الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(50) باب فضائل أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم، أم أنس بن مالك
[2362]
عَن أَنَسٍ قَالَ: انطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أُمِّ أَيمَنَ وَانطَلَقتُ مَعَهُ، فَنَاوَلَتهُ إِنَاءً فِيهِ شَرَابٌ، قَالَ: فَلَا أَدرِي أَصَادَفَتهُ صَائِمًا أَو لَم يُرِدهُ، فَجَعَلَت تَصخَبُ عَلَيهِ وَتَذَمَّرُ عَلَيهِ.
رواه مسلم (2453).
[2363]
وعنه قال: قَالَ أَبُو بَكرٍ بَعدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: انطَلِق بِنَا إِلَى أُمِّ أَيمَنَ نَزُورُهَا، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزُورُهَا، فَلَمَّا انتَهَينَا إِلَيهَا بَكَت، فَقَالَا لَهَا: مَا يُبكِيكِ؟ مَا عِندَ اللَّهِ خَيرٌ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَت: مَا
ــ
(50)
ومن باب: فضائل أم أيمن رضي الله عنها
واسمها: بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان، كنيت بابنها أيمن بن عبيد الحبشي، تزوجت بعد عبيدَ، زيد بن حارثة، فولدت له أسامة بن زيد، كانت لأمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صارت له بالميراث، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: أم أيمن أمي بعد أمي (1)، وكان صلى الله عليه وسلم يُكرِمها ويبرها مَبَرَّة الأم، ويكثر زيارتها، وكان صلى الله عليه وسلم عندها كالولد، ولذلك كانت تصخبُ عليه، أي: ترفع صوتها عليه. وتذمر، أي: تغضب وتضجر، فِعل الوالدة بولدها، وقال الأصمعي: تذمَّر الرجل: إذا تغضب، وتكلم أثناء ذلك، وقال غيره: تذمَّر الرجل: إذا لام نفسه.
وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما لها، دليل على فضلها، ومعرفتهم بحقها، وفيه دليل على زيارة النساء في جماعة.
(1) ذكره ابنُ الأثير فى الاستيعاب (7/ 303).
أَبكِي أَن لَا أَكُونَ أَعلَمُ أَنَّ مَا عِندَ اللَّهِ خَيرٌ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِن أَبكِي أَنَّ الوَحيَ قَد انقَطَعَ مِن السَّمَاءِ، فَهَيَّجَتهُمَا عَلَى البُكَاءِ، فَجَعَلَا يَبكِيَانِ مَعَهَا.
رواه مسلم (2454)، وابن ماجه (1635).
[2364]
وعنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَدخُلُ عَلَى أَحَدٍ مِن النِّسَاءِ إِلَّا عَلَى أَزوَاجِهِ إِلَّا أُمِّ سُلَيمٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَدخُلُ عَلَيهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي أَرحَمُهَا، قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي.
رواه مسلم (2455).
ــ
و(قول أم أيمن رضي الله عنها: أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء) أن مفتوحة، لأنَّها معمولة لأبكي بإسقاط حرف الجر، تقديره: أبكي لأن، أو: من أجل أن، تعني: أن الوحي لما انقطع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل الناس بآرائهم، فاختلفت مذاهبهم، فوقع التنازع والفتن، وعظمت المصائب والمحن، ولذلك نجم بعده صلى الله عليه وسلم النفاق، وفشا الارتداد والشقاق، ولولا أن الله تعالى تدارك الدِّين بثاني اثنين لما بقي منه أثر ولا عين.
و(قول أنس رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل على النساء [إلا على أزواجه إلا أم سليم) إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل على النساء] (1)، عملًا بما شرع من المنع من الخلوة بهنَّ، وليُقتدَى به في ذلك، ومخافة أن يقذف الشيطان في قلب أحد من المسلمين شرًّا فيهلك، كما قال في حديث صفية المتقدِّم، ولئلا يجد المنافقون، وأهل الزيغ مقالًا، وإنما خصَّ أم سليم بالدُّخول عندها، لأنها كانت منه ذات محرمٍ بالرَّضاع كما تقدَّم، وليجبر قلبها من فجعتها بأخيها، إذ كان
(1) ما بين حاصرتين سقط من (ع).
[2365]
وعنه، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: دَخَلتُ الجَنَّةَ فَسَمِعتُ خَشفَةً
ــ
قد قُتِل معه في بعض حروبه، وأظنه يوم أحد (1)، ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم من فضلها، كما دلَّ عليه رؤية النبي صلى الله عليه وسلم إياها في الجنة.
وأم سليم هذه هي: ابنةُ ملحان بن زيد بن حرام من بني النجار، وهي: أمُّ أنس بن مالك بن النَّضر، كانت أسلمت مع قومها، فغضب مالك لذلك، فخرج إلى الشام فهلك هنالك كافرًا، وقيل: قتل، ثم خطبها بعده أبو طلحة، وهو على شِركه، فأَبَت حتى يُسلِم، وقالت: لا أريد منه صداقًا إلا الإسلام، فأسلم وتزوَّجها، وحسن إسلامه. فولدت له غلامًا كان قد أعجب به فمات صغيرًا، ويقال: إنه أبو عمير صاحب النُّغير، وكان أبو طلحة غائبًا حين مات، فغطته أم سليم، فجاء أبو طلحة، فسأل عنه، فكتمت موته، ثم إنها تصنَّعت له فأصاب منها، ثم أعلمته بموته، فشق ذلك عليه، ثم إنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فدعا لهما النبي صلى الله عليه وسلم: وقال: بارك الله لكما في غابر ليلتكما (2)، كما ذكر في الأصل، فبورك لهما بسبب تلك الدَّعوة، وولدت له: عبد الله بن أبي طلحة، وهو والد إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الفقيه، وإخوته كانوا عشرة كلهم حمل عنه العلم، وإسحاق هو شيخ مالك، واختلف في اسم أم سليم. فقيل: سهلة. وقيل: رملة. وقيل: مليكة. وهي الغميصاء المذكورة في الحديث، ويقال: الرُّميصاء، وقيل: إن بالراء هي: أم حرام أختها، وخالة أنس.
والغميصاء: مأخوذ من الغمص، وهو ما سال من قذى العين عند البكاء والمرض، يقال بالصاد والسين، والرمص - بالراء -: ما تجمَّد منه، قاله يعقوب وغيره.
وكانت أم سليم من عقلاء النساء وفضلائهن، شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا وحنينًا، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، خرج لها في الصحيحين أربعة أحاديث.
و(قوله: دخلتُ الجنة فسمعت خشفة) هي بفتح الخاء وسكون الشين
(1) الصحيح: أنه شهد بدرًا واحدًا، وقُتِل يوم بئر معونة. (أسد الغابة 1/ 473).
(2)
انظره في التلخيص برقم (2473).