الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(8) باب لا يغفر للمتشاحنين حتى يصطلحا
[2473]
عَن أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: تُفتَحُ أَبوَابُ الجَنَّةِ يَومَ الِإثنَينِ وَيَومَ الخَمِيسِ، فَيُغفَرُ لِكُلِّ عَبدٍ لَا يُشرِكُ بِاللَّهِ شَيئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَت بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصطَلِحَا! أَنظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصطَلِحَا! أَنظِرُوا هَذَينِ حَتَّى يَصطَلِحَا.
ــ
الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب (1).
الثالثة: أنه لما كانت القلوب هي المصححة للأعمال الظاهرة، وأعمال القلب غيب عنا، فلا يقطع بمغيب أحد؛ لما يرى عليه من صور أعمال الطاعة أو المخالفة، فلعل من يحافظ على الأعمال الظاهرة يعلم الله تعالى من قلبه وصفا مذموما لا تصح معه تلك الأعمال، ولعل من رأينا عليه تفريطا أو معصية يعلم الله من قلبه وصفا محمودا يغفر له بسببه، فالأعمال أمارات ظنية لا أدلة قطعية، ويترتب عليها عدم الغلو في تعظيم من رأينا عليه أفعالا صالحة، وعدم الاحتقار لمسلم رأينا عليه أفعالا سيئة، بل تحتقر وتذم تلك الحالة السيئة، لا تلك الذات المسيئة. فتدبر هذا؛ فإنَّه نظر دقيق.
(8)
ومن باب: لا يغفر للمتشاحنين حتى يصطلحا
المتشاحنان: المتباغضان، من الشحناء، وهي: البغضاء. وقد خص الله تعالى هذين اليومين بفتح أبواب الجنة فيهما، وبمغفرة الله تعالى لعباده،
(1) رواه أحمد (4/ 274)، والبخاري (52)، ومسلم (1599)، وابن ماجه (3984).
وفي رواية: فَيُغفَرُ لِكُلِّ عَبدٍ مُؤمِنٍ، إِلَّا عَبدًا بَينَهُ وَبَينَ أَخِيهِ شَحنَاءُ فَيُقَالُ: اترُكُوا أَو اركُوا هَذَينِ حَتَّى يَفِيئَا.
رواه مسلم (2565)(35 و 36)، وأبو داود (4916)، والترمذيُّ (2024).
* * *
ــ
وبأنهما تعرض فيهما الأعمال على الله تعالى، كما جاء في الحديث الآخر (1). وهذه الذنوب التي تغفر في هذين اليومين هي الصغائر. والله تعالى أعلم. كما تقدم ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر (2)، ومع ذلك فرحمة الله وسعت كل شيء وفضله يعم كل ميت وحي. ومقصود هذا الحديث التحذير من الإصرار على بغض المسلم ومقاطعته، وتحريم استدامة هجرته ومشاحنته، والأمر بمواصلته، ومكارمته.
و(أنظروا) معناه: أخروا، وكذلك:(اركوا)، قال ابن الأعرابي: يقال: ركاه، يركوه: إذا أخره.
وفتح أبواب الجنة في هذين اليومين محمول على ظاهره، ولا ضرورة تحوج إلى تأويله، ويكون فتحها تأهلا، وانتظارا من الخزنة لروح من يموت في ذينك اليومين ممن غفرت ذنوبه، أو يكون فتحها علامة للملائكة على أن الله تعالى غفر في ذينك اليومين للموحدين، والله تعالى أعلم. وهو حجَّة لأهل السنة على قولهم: إن الجنة والنار قد خلقتا ووجدتا، خلافا للمبتدعة؛ الذين قالوا: إنهما لم تخلقا بعد، وستخلقان. وعرض الأعمال المذكورة إنما هو - والله تعالى أعلم -
(1) الحديث في صحيح مسلم برقم (2565)(36).
(2)
رواه أحمد (2/ 484)، ومسلم (233)، والترمذي (214).