الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الأنعام: 92] ومن الأصل "المِ
قْرا
ة - بالكسر: القَصْعة (تجمع الطعام وغيره) وقَرَى الضَيْفَ: أضافه (آواه - جَمَعه) والقَرْية أَعْواد فيها فُرَضٌ - يجعل فيها رأس عود البيت، وعود الشراع الذي في عَرْضه من أعلاه " (فهي تمسكه وتُثبته أي تجمعه من أعلاه).
• (قرأ):
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 9]
قال المرقش يصف ناقة بالصلابة وشدة التماسك: (لم تقرأ القَيْظَ جَنينًا)(1)(أي في القيظ) أي لم تحمل في القيظ به فجسمها متماسك قوي. وكذا جاء في بيت لعمرو بن كلثوم [شرح السبع ص 380]: (لم تَقْرأ جنينًا)(2): أي لم تَضُمَّ في رحمها ولدًا قط. وكذا يفسَّر قول حميد بن ثور (لم تقرأ جنينًا ولا دمًا)(3)[ل قرأ] ولا الْتِفات لزعم قطرب واللحياني أن المعنى لم تُسْقطه أي فهي لم تحمل فهذه دَورة أبعد. وابن الأنْباري أعلم وأزكى. وكذا "الحية تُقْرئ سمها شهرا ثم تمجّه "(4) ويؤيد ما اخترنا قولُهم "للحُمَّى قَرْءٌ وللغائب قَرْءٌ وللبعيد قَرْءٌ "- بالفتح فيهن - أي مدة استمرار ثم تنتهي وقولهم: "إذا قَدِمْتَ بلادًا فمكثت بها خَمْسَ عشرة ليلة فقد ذَهَبَت عنك قِرْأة البلاد وقِرْء البلاد - بالكسر "(أي وَباؤُها وثِقَلُها الذي يَحُطّ بنازليها).
(1) المفضليات تح د. نبيل طريفي رقم 49 مجـ 2/ 6.
(2)
شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات تح العلامة ع. هارون 380، ل (قرأ).
(3)
ل (قرأ).
(4)
ينظر: ثلاثة كتب في الأضداد 1/ 6.
° المعنى المحوري
تَجَمُّع الشيء (السائل أو المتحرك) في الباطن أو الحيز إلى أجل يُطرح أو يُخرَج بعده - كالدم والحمل والسُمّ في الجوف إلى أجل والغائب والبعيد كأنهما في باطن مَغِيبِهما ولهما أجل يعودان بعدُ عادة، والحُمى تشمل البدن فكأنها تحوزه ثم تنتهي، والوباء للفترة الأولى من الاستقرار في الحيز.
ومما نظر فيه إلى ذلك قولهم: "أقرأت النجومُ: حان مغيبها (في جوف الأفق والصيغة للحينونة) وأقرأ أمرُك وحاجتُك: دَنَت (بقيت في جوف الغيب وحان أن تخرج) ويؤيد ما رأينا كذلك ما في معنى (قَرَر) من تجمع في الجوف، وقولهم "قَرَيْتُ الماء في الحوض: جمعت "، و "القِرْدُ يَقْرِي - أي يجمع - ما يأكل في فيه ".
ومن هذا القراءة وأصلها: حِفْظ المقروء أو استيعابه في القَلْب. فقد ورد في البخاري [6/ 193 باب تعليم الصبيان القرآن] قال ابن عباس توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قَرَأْت المحكم (يعني المفصّل أي قصار السور) والمقطوع به هنا أن المراد أنه حَفِظَها، وقد جاء في رواية أخرى "جَمَعْت المحكم "فهذا يدل على أن المراد بالقراءة الحفظ وأنها بهذا المعنى تُعَدُّ جمعًا في الذهن أو القلب، وهذا يؤيد الأصل الذي رأيناه. قال تعالى:{سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} والمعنى والله أعلم سَنُحفظك أو سنجمعه في صدرك [وانظر قر 20/ 18] وقوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] يمكن أن تعني جَمْعه أي - حفظه من الضياع، وقرآنه أي إيعاءه صدرك إذ الجمع في الفؤاد ليس من معاني جمع بل من معاني قرأ. وقد فُسِّر بـ "جمعه في صدرك ثم تقرؤه "{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي فاستمع له وأنصت [قر 19/ 106] وهو سائغ أيضًا.
ومن هذا المعنى نفسه يمكن أن تستعمل فى قراءة الكتاب أي بالنظر بالعين إذ معناه أن رموز الكلام التي فيه قد انتقلت هي ومعانيها إلى صدرك حين اطّلعت عليها. وقد تقول قرأت ما في الكتاب إذا نظرته بعينيك واستوعبت ما فيه {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94]. ثم استعمل في التلفظ بما هو محفوظ في القلب وإلقائه كلامًا صوتيًّا. والقرآن سمي كذلك لمعنى التلفظ بالمجموع في القلب. وقد عُلِّلت التسمية أيضًا بأنه جامع لخير تشريعات الدين والحياة {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، وبأنه مجموع {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 22]، وشأنه أن يجمع في الصدور على ما في الحديث الشريف "أناجيلهم في صدورهم "ثم هو يُتْلَى وشأنه أن يُتْلَى أيضًا. ولملحظ التلفظ به صوتيًّا لم يستنكف كفار العرب أن يسموه قرآنًا، كما في قوله تعالى:{قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} [يونس: 15 وكذلك في الفرقان: 32، وسبأ: 31، وفصلت: 26، والزخرف: 31] وكذا سماه الجن {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: 1]. وقد مال [طب 1/ 96] وكذلك [قر 1/ 12] إلى أنه تسمية بالمصدر من القراءة. وهذا يتسق مع الملحظ الأخير الذي ذكرناه. وعلل ابن قتيبة في [الغريب 33 عن أبي عبيدة] وغيرهما التسمية يجمع السور. وأخيرا فإن ما ينسب إلى الإمام الشافعي أنه كان لا يهمز كلمة (قُرْآن) ويقول هي (قُرَان) من (قرن) لا من (قرأ) هذه النسبة خطأ. والشافعي أعرف باللغة من أن يقع في هذا الخطأ، وإنما هذا قول إسماعيل بن قسطنطين الذي قرأ عليه الشافعي [تنظر غاية النهاية ترجمة إسماعيل هذا] والذي جاء في القرآن الكريم من التركيب كلُّه من قراءة الكتاب أو القرآن عدا ما في آية [البقرة: 228] وسنقف
عندها. وقد بينا في (تلو) الفرق بين التلاوة والقراءة. والفعل (قرأ + على) يعني القراءة العلنية للإسماع {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] ويتفق حينئذ مع معنى التلاوة، ودون (عَلَى) لا يستوجب ذلك القيد.
وللمعنى الذي ذكرناه للقراءة (من أن أصلها الجمع في الباطن) ما يؤيده في قولهم: "تَقَرَّأَ الرجل: تَفَقَّه. وقرأتُ تَفَقَّهْتُ "(الفقه استيعاب المعنى في القلب) وكذلك "تَقَرَّأَ: تنسك وهو قارئ: ناسك ". أي من حيث إن القراءة هي سبيل التفقه وموضوعه، والقرآن هو الموجِّه إلى التنسك.
ومن ذلك القروء في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وهي تصدق لغويًّا على الدم المجتمع في الجوف في حال اجتماعه أي حين الطهر، وعلى نفس ذلك الدم وهو نازل أي في أيام الحيض لأنه يجتمع في الرحم قبل ذلك إلى أجل وهذا هو سر الخلاف الواسع في هذه المسألة. وتحدد القرائنُ المقصودَ. ففي مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"دعي الصلاة أيام أقرائك "هي أيام الحيض. ويترجح لدينا أن المراد بها في الآية الأطهار فقد استنتج ذلك الشافعي وغيره في ضوء أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابنَ عمر - لما طلق امرأته في حيضها - "أن يراجعها فإذا طهرت فليطلقها فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء "وضع هذا مع قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: 1] ثم مع آية البحث حيث يُعَدّ طهر التطليقة من العِدَّة. وثانيًا لأن القرء بهذا المعنى أقرب إلى الأصل في ضوء ما ذكرنا في الأصل، وشواهده من كلام العرب قائمة في ما سبق. ويضاف إليها قول الأعشى يمدح باشتغال الممدوح عن النساء بالغَزْو كسبًا للعز والرفعة:(لما ضاع فيها من قروء نسائكا). والاتصال بهن إنما