًا من هذا الوجه. ولعل ابن عباس تارة يسنده عن ميمونة، وتارة يرسله، وأغلب أحاديث ابن عباس لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم، ومرسل الصحابي حجة.
الوجه الثالث: مالك، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ميمونة، بدون ذكر ابن عباس.
رواه ابن وهب، عن مالك، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ميمونة، بدون ذكر ابن عباس، ذكرها ابن عبد البر في التمهيد (9/ 33) تعليقًا مجزومًا به، كما أخرجه تعليقًا أبو نعيم في الحلية (3/ 379)، وأشار إليها الدارقطني في العلل.
ولم أعلم أحدًا تابع ابن وهب على هذه الرواية، فهي رواية شاذة.
الوجه الرابع: مالك، عن الزهري، عن عبيد الله عن ابن مسعود مرفوعًا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رواه أبو نعيم في الحلية (3/ 379) من طريق عبد الملك بن الماجشون، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن مسعود مرفوعًا.
وقد انفرد ابن الماجشون بجعل رواية مالك من مسند ابن مسعود، ولا أعلم أحدًا تابعه على ذلك، وهي تخالف رواية الثقات من أصحاب مالك.
الوجه الخامس: مالك، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
رواه مالك في الموطأ برواية أبي مصعب عنه (2179).
كل هؤلاء رووه مخالفين لمعمر بن راشد، فلم يذكروا فيه ما ذكره من جعله من مسند أبي هريرة، كما لم يذكروا: وإن كان مائعًا فلا تقربوه، بل إن معمرًا له رواية توافق رواية الجماعة في سنده، وهي أولى أن تكون محفوظة، فقد أخرجه أبو داود (3843) ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 353) عن أحمد بن صالح.
وأخرجه النسائي في الكبرى (4586) وفي الصغرى (7/ 157) عن خشيش بن أصرم.
وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3100) والطبراني في الكبير (1045)، وفي (24/ 15) رقم 26 عن سلمة بن شبيب.
وابن حبان في صحيحه (1391) عن إسحاق بن إبراهيم، أربعتهم عن عبد الرزاق، قال: أخبرني عبد الرحمن بن بوذويه، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة.
كلام العلماء في زيادة معمر إن كان مائعًا فلا تقربوه
القرائن الدالة على خطأ معمر:
أولًا: المخالفة في الإسناد، فأصحاب الزهري مالك وابن عيينة والأوزاعي وغيرهم رووه من مسند ميمونة. قال سفيان بن عيينة كما في صحيح البخاري: قيل لسفيان: فإن معمرًا يحدثه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة؟ قال: ما سمعت الزهري يقول إلا عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن ميمونة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد سمعته منه مرارًا.
ثانيًا: أن ابن عباس لا يفرق بين السمن الجامد والمائع، فقد قال الحافظ في الفتح (9/ 669)، قد أخرج أحمد، عن إسماعيل بن علية، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن ابن عباس، سئل عن فأرة ماتت في سمن؟ قال: تؤخذ الفأرة وما حولها، فقلت: إن أثرها كان في السمن كله، قال: إنما كانت وهي حية، وإنما ماتت حيث وجدت. ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه أحمد من وجه آخر، وقال فيه: عن جَرِّ فيه زيت، وقع فيه جرذ، وفيه: أليس جال في الجَرِّ كله؟ قال: وإنما جال وفيه الروح، ثم استقر حيث مات. اهـ ولم أقف عليه في مسند أحمد، لكن عزاهما ابن تيمية إلى مسائل أحمد رواية ابنه صالح كما في مجموع الفتاوى (21/ 497)، ولم أقف عليه في مسائل صالح المطبوع، والله أعلم. =