الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخيرًا فإن (القنطار) - وهو وجمعه ما ورد في القرآن من التركيب - هو معيار من العين اختلفوا في تحديده بين أربعين، وألف ومائتي (40 - 1200) أوقية من ذهب وبغير ذلك على أكثر من عشرة أقوال، منها أنه جملة كثيرة مجهولة من المال، وأنه قدر مِلء مَسْك ثور ذهبًا. وهذان أولى الأقوال لأنهما على سنة نشوء الأعداد في عدم تحديد دلالتها بادئ ذي بدء. ثم إن الأخير أولاهما إذ كانت المُسوك أوعيتَهم (ومنها البَدْرة - بالفتح: كيس من جلد السخلة فيه ألف أو عشرة آلاف دينار) وكان لا بد من مِقْياس أو مِكْيال فإذا أرادوا أوسع ما يقدّرون به العَين فلا يكون إلا وعاءً جلديًا كبيرًا كمَسْك الثور ويكون انطباق الأصل عليه أنه كمية ضخمة تتخطى المقادير المعروفة عندهم.
وهكذا تتأتى عروبة اللفظة بوجود كثير من المعاني والاستعمالات العربية لها، وبعدم شذوذ مبناها. لكن ذكر السيوطي في المتوكلي أنها معرّبة وعلق عبد الرحيم عليها في [معرب الجواليقي 516] بأنها سريانية فن أصل يوناني أصله لاتيني. وأقول إن وجودها في السريانية يعني - على الأقل - قِدَمها في البيئة العربية. والأكّادية - وهي الصورة القُدْمى لعربيتنا؛ وفيها كثير من مفردات عربيتنا وخصائصها - ترجع إلى الألف الرابع قبل الميلاد (1). وهنا يتاح افتراض أن اليونانية اقتبست منها كل ما ينسب إليها من عربية القرآن الكريم.
•
(قنع):
{فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]
(1) ينظر المعجم الأكدي - المجمع العلمي العراقي 1/ 11.
"المِقْنَع والمِقْنَعَة - بالكسر: ثوب تغطي به المرأة رأسَها ومحاسنها. والقناع ككتاب: أوسعُ منه. ورجل مُقَنَّع كمُعَظَّم: عليه بَيْضَة ومِغْفر. والقنع - بالكسر: خَفْضٌ من الأرض له حواجب يَحْتَقِنُ فيه الماء ويُعْشِب. والقِنْع - بالكسر وككتاب: الطَبَق من عُسُب النخل يُجْعل فيه الفاكهة والطعام. والقُنعة - بالضم: الكُوّة في الحائط. ويقال قَنَع الإداوة (منع): خَنَثَ رأسها - أي كسره إلى خارج فشرب منه [ق]: وأقنعتُ الإناء في النهر: استقبلتَ به جِرْيَتَه ليَمْتَلئ. والرجل يُقْنِع الإناء للماء الذي يسيل من شِعْب. وأقنع حَلقَه وفَمَه: رَفَعه لاستيفاء ما يَشرَبه من ماء أو لَبَن أو غيرهما. وفَمٌ مُقْنَع - كمكرم: أسنانه معطوفه إلى داخل ".
° المعنى المحوري
الاشتمال أو الاحتواء من أعلى بلطف أو رقة: كما يُغطّى القِناعُ الرأسَ يشتمل عليها، وكما يستوعب القِنْعُ الماءَ المنحدر إليه، والقِنعُ الذي من العُسُب ما يُجْنَى فيه من فاكهة. وكذلك استقبال الماء من أعلى من القِرْبة والنهر وغيرها، وكما تتجه الأسنان وهي في أعلى إلى الداخل كأنما ضغطت إلى الداخل تهيئة للاستقبال. والكُوّة في أعلى الجدار يُسْتَقْبَل منها الشمسُ والهواء، ويُنْظَر منها وهي أيضًا تشتمل كل الناظر وتحجبه.
ومنه: "قَنَع (كمنع): سأل مُسْتَعطيًا (فهذا استمداد من أعلى) {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}. و "قَنِعَتْ الإبل والغنم (كسمع): مالت لمأواها ورجعت له ". (فاحتواها منحدرة إليه). ومن ذلك أيضًا "قنع كسمع قناعة: رَضِيَ (سكن كأنما دخله ما ملأه رضا بالشيء) والجامع بين هذا والسائل أن الصيغة المكسورة العين (الوسط) تعبر عن مطاوعة كالمفعولية فكأن المعنى استَعْطَى فأُعْطِى فَرَضِيَ.