الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بحر 7/ 333] وقرأ الجمهور (ملكوت) وطلحة والأعمش (مَلَكة) على وزن شجرة. ومعناه ضبط كل شيء والقدرة عليه. وقرئ (مملكة)، (مِلك) والمعنى أنه متصرف فيه على ما أراد وقضى اهـ. وهذا المعنى الأخير يتأتى لزوميًّا إن لم يكن أصليًّا.
°
معنى الفصل المعجمي (مل):
امتداد الشيء مع حوز في الأثناء -كما يتمثل ذلك في "الطريق المليل: اللحْب المسلوك "بين ما حوله من الأرض- في (ملل). وكالملأ: المتسع من الأرض، وكذا الإملاء للبعير في القيد: إرخائه والتوسيع له فيه في (ملو)، وكالمال وهو سعة وبسط مع كونه محوزًا- في (مول)، وكميل الحائط وهو من الامتداد، كما أن الاستقامة أقصر (الخط المستقيم أقصر)، وكالميلاء من الرمل: العقْدة الضخمة المعتزلة "- في (ميل)، وكالمُلاءة الإزار الذي يلتف حول الجذع، ومنه يعلم أن الامتلاء التفاف وإحاطة لا تكون إلا بطول- في (ملأ)، وكالأَمِيل من حبال الرمل وطوله مسيرة يوم أو يومين- في (أمل)، وكالملح ذاك الحاذق، والسمن وامتدادهما انتشار وجودهما في الأطعمة والأبدان- في (ملح)، وكالملَقة: ما استوى من الأرض مع كون أثنائها شديدة أي مكتنزة، والامتداد لازم للاستواء- في (ملق). وكالمِلْك وهو وجود دائم أي امتداد زمني، وكذلك القوائم وامتدادها مادي- في (ملك).
الميم والنون وما يثلثهما
•
(منن):
{هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيرِ حِسَابٍ} [ص: 39]
[في [ل كرب] "والكَرَب -بالتحريك: الحبل الذي يشدُّ على الدلو بعدَ المنين- وهو
الحَبْل الأول، فإذا انقطع المنينُ بقى الكَرَب "اهـ. وعلى ذلك فما جاء في [ل منن] "حَبْلٌ منين إذا انقطع وخلق "غير دقيق وإنما هي تسمية بما كان، وكذا قولهم "حبل منين ضعيف "إنما هو ضَعْفٌ نسبي. والمنين الحبل المذكور لا بد أن يكون قويًّا، إذ إنه يحمل الدلو المملوءة ماء- لكنها قوة محدودة، حيث لا يُكتَفَى به، ولا يُعتَمد عليه اعتمادًا كليًّا لأنه لا يُؤْمَن أن ينقطع.
ويشهد لهذا كله قول الراجز:
باريّها إن سَلِمَت يميني .. وسَلِم الساقي الذي يليني .. ولم تَخُنِّي عُقَدُ المَنين
فنلحظ أن المنين هو ما يُشَدّ به الدلو، وأنه يخشى أن يخُونه أي ينقطع. وانظر كذلك لقول أبي محمد الأسدي:
إذا قَرَنْتُ أربعًا بأربع
…
إلى اثنتين في مَنِينٍ شرجع
قال: "أي أربعَ آذان بأربع وَذَمات (= سيور بين آذان الدلو والعراقي تُشدّ بها) والاثنتان عَرقُوَتا الدلو "فتعليق هذه الدلو بمنين شرجع أي طويل يعني أن المنين حبلٌ ذو قوة]. وقد جاء في [ل]"كل حَبْل نُزح به أو مُتِحَ: منين "فكل هذا يؤيد ما قلت.
* فالمعنى المحوري للتركيب: الاحتواءُ على قوةٍ محدودة أي مشوبةٍ برقّةٍ- أي نقصٍ فيها أو ضَعْفٍ بحيث لا يُكتَفَى بها أو يُعْتَمَد عليها وحدها (1). كشأن
(1)(صوتيًّا): تعبر الميم عن تضام في الظاهر، والنون عن امتداد باطني، والفصل منهما يعبر عن قوة معها لطف أو رقة تمتلئ به أثناء الجرم كالمنين. وفي (منو- منى) تعبر الواو عن اشتمال والياء عن اتصال. ويعبر التركيبان عن تجمع في الجوف (اشتمال) ثم خروج منه شيئًا بعد شيء كالمنى، وفي (أمن) تسبق الهمزة بالضغط، ويعبر التركيب عن وثاقة في الباطن (من امتلائه أو إصماته)، كالناقة الأمون: الوثيقة الخلق (وثاقة البناء الداخلي) وفي (منع) تعبر العين عن التحام على رقة. ويعبر التركيب عن حجز ظاهر الشيء شديدًا ما في باطنه فلا يكون فيه منفذ (كأن الالتحام أكد سدّ فجواته) كالحصن المنيع.
المنين الموصوف. فالقوة هنا منقوصة ليست كاملة. وقد بدأ الجوهري التركيب بقوله: "المُنّة -بالضم: القوة. يقال هو ضعيف المُنة. ومَنّه السير: أضعفه وأعياه. ومَنَنتُ الناقةَ: حَسَرتها. ورجل منين: ضعيف كأن الدهر منه أي ذهب بمُنَّته أي بقوته. والمنين: الحبل الضعيف ". فقوله: "القوة "معناه -كما قلت- القوة المحدودة. أو بقية القوة، أو نقص قوة الشيء أو ضَعْفها عما يُتَطَلّب. ولو قال أيًّا من ذلك لاتسقت معه كل الاستعمالات التي أردف بها قوله هذا "مَنَّه السَيْر: أَضْعَفَه وأعياه "أي أنقص قوته إلخ. وقد قيل إن "أبا كبير غزا مع تأبط شرًّا فمنّن به ثلاث ليال -أي أجهده وأتعبه ""والمَنّ: الفَتْرة. قال: [قد ينشط الفتيان بعد المَنّ] كذلك جاء في [ل]"المُنَّة بالضم: القوة. وخص بعضهم به قوة القلب "اهـ. فالمقصود القوة التي في القلب -أيًّا كان قدرها. فالدقيق "المُنَّة بقية القوة "، وليس معناه كون القلب قويًّا أي كامل القوة. وقد وضح ذلك مما سبق.
ومن هذا الأصل "مَنَّهُ: نَقَصه (فهذا إضعاف وإرقاق لحظِّه) {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيرَ مَمْنُونٍ} [القلم: 3]: غيرَ مَقْطُوع ولا مَنْقُوص معاني الفرّاء 3/ 173، الراغب 474) (والدقيق: غير منقوص- كقوله تعالى: {لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيئًا} [الحجرات: 14]، وكذا كل ممنون. و "المنون: المنيّةُ لأنها تقطع المدد وتنقص العدد " {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيبَ الْمَنُونِ} [الطور: 30]، (وقوع الموت به). وفسرها الفراء بالدهر أيضًا أي أوجاعه [المعاني 3/ 93].
ومن الرقة "المَنّ: العطاء. ومَنَّ عليه: أنعَمَ وأحْسَنَ "- إذ الإنعام والإحسان رقة ورحمة تمتد من المحسن، وترقيق حالٍ لمن وَقَعَ الإحسان إليه. {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: 164]، {لَوْلَا أَنْ مَنَّ
اللَّهُ عَلَينَا لَخَسَفَ بِنَا} [القصص: 82]، {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَينَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27]. فهذا كله منّ رحمة وإنعام. ومن منّ الإعطاء الماديّ {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيرِ حِسَابٍ} [ص: 39]، {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] المَنّ أن يُطلَق الأسيرُ بغير فداء [معاني الفراء 3/ 57]. وكذا كل (مَنَّ) ومضارعها وأمرها ومصدرها- عدا ما يأتي.
أما "المَنّ والامتنان: التقريع بالمِنّة "فهو من ذكر المِنّة. وأرى أن المَنّ هنا اسم مصدر للامتنان. {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264] وكذا ما في 262 منها وما في الحجرات: 17].
وقوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6]، فقد فُسّر بالإعطاء للاستكثار، وبالامتنان بذكر العمل [الفراء 3/ 1 20 والراغب 474] وذكر له [قر 19/ 67] أحد عشر تأويلًا. وأرى أن التفسير الأول هو الدقيق. والنهْيُ تعليم للأمة كلها من خلال رسولها الأكرم صلى الله عليه وسلم كما في {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 4 - 5] السابقتين على الآية المذكورة.
بقى (المَنّ) الذي أنزله الله على بني إسرائيل {وَظَلَّلْنَا عَلَيكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} [البقرة: 57] وهو في الاعراف: 160، طه: 80]، مفاد كلام الزجاج أنه عند المفسرين شيء كان يسقط على الشجر حُلْوٌ يُشْرب، وأن اللغة لا تعرف ذلك [ل 306] وأقول إنه في ضوء حديثه صلى الله عليه وسلم "الكمأة من المن "يجوز أن يفسر المنّ بأنه نوع من الكَمأة وهي تنبت بَعْلِيَّةَ بلا بَذْر ولا سَقْي تحت سطح الأرض (كالبطاطس)، ولم يكن عليهم إلا استخراجها وأكلها. وهذا وضع أقرب إلى المعتاد (ولا ينقص بحال قدرَه من حيث هو نعمة ورزق عاشوا