الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة أو محرمة
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• الحكم في اشتباه الثياب الطاهرة بالنجسة يرجع إلى الموقف من التحري، فهل يتحرى مطلقًا، أو لا يتحرى مطلقًا، أو يتحرى عند كثرة الثياب النجسة للمشقة
(1)
.
• الطهارة عبادة تؤدى تارة بيقين، وتارة بظاهر، لذا جاز دخول التحري عند الاشتباه.
• إذا تعذر اليقين سقط التكليف به، وقام الظن مقامه قياسًا على الاجتهاد في تحري القبلة.
• يتأكد التحري فيما لا بدل له على غيره مما له بدل.
وقيل:
• إذا أمكن الوصول إلى اليقين لم يعمل بغلبة الظن
(2)
.
• ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
(1)
انظر القواعد والفوائد لابن اللحام (ص: 132)، الوجيز في إيضاح القواعد الفقهية (ص: 386، 395)، المبسوط (10/ 201)، الخرشي (1/ 114).
(2)
والوصول إلى اليقين في اشتباه الثياب الطاهرة بالنجسة أن يصلي بعدد النجس ويزيد صلاة، كما هو مذهب الحنابلة، وقول في مذهب المالكية، وهو قول مرجوح كما سيتبين إن شاء الله تعالى. وانظر الحاوي الكبير (2/ 214).
مر معنا بعض مسائل الاشتباه، وقد يبدو للقارئ أنها بمنزلة واحدة، والحقيقة أن بينها بعض الاختلاف:
فاشتباه الطهور بالنجس اشتباه بشرط الصلاة بالاتفاق، لأن الله لا يقبل صلاة بغير طهور، وإذا تعذر الوصول إلى الطهور بيقين فإن له بدلًا، وهو التيمم.
واشتباه الثياب الطاهرة بالنجسة اشتباه بستر العورة، وفي شرطيته خلاف، وعلى القول بأنه شرط فإن ستر العورة ليس له بدل عند العجز عن تحصيله، فإما أن يصلي بالتحري لعجزه عن الوصول إلى الثوب الطاهر بيقين، ويحصل على ستر عورته، وإما أن يصلي عرايانًا، وهو أقبح من الصلاة بالثوب النجس، لهذا يكون التحري في هذه المسألة آكد منه في مسألة اشتباه الطهور بالنجس، والله أعلم.
[م-35] إذا اشتبهت ثياب طاهرة، بثياب متنجسة، أو محرمة كالحرير، فقد اختلف العلماء في ذلك:
فقيل: يتحرى، وهو مذهب الحنفية
(1)
،
والشافعية
(2)
، واختاره الباجي من
(1)
المبسوط (10/ 200)، العناية شرح الهداية (2/ 275)، البحر الرائق (2/ 267). والحنفية هنا قالوا: يتحرى مطلقًا، حتى ولو كانت الثياب النجسة أكثر من الثياب الطاهرة، أما في مسألة الماء إذا اشتبه طهور بنجس، اشترطوا للتحري أن تكون الغلبة للأواني الطاهرة.
ويجيب السرخسي عن الفرق بين المسألتين، فيقول في المبسوط (10/ 201): والفرق بين مسألة الثياب وبين مسألة الأواني لنا: أن الضرورة لا تتحقق في الأواني؛ لأن التراب طهور له عند العجز عن الماء الطاهر، فلا يضطر إلى استعمال التحري للوضوء عند غلبة النجاسة، لما أمكنه إقامة الفرض بالبدل، وفي مسألة الثياب الضرورة مَسَّت؛ لأنه ليس للستر بدل يتوصل به إلى إقامة الفرض، حتى إنه في مسألة الأواني لما كان تتحقق الضرورة في الشرب عند العطش وعدم الماء الطاهر، يجوز له أن يتحرى للشرب؛ لأنه لما جاز له شرب الماء النجس عند الضرورة فلأن يجوز التحري وإصابة الطاهر مأمول بتحريه أولى.
يوضحه أن في مسألة الأواني لو كانت كلها نجسة لا يؤمر بالتوضئ بها، ولو فعل لا تجوز صلاته، فإذا كانت الغلبة له فكذلك أيضًا. وفي مسألة الثياب وإن كان الكل نجسة يؤمر بالصلاة في بعضها، ويجزيه ذلك، فكذلك إذا كانت الغلبة للنجاسة.
(2)
قال الشافعي في الأم (8/ 111): إن كان معه ثوبان أحدهما طاهر والآخر نجس ولا يعرفه
فإنه يتحرى أحد الثوبين فيصلي فيه ويجزئه. اهـ وانظر المجموع (1/ 151)، مختصر المزني (2/ 18)، المجموع (1/ 234).