الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأوهم، وقيل إنها بمعنى الواو، وبمعنى بل. [ينظر بحر 7/ 360 {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ: 24] هي للإبهام وله هنا غرضان: عدم صدم الخصم باتهامه بالضلال مباشرة- وهذا ما عبر عنه باللطف في الدعوة، ثم دفع الخصم للتفكير والموازنة [ينظر بحر 7/ 267] وينظر [ل] أيضًا في كل ما ذكر عن أو- تركيب [أوا].
•
(أبي، إِي):
{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} [يونس: 1] جاء في [ل رنب] "قال خطام المجاشعي:
لم يَبْقَ من آي بها يُحَلَّيْن
…
غيرُ خِطام ورَمادٍ كِنفين
…
وغيرُ وَدٍّ جاذل أو وَدَّيْن
وصاليات ككما يُؤَثْفين) اهـ.
وقال آخر {لم يُبقِ هذا الدهرُ من آيائه
…
غيرَ أثافيه وأرمدائه}
"آيةُ الرجل: شخصُه. خرج القوم بآيتهم. بجماعهم لم يَدَعوا شيئًا ".
° المعنى المحوري
بقاء الشيء في مكانه شاخصًا (أي مجسمًا) علامةً لشيء. كالآي التي ذكرها خطام المجاشعي في شعره (الخِطام، والرَماد، والوَتِد، والأَثافي)، وفي البيت الآخر أطلق الآيات على الأثافي أيضًا والرماد. وكشخص الرجل. وقول الشاعر:
توهمت آياتٍ لها فعرفتها
…
لستة أعوان، وذا العامُ سابعُ
فهذه كلها أشياء مادية شاخصة باقية في المكان دالة عل ما كان فيه. وقولهم "خرج القوم بآيتهم أي جماعتهم لم يَدَعوا شيئًا، معناه أنهم حملوا ما شأنه أو
المعتاد أن يكون قائمًا. وفي العبارة معنى الكثرة والجسامة أيضًا. ومن هذه الجسامة المادية {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128] عَلَمًا أو قصورًا طوالًا .. [بحر 31/ 7] وربما كان معها مقصد من الدلالة كبيان العظمة أو القدرة.
ومن معنى البقاء قالوا "التأيَى: التنظُّر والتُؤّدة / التوقف والتمكث. تأيَّيتُ عليه: تثبتُّ وتمكثثُ، دار تَئِية - كغنِيّة: تلبُّث وتحبُّس ". ثم قالوا "موضعٌ مَأبيُّ الكلأ أي وخيمُه "ووخامة المطعم تتمثل في عدم هضمه وجريانه في مجاريه إلى نهايته، فهذا بقاء، وهو يلزمه الثقل والإحساس بالجسامة.
ومن ملحظ البقاء والشخوص (القيام) والجسامة كذلك "إِيَا النَبْتِ وأَياؤه: حُسْنُه وزَهره على التشبيه ولا تشبيه. ومن الإصابة "تَأَيَّيته: تعمدتُ آيته آي شخصه وقَصَدتُه ".
ومن الجسامة الآية من القرآن الكريم "لجماعة من حروف القرآن "أي كلماته {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] وهذا الاستعمال كثير في القرآن. ويجزم به وجود التلاوة في السياق، أو السمع، أو الدرس، أو الإحكام، أو العلم، أو النسخ، أو التبديل، أو القَصّ، أو إضافة لفظ آية أو آيات إلى الكتاب أو القرآن، فالآية جملة كلمات كما قالوا، وهي من الجسامة في المعنى المحوري مع ما فيها ووراءها من دلالات أيضًا.
ومن كون الشيء المجسم الشاخص علامة على شيء كان كما سبق: كثُر في القرآن الكريم لفظ (آية) بمعنى (أ) علامة إعجازية {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} [الأعراف: 73] أي علامة على صدق النبي عليه السلام (سيدنا صالح هنا) وأنه مرسل من عند الله. (ب) علامة لأمر من عند الله وإن لم يكن من باب المعجزات {قَال رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَال آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلا رَمْزًا} [آل
عمران: 41]. (ج) علامة دالة على وجود الخالق وصُنعه في هذا الكون من مثل {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ} [فصلت: 53]. والمناسب للاستقبال في {سَنُرِيهِمْ} هو ما كشفه العلم (في الآفاق) عن غلاف الأرض والمجموعة الشمسية والمجرات إلخ. و {وَفِي أَنْفُسِهِمْ} عن أسرار بدن الإنسان وأسرار الأرض والنبات إلخ. [وينظر بحر 7/ 483] عما قاله بعض المفسرين القدماء.
ومن البقاء علامةً ودلالةً "الآية: العبرة "[ل] فإنما العبرة أمر وقع ومضى لكن بقي ما يُتَّعَظ به منه ويتخذ مثلًا- وهي من: "العبور: المجاوزة "أي من زمن إلى زمن ومن حدث وموقف إلى حدث وموقف آخر ثم مع ذلك من الشخوص كما سُمِّي المَثَل من المثول لانتصابه مَضرِبا. {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف: 7]. وقد فسرت الآيات هنا أيضًا بالعلامات والدلائل [بحر 5/ 282] فـ (الآية) و (الآيات) لا يخرج معناها عما ذكرنا. والسياق يميز.
ومن التشخص والتجسم (أيّ) التي ينادَي بها ما فيه (ال) كقولك (يا أيها الرجل ويا أيتها المرأة). فالنداء موجه لشخص المنادَى أو المخاطَب {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21]{يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: 27].
وكذلك الأمر في (أيّ) في استعمالاتها الأخرى وهي تعود إلى كونها اسم موصول. واسم الموصول يعبر (في الأصل) عن شيء (شخص / جسم) تُعيّنُ المقصودَ به صلتُه- كقوله تعالى {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} [مريم: 69] أي الذي هو أشد. ومنه أيّ الشرطية {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]. وهي والموصولية من باب واحد بدليل دخول الفاء في قولهم
"الذي يأتي (السوق) فله درهم "فالموصول شبيه بالشرط، والفاء داخلة على شبه جواب الشرط [مغني اللبيب تحـ المبارك وحمد الله 1/ 219] وتستعمل (أيّ) للاستفهام {فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} [التوبة: 124 {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [المرسلات: 50]. ولاستعمالها في الاستفهام رافدان (أ) كونها في الأصل تعبر عن شيءٍ عام، أعني غيرَ معين بالذات (أي أَثَر من آثار الرَبع الباقية كما أسلفنا)(ب) أنها تعبر في الأصل أيضًا عن كثرةٍ (أخذا من التجسم). وعدم التعيين والكثرة يتطلبان تحديدًا وتعيينًا، ومن هنا استعملت في الاستفهام المطلوب به التعيين.
وتستعمل أيّ معبرة عن الكمال مثل "زيد رجل أيّ رجل "والكمال يؤخذ من الجسامة في المعنى المحوري.
أما (إي) بالكسر فهي حرف جواب بمعنى نعم، وهو إثبات يؤخذ من بقاء الشيء في مكانه في المعنى المحوري. وتختص بالمجيء مع القسم إيجابا لما سبقه من الاستعلام [تاج {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: 53].
* * *
اللهم ألق القبول الحسن على ما في هذا الكتاب من حق، وارزقه الذيوع، ويسر التفهم، وانفعني وذريتي والمسلمن وأهل الدراسات العربية بما فيه في الدنيا والآخرة. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان اللهم آمين. والحمد لله رب العالمين.
تم الكتاب بعون الله تعالى
والحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات