الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه النكارة فيه؛ إذا كانت الصلاة لا تقبل من أجل الإسبال، فلماذا يطلب منه إعادة الوضوء، وهو لم يحدث، ما بال الوضوء؟!
ولماذا لم يبلغه بأن يرفع إزاره، فقد يكون الرجل جاهلًا، والبلاغ تعليمه ما أخطأ فيه، لا أن يحيله على أمر قد أحسنه، فلا وجه لإعادته للوضوء حتى تجديد الوضوء قد يقال: لا يشرع في هذه الصورة؛ لأنه ما إن فرغ من وضوئه حتى طلب منه أن يعيده، لا لنقص في الوضوء، ولكن لسبب آخر يعود إلى الإسبال في الصلاة، وتجديد الوضوء ليس بلازم!.
الدليل الثاني:
الماء المغصوب كسبه محرم بالاتفاق.
(10)
فقد روى البخاري من طريق أيوب، عن محمد، عن ابن أبي بكرة،
عن أبي بكرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: فإن دماءكم وأموالكم، قال محمد: وأحسبه قال: وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب
(1)
.
فإذا كان كسبه محرمًا وصححنا الوضوء به نكون بذلك قد رتبنا على الفعل المحرم أثرًا صحيحًا، وهذا فيه مضادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
(11)
وقد روى مسلم، من طريق سعد بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد، قال:
أخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد
(2)
.
(1)
البخاري (105)، ومسلم (1679).
(2)
صحيح مسلم (1718).
ومعنى رد: أي مردود عليه، والوضوء بالماء المغصوب خلاف أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حزم رحمه الله: «من توضأ بماء مغصوب، أو أخذ بغير حق، أو اغتسل به، أو من إناء كذلك، فلا خلاف بين أحد من أهل الإسلام أن استعماله ذلك الماء وذلك الإناء في غسله ووضوئه حرام، وبضرورة يدري كل ذي حس سليم أن الحرام المنهي عنه هو غير الواجب المفترض عمله، فإذ لا شك في هذا فلم يتوضأ الوضوء الذي أمره الله تعالى به، والذي لا تجزئ الصلاة إلا به، بل هو وضوء محرم، هو فيه عاص لله تعالى، وكذلك الغسل، والصلاة بغير الوضوء الذي أمر الله تعالى به وبغير الغسل الذي أمر الله تعالى به لا تجزئ، وهذا أمر لا إشكال فيه. ونسأل المخالفين لنا عمن عليه كفارة إطعام مساكين، فأطعمهم مال غيره، أو من عليه صيام أيام، فصام أيام الفطر والنحر والتشريق، ومن عليه عتق رقبة فأعتق أمة غيره، أيجزيه ذلك مما افترض الله تعالى عليه؟ فمن قولهم: لا. فيقال لهم: فمن أين منعتم هذا وأجزتم الوضوء والغسل بماء مغصوب وإناء مغصوب؟ وكل هؤلاء مفترض عليه عمل موصوف في مال نفسه، محرم عليه ذلك من مال غيره بإقراركم سواء بسواء. وهذا لا سبيل لهم إلى الانفكاك منه، وليس هذا قياسًا، بل هو حكم واحد داخل تحت تحريم الأموال، وتحت العمل بخلاف أمر الله تعالى وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد، وكل هؤلاء عمل عملًا ليس عليه أمر الله تعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مردود بحكم النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
• ويجاب عن كلام ابن حزم:
أن التحريم والصحة غير متلازمين، فتلقي الجلب منهي عنه، وإذا تُلُقِيَ كان البيع صحيحًا، وللبائع الخيار إذا أتى السوق، فثبوت الخيار فرع عن صحة البيع؛
(1)
المحلى (1/ 207، 208).