الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكثير. وكثرة الماء في الشرب صورة من الخلوص القوي لأنه ماء فحسب، أي غير مخلوط بشيء.
ومن خلوص الشيء بلا شوب أُخِذَ النُصح: نقيض الغِشّ؛ فهو صفاء من ناحية: {مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ} [يوسف: 11] وكذا ما في القصص: 12]، واللفظ بصيغة الفاعية هذه في سورة يوسف طمأنة وراءها ما يعرفه إخوة يوسف عن ضميرهم عن باب "يكاد المريب .. "، وفي غيرها من الأنبياء وغيرهم طمأنة للموجَّه إليه. {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 91] {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8] فكلها بمعنى خلوص القلب والنية من الشوب في هذه السياقات، ولو ادعاء كما في آية سورة يوسف. وهو من ناحية أخرى عمل بمقتضى هذا الصفاء وهو بذل الرأي والتوجيه بما فيه خير المنصوح. {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} [الأعراف: 79 و 93] {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هود: 34] إرشادي. وسائر ما في القرآن من التركيب هو بهذا المعنى بشقيه أو أحدهما.
•
(نصر):
{أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286]
"النواصر: مجاري الماء (مَسايِلُه) إلى الأوْدية. والناصر يجيء من مكان بعيد -مِيلٍ أو نحوه- ثم تَمُجُّ النواصر في التلاع (مجامع المياه). والنُصرة - بالضم: المَطرَة التَامَّة. نَصَر الغيثُ الأرضَ: غاثها وسقاها وأنبتها. ونُصِرَت البلاد - للمفعول - فهي منصورة: مُطِرَت فهي ممطورة. والنصر: العطاء. ونَصَره: أعطاه. والمستنصر: السائل ".
° المعنى المحوري
الإمداد بما فيه زيادةٌ مناسبةٌ وقوة: كما تمد النواصر الأوديةَ والتلاعَ بالماء، وكما يمد الغيثُ الأرضَ، والعطاء.
ومن ملحظ الإمداد بالزِّيادة والقوة جاءت (النُصْرة - بالضم: حُسْنُ المعونة / إعانة المظلوم "وهذا -أعني المعونة- هو أَشْيَعُ معاني النصر. وليس الغلب من معاني التركيب الأصلية، وإنما يتأتى باللزوم للمعونة، وبمساعدة الاستعلاء في (عَلى). تأمل الجمع بينهما في {وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (116)} [الصافات: 116]، {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِه} [آل عمران: 160]. وتأمل كذلك {وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [الحشر: 12]{إلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَينِ} [التوبة: 40]، فلم تكن هنا حرب وغلب، وإنما هي الهجرة والمعونة عليها. وكذلك أيضًا مقابلتها بالخِذْلان في آية آل عمران. {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ} [الأنفال: 72]، أي استعانوكم.
ومن مجيئها بمعنى المعونة التي يترتب عليها الغلب: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيهِمْ} [التوبة: 14]. وسائر ما في القرآن من التركيب ومنه (نصر)، (ناصر)، (نصير) فهو بمعنى المعونة حالًا أو مآلًا.
ومن الإمداد المذكور استُعمل النصر بمعنى الإنقاذ أو الخلوص من العذاب -وهو سلامة وبقاء قوة، فهو من جنس المعونة التي هي تقوية، وذلك بمعونة التعدية بـ (من) -كما في قوله تعالى:{وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ} [هود: 30 وكذا ما في 63 منها، وما في المؤمنون 65، الزمر: 54]. وكل (يُنصَرون) وإن كان بعضها يحتمل معنى المعونة.