الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أن الوضوء بالماء الآجن الذي قد طال مكثه في الموضع من غير نجاسة حلت فيه جائزة إلا شيئًا يروى عن ابن سيرين
(1)
.
وقال ابن تيمية: أما ما تغير بمكثه ومقره فهو باق على طهوريته باتفاق العلماء
(2)
.
- (13) وأما ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا ابن عون،
عن ابن سيرين أنه كان يكره الوضوء بالماء الآجن
(3)
.
[وسنده صحيح]
(4)
.
فلعل المقصود أن نفسه تكرهه؛ لأنه منتن الرائحة، لا أنها كراهة شرعية، والله أعلم.
الدليل الثاني:
أن تغيره جاء من غير مخالطة، فلم يخالطه شيء لا طاهر ولا نجس، والماء طهور في نفسه حتى تخالطه الأخباث العارضة، وهذا ما لم يحصل في الماء الآجن.
وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه توضأ بماء آجن، فهذا الحديث يذكره الفقهاء كصاحب المبدع، والروض، ولا يذكرون من خرجه، ولم أجده في كتب السنة من السنن والمسانيد والمعاجم، وقد ذكر ابن قاسم النجدي في حاشيته بأنه رواه البيهقي، وبالرجوع إلى البيهقي لم أجده بهذا اللفظ، وإليك ألفاظه:
(14)
فقد روى البيهقي، من طريق عمرو بن خالد، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الأسود،
(1)
الأوسط (1/ 259).
(2)
الفتاوى الكبرى (1/ 6)، وحكاه ابن تيمية في مجموع الفتاوى (21/ 36)، وحكى الإجماع ابن مفلح في المبدع (1/ 36).
(3)
المصنف (1/ 46) رقم 458.
(4)
ورواه أبو عبيد في كتاب الطهور (ص: 310).
عن عروة في قصة أحد وما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، قال: وسعى علي بن أبي طالب إلى المهراس، فأتى بماء في مجنة، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب منه، فوجد له ريحًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ماء آجن، فمضمض منه، وغسلت فاطمة عن أبيها الدم
(1)
.
[ضعيف]
(2)
.
(15)
وروى البيهقي أيضًا، من طريق أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني من لا أتهم،
عن عبيد الله بن كعب بن مالك، قال: فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فم الشعب، خرج علي بن أبي طالب حتى ملأ درقته من المهراس، ثم جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشرب منه، فوجد له ريحًا، فعافه، فلم يشرب منه، وغسل عن وجهه الدم، وصب على رأسه، وهو يقول: اشتد غضب الله على من دمى وجه نبيه صلى الله عليه وسلم
(3)
.
[إسناده ضعيف]
(4)
.
(1)
سنن البيهقي (1/ 269).
(2)
وهذا فيه علتان:
الأولى: أنه مرسل.
والثانية: فيه ابن لهيعة، وهو ضعيف وسيأتي إن شاء الله بيان أن ابن لهيعة ضعيف مطلقًا قبل احتراق كتبه وبعدها.
(3)
سنن البيهقي (1/ 269).
(4)
وهذا فيه علتان أيضًا:
الأولى: كونه مرسلًا.
الثانية: فيه رجل مبهم، ومع ذلك اختلف فيه على يونس بن بكير:
فرواه البيهقي عن الحاكم، عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني من لا أتهم، عن عبيد الله بن كعب بن مالك مرسلًا كما في سنن البيهقي.
لكن الحديث في مستدرك الحاكم (3/ 22) بالإسناد نفسه، وعنه البيهقي أيضًا (6/ 369)، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده الزبير، فوصله، لكنه اقتصر في لفظه على ذكر فضيلة طلحة، ولم يذكر قصة الماء المتغير. وربما كان هذا التخليط من أحمد بن عبد الجبار، فهو رجل ضعيف.
وعلى كل حال فهذا الإسناد الموصول هو المعروف.
فقد رواه أبو سعيد الأشج كما في سنن الترمذي (1692)، ومسند البزار في مسنده (972)، عن يونس بن بكير، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن جده، عن الزبير ابن العوام به، بذكر فضيلة طلحة، ولم يذكر قصة الماء المتغير.
كما رواه وهب بن جرير واختلف عليه: فرواه ابن حبان في صحيحه (6979) من طريق إسحاق بن إبراهيم أخبرنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عبدالله بن الزبير، عن أبيه، فوصله، وساق قصة الماء المتغير.
ورواه ابن أبي عاصم في السنة (1398)، قال: حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا وهب بن جرير به، بدون ذكر قصة علي بن أبي طالب والماء المتغير.
لذا لا تجد أحدًا ذكر قصة الماء المتغير إلا وقد اختلف عليه في ذكرها، وهي مذكورة في سيرة ابن إسحاق (ص: 331).
وقد رواه أحمد (1/ 165) وأبو يعلى في مسنده (670) من طريق إبراهيم بن سعد.
ورواه ابن شيبة في المصنف تحقيق عوامة (32823)، وابن أبي عاصم في السنة (1397) والشاشي في مسنده (31)، والحاكم في المستدرك (3/ 370) من طريق ابن المبارك، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن جده عبد الله بن الزبير، عن الزبير بذكر فضيلة طلحة، ولم يذكر قصة علي، ولا الماء المتغير، وهذا هو المعروف.
(16)
وقال ابن المنذر: احتج إسحاق بحديث روي عن الزبير بن العوام،
قال إسحاق: أنا وهب بن جرير، ثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعدين في أحد، قال: ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فأتى المهراس، فأتى بماء في درقته، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب منه، فوجد له ريحًا، فعافه، فغسل به الدماء التي في وجهه، وهو يقول: اشتد