الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس الماء المستعمل في غمس يد القائم من النوم
مدخل في ذكر الضوابط الفقهية:
• اليقين لا يزول بالشك.
• الأصل في الماء واليد الطهارة.
• هل النهي يقتضي الفساد؟
• سلب الطهورية من الماء بغمس يد النائم خطاب وضعي، والنهي عن غمس اليد خطاب تكليفي ولا ارتباط بينهما
(1)
.
ويبنى عليه: لا فرق بين يد الصبي والبالغ، ويد الكافر والمسلم.
• سلب الطهورية عن الماء لا يكون إلا بتغير صفات الماء أو أكثرها.
• الأحكام إنما تناط بالحقائق الظاهرة، لا بالأشياء الخفية على الصحيح.
• ما قيد غسله من الطاهرات بعدد فإن علته تعبدية غير معقولة المعنى.
وقيل:
• النجاسة المتحققة يكفي فيها غسلة واحدة تذهب بعين النجاسة، فالمتوهمة من باب أولى.
[م-22] اختلف العلماء في الماء إذا غمس فيه يد قائم من نوم الليل،
(1)
انظر شرح مختصر الروضة للطوفي (2/ 428)، قواطع الأدلة (1/ 135، 136).
فقيل: الماء طهور، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، ورواية عن أحمد، ومذهب الظاهرية
(1)
.
قال ابن تيمية: وهو قول أكثر الفقهاء
(2)
، ورجحه ابن القيم
(3)
.
وقيل: ينجس إن كان الماء قليلًا، وهو مذهب الحسن البصري، وإسحاق بن راهوية، ومحمد بن جرير الطبري، وهو رواية عن أحمد
(4)
.
وقيل: الماء طاهر غير مطهر، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، وهو من المفرادت
(5)
.
(1)
انظر في مذهب الحنفية: أحكام القرآن - الجصاص (2/ 496، 497)، بدائع الصنائع (1/ 20)، العناية شرح الهداية (1/ 20)، شرح فتح القدير (1/ 20)، البحر الرائق (1/ 18)، حاشية ابن عابدي (1/ 110).
وفي مذهب المالكية، انظر: المنتقى (1/ 47)، الخرشي (1/ 132) وانظر بداية المجتهد (1/ 105)، وقال ابن عبد البر في التمهيد (18/ 252):«إن أدخل أحد يده بعد قيامه من نومه في وضوئه قبل أن يغسلها، ويده نظيفة لا نجاسة فيها، فليس عليه شيء ولا يضر ذلك وضوءه» . اهـ
وانظر في مذهب الشافعية: الأم (1/ 39)، المجموع (1/ 214، 389، 390)، طرح التثريب (2/ 45)، شرح البهجة (1/ 105)، تحفة المحتاج (1/ 226)، نهاية المحتاج (1/ 185، 186)، حاشية البجيرمي (1/ 160، 161).
وانظر رواية أحمد في مطالب أولى النهى (1/ 92)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/ 217، 425)، الفروع (1/ 79).
وانظر مذهب الظاهرية: المحلى (1/ 155، 156، 294)، وقال ابن عبد البر في التمهيد (1/ 253، 254): «وتحصيل مذهب داود وأكثر أصحابه أن فاعل ذلك عاص إذا كان بالنهي عالمًا، والماء طاهر، والوضوء به جائز ما لم تظهر فيه نجاسة» . اهـ
(2)
مجموع الفتاوى (21/ 44).
(3)
تهذيب السنن (1/ 69).
(4)
انظر شرح النووي لصحيح مسلم (3/ 231) في الكلام على حديث رقم 278، والمجموع (1/ 390، 391).
وفي الإنصاف (1/ 38) ذكر أنها من المفردات، واختارها من أصحاب الإمام أحمد الخلال.
(5)
انظر مسائل أحمد رواية أبي داود (ص: 9)، والفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/ 217، 425)، الفروع (1/ 79)، الإنصاف (1/ 38)، شرح منتهى الإرادات (1/ 19)، كشاف القناع (1/ 33، 34). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومذهب الحنابلة لا يكون طاهرًا إلا بشروط، منها:
الأول: أن يكون الماء قليلًا، وحد القليل عندهم: أن يكون دون القلتين، لقوله صلى الله عليه وسلم: لايغمس يده في الإناء، وإناء الوضوء إناء صغير.
الثاني: أن يغمس كامل يده، لحديث أبي هريرة في الصحيحين، وفيه:(فلا يغمس يده)، واليد عند الإطلاق تشمل جميع الكف، لقوله تعالى:(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)[المائدة: 38] وفي التيمم المسح خاص بالكف، لقوله تعالى:(فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم)[المائدة: 6] وأما إذا كان الأمر زائدًا على الكف فلا بد من التقييد، كما في آية الوضوء، قال تعالى:(وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ? )[المائدة: 6].
وأما إذا غمس بعض يده فلا يؤثر في الماء، وهو المشهور من المذهب عند المتأخرين، انظر كشاف القناع (1/ 33)، المبدع (1/ 46).
وقيل: يؤثر، ولو غمس بعض اليد، انظر الفروع (1/ 79)، والإنصاف (1/ 40)، ولا يؤثر غمس عضو آخر غير اليد؛ لأن الحديث نص على اليد.
الثالث: أن يكون قائمًا من نوم الليل. ولي فيها وقفة خاصة، نظرًا لكثرة أدلتها.
الرابع: أن يكون النوم ناقضًا للوضوء، وهو عندهم كل نوم إلا نومًا يسيرًا من قاعد أو قائم.
الخامس: لا بد أن تكون اليد يد مكلف بحيث لو كان الغامس صغيرًا أو مجنونًا أو كافرًا لم يؤثر ذلك في الماء.
في مذهب الإمام أحمد وجهان في الصغير والمجنون والكافر إذا غمسوا أيديهم في الماء:
أحدهما: أنهم كالمسلم البالغ العاقل لا يدرون أين باتت أيديهم.
والثاني: أنه لا تأثير لغمس الصبى والمجنون والكافر. قال صاحب الإنصاف: (1/ 41) وهو الصحيح، وإليه مال المصنف في المغني، واختاره المجد في شرح الهداية، وصححة ابن تميم، قال في مجمع البحرين: لا يؤثر غمسهم في أصح الوجهين.
واستدلوا:
أولًا: أن المنع من الغمس إنما ثبت من الخطاب: يعنى: قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا استيقظ أحدكم
…
) الحديث، ولا خطاب في حق هؤلاء.
وثانيًا: إن وجوب الغسل أمر تعبدي، ولا تعبد في حق هؤلاء.
وثالثًا: الغسل المزيل لحكم المنع من شرطه النية، والمجنون والصبي والكافر ليسوا من أهلها.
ولكن هذا القول من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله عجيب! كيف إذا غمس الصبي الذي لا يحسن الطهارة، والكافر الذي لا يستنزه من البول، والمجنون الذي لا يعقل إذا غمسوا أيديهم في الماء لا يتأثر الماء، وتصح الطهارة منه، وإذا غمس المسلم العاقل البالغ الذي يحسن الطهارة أصبح الماء غير صالح للطهارة منه.=