الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث في الوضوء بفضل الرجل
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• فضل وضوء الرجل طهور بالإجماع.
• فضل الطهور لا يدخل في الماء المستعمل.
[م-30] ذكرنا في ما سبق الخلاف في الوضوء بفضل المرأة، وعلمنا أن قول الجمهور جواز الوضوء بفضل المرأة.
ومنع الحنابلة
(1)
، وابن حزم
(2)
، الوضوء بفضلها كما سبق.
ولا شك أن من أجاز الوضوء بفضل المرأة يجيز الوضوء بفضل الرجل حيث لا فرق.
وأما الحنابلة وابن حزم
(3)
، الذين منعوا الوضوء بفضل المرأة فقد أجازوا للمرأة
(1)
انظر العزو إلى كتبهم في المسألة السابقة.
(2)
المحلى (1/ 204).
(3)
قال المرداوي في الإنصاف (1/ 51): «مفهوم قوله (امرأة) أن الرجل إذا خلا به لا تؤثر خلوته منعًا، وهو صحيح، وهو المذهب. وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم. ونقله الجماعة عن أحمد. وحكاه القاضي وغيره إجماعًا. وذكر ابن الزاغوني عن الأصحاب وجهًا بمنع النساء من ذلك. قال في الرعاية: وهو بعيد. وأطلقهما ناظم المفردات» . اهـ
وقال ابن حزم في المحلى (1/ 204): أما فضل الرجال فالوضوء به والغسل جائز للرجل والمرأة، إلا أن يصح خبر في نهي المرأة عنه فنقف عنده، ولم نجده صحيحًا. اهـ
الوضوء بفضل الرجل، ففرقوا بين المسألتين، وقد حكي الإجماع على صحة الوضوء بفضل الرجل، نقله جماعة من أهل العلم.
قال ابن عبد البر: لا بأس بفضل وضوء الرجل المسلم يتوضأ منه، وهذا كله في فضل طهور الرجل إجماع من العلماء والحمد لله
(1)
.
وقال النووي رحمه الله: واتفقوا على جواز وضوء الرجل والمرأة بفضل الرجل.
وقال أيضًا: وأما تطهير المرأة بفضل الرجل فجائز بالإجماع أيضًا
(2)
.
ومع نقل الإجماع إلا أن الحديث الوارد قد جمع النهي عن الوضوء بفضل الرجل كما نهى عن الوضوء بفضل المرأة، فإن صح الإجماع فذاك، وإلا فلينظر في الحديث.
(69)
فقد روى الإمام أحمد من طريق داود بن عبد الله الأودي،
عن حميد الحميري، قال: لقيت رجلًا صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين، كما صحبه أبوهريرة أربع سنين قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا كل يوم، وأن يبول في مغتسله، وأن تغتسل المرأة بفضل الرجل، وأن يغتسل الرجل بفضل المرأة وليغترفا جميعًا (1
(3)
.
وهذا حديث رجاله ثقات، وما حكي من الإجماع فينظر في صحة دعواه، فإن صح كان دليلًا لقول الإمام أحمد في تضعيف النهي عن الوضوء بفضل المرأة؛ لأنه لا يمكن أن ينهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، وأن يغتسل الرجل بفضل المرأة، ويسوي الحديث بينهما في النهي، ثم ينقل الإجماع على عدم النهي عن وضوء المرأة بفضل الرجل إلا إذا كان النهي الوارد لا يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
* * *
(1)
التمهيد (1/ 218).
(2)
شرح صحيح مسلم (4/ 2).
(3)
مسند أحمد (4/ 111)، وسبق تخريجه، انظر رقم (65).