الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الذي عُبّر عنه بالضرب)، وكما يُصْنَع القَدَح الذي يُشْرَب فيه بحَكّ سطح الخشب أو الحجر أي النحت منه برفق حتى يتجوف سطحه ويصلح ليوضع فيه الشراب (وربما الطعام). وقد صُرّح بالحك في الاستعمالات المعروضة، كما صُرّح به في بيان سر تسميتهم الذباب أَقْدح "وكل ذباب أَقْدَح، ولا تراه إلا وكأنه يقدح بيديه كما قال عنترة:
هَزِجًا يحك ذراعه بذراعه
…
قَدْحَ المكبَّ على الزناد الأجذم
والذي جاء في القرآن الكريم من التركيب هو قوله تعالى {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} الإيراء: إخراج النار. (أي خيلُ المجاهدين) تقدح بحوافرها الحجارة فيتطاير منها النار لصَكّ بعض الحجارة بعضًا. [بحر 8/ 500 - 501].
ومن ذلك الأصل أُخذ كثير من الاستعمالات المادية والمعنوية فمن الأولى "قدَح في القِدْح: إذا خرق في السهم بسِنْخ النصل، وقدح ختام الخابية قدْحًا: فضّه، وقدح ما في أسفل ال
قِدْر:
إذا غرفه بجهد. والمقدحة: المغرفة. والقادح: الصدْع في العود، وأُكال يقع في الشجر. ومن المعنوي "قدح في عرض أخيه: عابه، واقتدح الأمرَ: دبّره ونظر فيه ".
• (قدر):
{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 109]
"القِدْر - بالكسر: معروفة. والأَقْدَر من الخيل: الذي إذا سَار وَقَعَتْ رجلاه مواقعَ يديه، ومن الرجال: القَصيرُ العنق. قدِرَ - كتعب: قَصُرَت عنقه. وكغُلَام: الرَبْعَة من الناس ".
° المعنى المحوري
ضَبْطُ الشيء القابل للتسيب أو الانبساط وحَكْمه وامتساكه على وضع أو كمًّ أو مسافة معينة فلا يتسيب ولا يسترسل. كما تَضُمُّ القِدْرُ اللحم وغيره في جوفها لا يتسيب، وكثيرًا ما كانوا يُنْضِجون اللحم على النار مباشرة شيًّا أو فَأْدا أو حَنْذًا إلخ {وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ: 13]، وكما تَقَع الرِجْلُ مَوقعَ الرجل لا تبعد في الواسع حولها، وكله مواقع. وكامتساك العنق في الكاهل لا ينطلق ويطول. وكذلك الربعة متماسك لا ينبسط ولا يسترسل. {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: 17]: بقدْر ملئها [قر 9/ 305].
ومن ملحظ الضبط والحَكْم دلت على القَيْس ونحوه، وعلى التدبير، وعلى التضييق كما دلت على القُدْرة. "فقَدْرُ كل شيء: قِياسه ومَبْلغه. قَدَر الشيءَ بالشيء (نصر) وقدّره - ض: قاسه. وتَقَدّرَ الثوبُ عليه جاء على مقداره، واقْتَدَرَ الشيءَ بالشيء: قاسه به ". {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91، الزمر: 67، وما في الحج: 74] أصله معرفة القَدْر أي العِظَم. ونَفْى معرفة قدْر الله عنهم سببه هنا أنهم نسبوا إليه، أنه يترك أمر عباده سُدًى لا يبين لهم الرشد بإرسال الرسل وإنزال الكتب [ينظر قر 7/ 37، بحر 4/ 181].
وكذلك "قَدَرت لأمرِ كذا: نظرتُ فيه ودَبّرته وقايسته. وقَدَرْت عليه الثوب فانقدر أي جاء على المقدار ". {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [السجدة: 5، وكذا ما في الرعد: 8، المعارج: 4، الطلاق: 3] ومن هنا "القَدَر - بالفتح وبالتحريك: قضاءُ الله تعالى الأشياء على مبالغها ونهاياتها التي أراد لها ". {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] وكذا معنى كل (قَدَر)، {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: 10]، {وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [المزمل: 20]، {قَوَارِيرَ مِنْ
فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} [الإنسان: 16] على قَدْر رِيّهم أو أَكُفهم أو ارادتهم [قر 19/ 141] وكل (قَدَّر) إما لبيان القَدْر المادّيّ، وإما بمعنى التهيئة للقدْر أو إحكامه والقضاء به ماديًّا أو معنويًّا حسب السياق. ومرجعه (عند البشر) إلى المقايسة). {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2] أحدث كل شيء إحداثًا مراعًى فيه التقدير والتسوية فقدّره وهيأه لما يصلح له، أو أوجده غير متفاوت [كشاف 3/ 256] {عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: 12] (أي قضاه الله تعالى).
ومن هذا استعمل التركيب في معنى التضييق من كون الشيء على قَدْر الشيء دون زيادة. والقرآن الكريم كثيرًا ما يعبرّ عن التوسعة بنفي الحساب {بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212]. ومن هنا يعدّ الحساب تضييقا، لأنه تحديد {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ: 11] (الحلقات الضيّقة تمنع نفاذ السهم إلى البدن، وهذا فيه إحكام صنع أيضًا)، {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر: 16] (ضَيَّقه)، {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [الأنبياء: 87]: لن نضيق عليه (بأن نُلزمه بمزيد من الصبر على قومه) أو هو من القَدَر: القضاء والحكم أي لن نحكم عليه بعقوبة [قر 11/ 331]. والأول هو الصواب، لأن الثاني يعني أنه كان يعلم أنه مخطيء في تصرفه.
ومن إمساك الشيء وضبطه لا يتسيب عبّر التركيب عن القُدْرة: الطاقة. "قَدَر على الشيء (تعب وضرب ونصر قاصر) واقتدر عليه: قَوِىَ عليه "{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45]. وما لم نذكره من مفردات التركيب القرآنية هو من القدرة بمعنى الطاقة.
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]: التقدير لأن الله تعالى يقدّر فيها ما يشاء من أمره في الموت والرزق والأجل وغيرها إلى سَنَة [قر 20/ 130]. أما