المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(10) باب في ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - جـ ٦

[أبو العباس القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌(32) كتاب الرؤيا

- ‌(1) باب الرؤيا الصادقة من الله والحلم من الشيطان وما يفعل عند رؤية ما يكره

- ‌(2) باب أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا

- ‌(3) باب الرؤيا الصالحة جزء من أجزاء النبوة

- ‌(4) باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(5) باب لا يخبر بتلعب الشيطان به

- ‌(6) باب استدعاء العابر ما يعبر، وتعبير من لم يسأل

- ‌(7) باب فيما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في نومه

- ‌(33) كتاب النبوات وفضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌(1) باب كونه مختارا من خيار الناس في الدنيا وسيدهم يوم القيامة

- ‌(2) باب من شواهد نبوته صلى الله عليه وسلم وبركته

- ‌(3) باب في عصمة الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ممن أراد قتله

- ‌(4) باب ذكر بعض كرامات رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال هجرته وفي غيرها

- ‌(5) باب مثل ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم

- ‌(6) باب مثل النبي صلى الله عليه وسلم مع الأنبياء

- ‌(7) باب إذا رحم الله أمة قبض نبيها قبلها

- ‌(8) باب ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من الحوض المورود ومن أنه أعطي مفاتيح خزائن الأرض

- ‌(9) باب في عظم حوض النبي صلى الله عليه وسلم ومقداره وكبره وآنيته

- ‌(10) باب شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وإمداده بالملائكة

- ‌(11) باب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأحسن الناس خلقا

- ‌(12) باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا وقال: لا. وفي كثرة عطائه

- ‌(13) باب في رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم للصبيان والعيال والرقيق

- ‌(14) باب في شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم وكيفية ضحكه

- ‌(15) باب بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الإثم، وقيامه لمحارم الله عز وجل، وصيانته عما كانت عليه الجاهلية من صغره

- ‌(16) باب طيب رائحة النبي صلى الله عليه وسلم وعرقه ولين مسه

- ‌(17) باب في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفيته

- ‌(18) باب في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخضابه

- ‌(19) باب في حسن أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(20) باب في خاتم النبوة

- ‌(21) باب كم كان سن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض؟وكم أقام بمكة

- ‌(22) باب عدد أسماء النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(23) باب كان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بالله وأشدهم له خشية

- ‌(24) باب وجوب الإذعان لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى عنه

- ‌(25) باب ترك الإكثار من مساءلة رسول الله صلى الله عليه وسلم توقيرا له واحتراما

- ‌(26) باب عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخطأ فيما يبلغه عن الله تعالى

- ‌(27) باب كيف كان يأتيه الوحي

- ‌(28) باب في ذكر عيسى ابن مريم عليهما السلام

- ‌(29) باب في ذكر إبراهيم عليه السلام

- ‌(30) باب

- ‌(31) باب قصة موسى مع الخضر عليه السلام

- ‌(32) باب في وفاة موسى عليه السلام

- ‌(33) باب في ذكر يونس ويوسف وزكريا عليهم السلام

- ‌(34) باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء

- ‌(35) باب فضائل أبي بكر الصديق واستخلافه رضي الله عنه

- ‌(36) باب فضائل عمر بن الخطاب

- ‌(37) باب فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌(38) باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌(39) باب فضائل سعد بن أبي وقاص

- ‌(40) باب فضائل طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم

- ‌(41) باب فضائل الحسن والحسين

- ‌(42) باب فضائل أهل البيت رضي الله عنهم

- ‌(43) باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد

- ‌(44) باب فضائل عبد الله بن جعفر

- ‌(45) باب فضائل خديجة بنت خويلد

- ‌(46) باب فضائل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون

- ‌(47) باب ذكر حديث أم زرع

- ‌(48) باب فضائل فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(49) باب فضائل أم سلمة وزينب زوجي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(50) باب فضائل أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليم، أم أنس بن مالك

- ‌(51) باب فضائل أبي طلحة الأنصار

- ‌(52) باب فضائل بلال بن رباح

- ‌(53) باب فضائل عبد الله بن مسعود

- ‌(54) باب فضائل أبي بن كعب

- ‌(55) باب فضائل سعد بن معاذ

- ‌(56) باب فضائل أبي دجانة سماك بن خرشة، وعبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌(57) باب فضائل جليبيب

- ‌(58) باب فضائل أبي ذر الغفاري

- ‌(59) باب فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(60) باب فضائل عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر

- ‌(61) باب فضائل أنس بن مالك

- ‌(62) باب فضائل عبد الله بن سلام

- ‌(63) باب فضائل حسان بن ثابت

- ‌(64) باب فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(65) باب قصة حاطب بن أبي بلتعة وفضل أهل بدر وأصحاب الشجرة

- ‌(66) باب في فضائل أبي موسى الأشعري والأشعريين

- ‌(67) باب فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌(68) باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأصحاب السفينة

- ‌(69) باب فضائل سلمان وصهيب رضي الله عنهما

- ‌(70) باب فضائل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(71) باب خير دور الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(72) باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لغفار وأسلم

- ‌(73) باب فضل مزينة وجهينة وأشجع وبني عبد الله

- ‌(74) باب ما ذكر في طيئ ودوس

- ‌(75) باب ما ذكر في بني تميم

- ‌(76) باب خيار الناس

- ‌(77) باب ما ورد في نساء قريش

- ‌(78) باب في المؤاخاة التي كانت بين المهاجرين والأنصار

- ‌(79) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا أمنة لأصحابي وأصحابي أمنة لأمتي

- ‌(80) باب خير القرون قرن الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم

- ‌(81) باب وجوب احترام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن سبهم

- ‌(82) باب ما ذكر في فضل أويس القرني رضي الله عنه

- ‌(83) باب ما ذكر في مصر وأهلها وفي عمان

- ‌(84) باب في ثقيف كذاب ومبير

- ‌(85) باب ما ذكر في فارس

- ‌(86) باب

- ‌(34) كتاب البر والصلة

- ‌(1) باب في بر الوالدين وما للأم من البر

- ‌(2) باب ما يتقى من دعاء الأم

- ‌(3) باب المبالغة في بر الوالدين عند الكبر وبر أهل ودهما

- ‌(4) باب في البر والإثم

- ‌(5) باب في وجوب صلة الرحم وثوابها

- ‌(6) باب النهي عن التحاسد والتدابر والتباغض وإلى كم تجوز الهجرة

- ‌(7) باب النهي عن التجسس والتنافس والظن السيئ وما يحرم على المسلم من المسلم

- ‌(8) باب لا يغفر للمتشاحنين حتى يصطلحا

- ‌(9) باب التحاب والتزاور في الله عز وجل

- ‌(10) باب في ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا

- ‌(11) باب الترغيب في عيادة المرضى وفعل الخير

- ‌(12) باب تحريم الظلم والتحذير منه وأخذ الظالم

- ‌(13) باب الأخذ على يد الظالم ونصر المظلوم

- ‌(14) باب من استطال حقوق الناس اقتص من حسناته يوم القيامة

- ‌(15) باب النهي عن دعوى الجاهلية

- ‌(16) باب مثل المؤمنين

- ‌(17) باب تحريم السباب والغيبة ومن تجوز غيبته

- ‌(18) باب الترغيب في العفو والستر على المسلم

- ‌(19) باب الحث على الرفق ومن حرمه حرم الخير

- ‌(20) باب لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانا والتغليظ على من لعن بهيمة

- ‌(21) باب لم يبعث النبي صلى الله عليه وسلم لعانا وإنما بعث رحمة، وما جاء من أن دعاءه على المسلم أو سبه له طهور وزكاة ورحمة

- ‌(22) باب ما ذكر في ذي الوجهين وفي النميمة

- ‌(23) باب الأمر بالصدق والتحذير عن الكذب وما يباح منه

- ‌(24) باب ما يقال عند الغضب ومدح من يملك نفسه عنده

- ‌(25) باب النهي عن ضرب الوجه وفي وعيد الذين يعذبون الناس

- ‌(26) باب النهي أن يشير الرجل بالسلاح على أخيه والأمر بإمساك السلاح بنصولها

- ‌(27) باب ثواب من نحى الأذى عن طريق المسلمين

- ‌(28) باب عذبت امرأة في هرة

- ‌(29) باب في عذاب المتكبر والمتألي على الله، وإثم من قال: هلك الناس، ومدح المتواضع الخامل

- ‌(30) باب الوصية بالجار وتعاهده بالإحسان

- ‌(31) بَابُ فضل السعي على الأَرمَلَةِ وكفالة اليَتِيمِ

- ‌(32) باب التحذير من الرياء والسمعة ومن كثرة الكلام ومن الإجهار

- ‌(33) بَابُ تغليظ عُقُوبَةِ مَن أمر بِمَعرُوف وَلم يَأته وَنهَى عَن المُنكَرِ وأتاه

- ‌(34) بَابُ في تَشمِيتِ العَاطِسِ إذا حمد الله تعالى

- ‌(35) باب في التثاؤب وكظمه

- ‌(36) باب كراهية المدح وفي حثو التراب في وجوه المداحين

- ‌(37) باب ما جاء أن أمر المسلم كله له خير ولا يلدغ من جحر مرتين

- ‌(38) باب اشفعوا تؤجروا ومثل الجليس الصالح والسيئ

- ‌(39) باب ثواب من ابتلي بشيء من البنات وأحسن إليهن

- ‌(40) باب من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم

- ‌(41) باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده والأرواح أجناد

- ‌(42) باب المرء مع من أحب وفي الثناء على الرجل الصالح

- ‌(35) كتاب القدر

- ‌(1) باب في كيفية خلق ابن آدم

- ‌(2) باب السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه

- ‌(3) باب كل ميسر لما خلق له

- ‌(4) باب في قوله تعالى: {وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا}

- ‌(5) باب الأعمال بالخواتيم

- ‌(6) باب محاجة آدم موسى عليهما السلام

- ‌(7) باب كتب الله المقادير قبل الخلق وكل شيء بقدر

- ‌(8) باب تصريف الله تعالى القلوب وكتب على ابن آدم حظه من الزنا

- ‌(9) باب كل مولود يولد على الفطرة وما جاء في أولاد المشركين وغيرهم، وفي الغلام الذي قتله الخضر

- ‌(10) باب الآجال محدودة والأرزاق مقسومة

- ‌(11) باب الأمر بالتقوى والحرص على ما ينفع وترك التفاخر

- ‌(36) كتاب العلم

- ‌(1) باب فضل من تعلم وتفقه في القرآن

- ‌(2) باب كراهة الخصومة في الدين والغلو في التأويل والتحذير من اتباع الأهواء

- ‌(3) باب كيفية التفقه في كتاب الله والتحذير من اتباع ما تشابه منه وعن المماراة فيه

- ‌(4) باب إثم من طلب العلم لغير الله

- ‌(5) باب طرح العالم المسألة على أصحابه ليختبرهم والتخول بالموعظة والعلم خوف الملل

- ‌(6) باب النهي عن أن يكتب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء غير القرآن ونسخ ذلك

- ‌(7) باب في رفع العلم وظهور الجهل

- ‌(8) باب في كيفية رفع العلم

- ‌(9) باب ثواب من دعا إلى الهدى أو سن سنة حسنة

- ‌(10) باب تقليل الحديث حال الرواية وتبيانه

- ‌(11) باب تعليم الجاهل

الفصل: ‌(10) باب في ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا

(10) باب في ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا

[2476]

عَن عَبدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسِستُهُ بِيَدِي، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعكًا شَدِيدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَجَل، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنكُم، قَالَ: فَقُلتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجرَينِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَجَل، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا مِن مُسلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِن مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا.

ــ

(10)

ومن باب: ثواب المرضى وذوي الآفات إذا صبروا

الوعك: تمريغ الحمى، وهو ساكن العين. يقال: وعكته الحمى، تعكه، وعكا، فهو موعوك، وأوعكت الكلاب الصيد، فهو موعك: إذا مرغته في التراب. والوعكة: السقطة الشديدة في الجري. والوعكة أيضًا: معركة الأبطال في الحروب. و (أجل) بمعنى: نعم.

ومضاعفة المرض على النبي صلى الله عليه وسلم ليضاعف له الأجر (في الآخرة)(1) وهو كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه (2). وفي الحديث الآخر: نحن معاشر الأنبياء يشتد علينا البلاء، ويعظم لنا الأجر (3). (4)

و(الوصب): المرض. يقال

(1) زيادة من (ع).

(2)

رواه الترمذي (2398)، وابن ماجه (4023) عن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه.

(3)

رواه أحمد (3/ 94)، وابن ماجه (4024) بنحوه.

(4)

ما بين حاصرتين ساقط من (ع).

ص: 544

وفي رواية: قال: نعم، والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يصيبه

وذكره.

رواه أحمد (1/ 381)، والبخاري (5647)، ومسلم (2571).

[2477]

وعن عَائِشَةُ قالت: مَا رَأَيتُ رَجُلًا أَشَدَّ عَلَيهِ الوَجَعُ مِن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

رواه أحمد (6/ 172)، والبخاريُّ (5646)، ومسلم (2570)(44)، والترمذيُّ (2397)، وابن ماجه (1622).

[2478]

وعَن الأَسوَدِ قَالَ: دَخَلَ شَبابٌ مِن قُرَيشٍ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ بِمِنًى وَهُم يَضحَكُونَ فَقَالَت: مَا يُضحِكُكُم؟ قَالُوا: فُلَانٌ خَرَّ عَلَى طُنُبِ فُسطَاطٍ فَكَادَت عُنُقُهُ - أَو عَينُهُ - أَن تَذهَبَ، فَقَالَت: لَا تَضحَكُوا فَإِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِن مُسلِمٍ يُشَاكُ شَوكَةً فَمَا فَوقَهَا إِلَّا كُتِبَت لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَمُحِيَت بِهَا عَنهُ خَطِيئَةٌ.

رواه أحمد (6/ 279)، والبخاري (5640)، ومسلم (2572)(46)، والترمذي (965).

ــ

منه: وصب الرجل، يوصب، فهو وصيب، وأوصبه الله، فهو موصب. و (النصب): التعب والمشقة. يقال منه: نصب الرجل - بالكسر - ينصب - بالفتح - وأنصبه غيره: إذا أتعبه، فهو منصب، وهم ناصب) أي: ذو نصب. و (السقم): المرض الشديد. يقال منه: سقم، يسقم، فهو سقيم. و (الهم): الحزن، والجميع: الهموم، وأهمني الأمر: إذا أقلقني وحزنني، والمهم: الأمر الشديد، وهمني المرض: أذابني.

قلت: هذا نقل أهل اللغة، وقد سووا فيه بين الحزن والهم، وعلى هذا

ص: 545

[2479]

وعَن أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيرَةَ: أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَا يُصِيبُ المُؤمِنَ مِن وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ حَتَّى الهَمِّ يُهَمُّهُ إِلَّا كَفَّرَ الله بِهِ مِن سَيِّئَاتِهِ.

رواه أحمد (2/ 335)، والبخاري (5641 - 5642)، ومسلم (2573)، والترمذيُّ (966).

[2480]

وعَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَت: {مَن يَعمَل سُوءًا يُجزَ بِهِ} بَلَغَت مِن المُسلِمِينَ مَبلَغًا شَدِيدًا، فَقَالَ

ــ

فيكون الحزن والهم المذكوران في الحديث مترادفين، ومقصود الحديث ليس كذلك، بل مقصوده: التسوية بين الحزن الشديد، الذي يكون عن فقد محبوب، والهم الذي يقلق الإنسان ويشتغل به فكره من شيء يخافه أو يكرهه في أن كل واحد منهما يكفر به. كما قد جمع في هذا الحديث نفسه بين الوصب، وهو المرض، وبين السقم، لكن أطلق الوصب على الخفيف منه، والسقم على الشديد، ويرتفع الترادف بهذا القدر. ومقصود هذه الأحاديث: أن الأمراض والأحزان - وإن دقت - والمصائب - وإن قلت - أجر المؤمن على جميعها، وكفرت عنه بذلك خطاياه حتى يمشي على الأرض وليست له خطيئة، كما جاء في الحديث الآخر، لكن هذا كله إذا صبر المصاب واحتسب، وقال ما أمر الله تعالى به في قوله:{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ} فمن كان كذلك وصل إلى ما وعد الله به ورسوله من ذلك.

و(قوله: لما نزلت: {مَن يَعمَل سُوءًا يُجزَ بِهِ} بلغت من المسلمين مبلغا شديدا) هذا يدلّ على: أنهم كانوا يتمسكون بالعمومات في العلميات، كما كانوا يتمسكون بها في العمليات. رد على من توقف في ألفاظ العموم، وأن من من ألفاظه، وكذلك النكرة في سياق الشرط، فإنَّهم فهموا

ص: 546

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَارِبُوا وَسَدِّدُوا فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ المُسلِمُ كَفَّارَةٌ حَتَّى النَّكبَةِ يُنكَبُهَا، أَو الشَّوكَةِ يُشَاكُهَا.

رواه أحمد (2/ 248)، ومسلم (2574)، والترمذيُّ (3041).

[2481]

وعن جَابِرُ بنُ عَبدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ

ــ

عموم الأشخاص من من وعموم الأفعال السيئة من سوء المذكور في سياق الشرط، وقد أوضحنا ذلك في الأصول، وإنما عظم موقع هذه الآية عليهم؛ لأنَّ ظاهرها: أن ما من مكلف يصدر عنه شر كائنا ما كان إلا جوزي عليه، يوم الجزاء، وأن ذلك لا يغفر، وهذا أمر عظيم، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شدة ذلك عليهم سكنهم وأرشدهم وبشرهم، فقال: قاربوا وسددوا أي: قاربوا في أفهامكم وسددوا في أعمالكم، ولا تقلوا، ولا تشددوا على أنفسكم، بل بشروا واستبشروا بأن الله تعالى بلطفه قد جعل المصائب التي لا ينفك عنها أحد في هذه الدار سببا لكفارة الخطايا والأوزار، حتى يرد عليه المؤمن يوم القيامة وقد خلصه من تلك الأكدار، وطهره من أذى تلك الأقذار، فضلا من الله ونعمة، ولطفا ورحمة.

و(قوله: حتى الهم يهمه) يجوز في الهم الخفض على العطف على لفظ ما قبله، والرفع على موضعه؛ فإنَّ من زائدة، ويجوز رفعه على الابتداء وما بعده خبره.

فأمَّا (قوله: حتى النكبة ينكبها، والشوكة يشاكها) فيجوز فيه الوجهان، كذلك قيدهما المحققون، غير أن رفع الشوكة لا يجوز إلا على الابتداء خاصة، لأنَّ ما قبلها لا موضع رفع له فتأمله، وقيده القاضي: يهمه بضم الياء وفتح الهاء على ما لم يسم فاعله، وكذا وجدته مقيدا بخط شيخي أبي الصبر أيوب، والذي أذكر أني قرأت به على من أثق به؛ بفتح يهمه -بفتح الياء وضم الهاء مبنيا للفاعل -، ووجهه واضح إذ معناه: حتى الهم يصيبه، أو يطرأ عليه. والنكبة بالباء: العثرة والسقطة، وينكبها - بضم الياء وفتح الكاف -: مبنيا للمفعول.

ص: 547

السَّائِبِ - أَو أُمِّ المُسَيَّبِ - فَقَالَ: مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ - أَو يَا أُمَّ المُسَيَّبِ - تُزَفزِفِينَ؟ قَالَت: الحُمَّى! لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، فَقَالَ: لَا تَسُبِّي الحُمَّى فَإِنَّهَا تُذهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ، كَمَا يُذهِبُ الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ.

رواه مسلم (2575).

ــ

و(قوله: ما لك يا أم السائب! تزفزفين) جميع رواة مسلم روى هذه الكلمة بالزاي والفاء فيهما، ويقال بضم التاء وفتحها من الزفزفة، وهي صوت حفيف الريح. يقال: زفزفت الريح الحشيش: أي حركته، وزفزف النعام في طيرانه: أي: حرك جناحيه، وقد رواه بعض الرواة بالقاف والراء، قال أبو مروان بن سراج: يقال: بالقاف وبالفاء بمعنى واحد، بمعنى ترعدين (1).

قلت: ورواية الفاء أعرف رواية، وأصح معنى، وذلك أن الحمى تكون معها حركة ضعيفة، وحس صوت يشبه الزفزفة التي هي حركة الريح وصوتها في الشجر. وقالوا: ريح زفزافة وزفزف. وأما الرقرقة بالراء والقاف: في التلألؤ واللمعان. ومنه: رقراق السراب، ورقراق الماء: ما ظهر من لمعانه، غير أنه لا يظهر لمعانه إلا إذا تحرك وجاء وذهب، فلهذا حسن أن يقال: مكان الرقراقة، لكن تفارق الزفزفة الرقرقة بأن الزفزفة معها صوت، وليس ذلك مع الرقرقة، فانفصلا.

و(قوله: لا تسبي الحمى) مع أنها لم تصرح بسب الحمى، وإنما دعت عليها بألا يبارك فيها، غير أن مثل هذا الدعاء تضمن تنقيص المدعو عليه وذمه، فصار ذلك كالتصريح بالذم والسب، ففيه ما يدلّ على أن التعريض والتضمين كالتصريح في الدلالة، فيحد كل من يفهم عنه القذف من لفظه؛ وإن لم يصرح به، وهو مذهب مالك كما تقدَّم.

و(قوله: فإنَّها تذهب خطايا بني آدم) هذا تعليل لمنع سب الحمى لما

(1) من الرَّعدة، رهي: رِعْشة في الجسم تكون من فزع أو مرض.

ص: 548